الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              415 - الإمام الشافعي

              ومنهم الإمام الكامل العالم العامل ، ذو الشرف المنيف ، والخلق الظريف ، له السخاء والكرم ، وهو الضياء في الظلم ، أوضح المشكلات ، وأفصح عن المعضلات ، المنتشر علمه شرقا وغربا ، المستفيض مذهبه برا وبحرا ، المتبع للسنن والآثار ، والمقتدي بما اجتمع عليه المهاجرون والأنصار ، اقتبس عن الأئمة الأخيار ، فحدث عنه الأئمة الأحبار الحجازي المطلبي أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله تعالى عنه وأرضاه . حاز المرتبة العالية ، وفاز بالمنقبة السامية ; إذ المناقب والمراتب يستحقها من له الدين والحسب . وقد ظفر الشافعي رحمه الله تعالى بهما جميعا ، شرف العلم العمل به ، وشرف الحسب قربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشرفه في العلم ما خصه الله تعالى به من تصرفه في وجوه العلم ، وتبسطه في فنون الحكم ، [ ص: 64 ] فاستنبط خفيات المعاني ، وشرح بفهمه الأصول والمباني ، ونال ذلك بما يخص الله تعالى به قريشا من نبل الرأي .

              وذلك ما حدثناه عبد الله بن جعفر ، ثنا يوسف بن حبيب ، ثنا أبو داود ح . وحدثنا محمد بن علي بن حبيش ، ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ، ثنا أحمد بن يونس ، ثنا ابن أبي ذيب ، عن الزهري ، عن طلحة بن عبد الله بن عوف ، عن عبد الله الأزهر ، عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " للقرشي مثلا قوة الرجلين من غيرهم " . فسأل ابن شهاب سائل : ما يعني بذلك ؟ قال : نبل الرأي .

              حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن محمد بن عوف ، ثنا عمرو بن عثمان ، ثنا أبي ، ثنا عبد الله بن عبد الله بن عبد العزيز ، عن محمد بن عبد العزيز ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، وسعيد بن المسيب ، عن بحينة بن غزوان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن قوة الرجل من قريش مثل قوة الرجلين من غيرهم " .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك ، ثنا محمد بن يونس بن موسى ، ثنا أبي ، ثنا محمد بن سليمان بن مسحول المخزومي ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن أنس بن مالك قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال : " يا أيها الناس ، قدموا قريشا ولا تقدموها ، أو تعلموا من قريش ، ولا تعلموها ، قوة رجل من قريش تعدل قوة رجلين من غيرهم ، وأمانة رجل منهم تعدل أمانة رجلين من غيرهم " .

              أخبرنا عبد الله بن جعفر ، فيما قرئ عليه وأذن لي ، قال : ثنا أحمد بن يونس الضبي ، ثنا عمار بن نصر ، ثنا إبراهيم بن اليسع المكي ، ثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عن علي قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة فقال : " أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ " قالوا : بلى . قال : " فإني كأني لكم على الحوض فرطا وسائلكم عن اثنتين : عن القرآن ، وعن عترتي ، لا تقدموا قريشا فتهلكوا ولا تختلفوا عنها فتضلوا ، قوة الرجل من قريش قوة رجلين ، ألا لا تفاقهوا قريشا ، فهي أفقه منكم ، لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله [ ص: 65 ] خيار قريش خيار الناس ، وشرار قريش خير شرار الناس " .

              حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن النضر بن معبد ، عن الجارود ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا قريشا : فإن عالمها يملأ الأرض علما ، اللهم إنك أذقت أولها عذابا ووبالا ، فأذق آخرها نوالا " .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا إسحاق بن سعيد بن الأركون أبو سلمة الجمحي الدمشقي ، ثنا خليد بن دعلج أبو عمر السدوسي ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمان أهل الأرض من الاختلاف الموالاة لقريش ، قريش أهل الله - ثلاث مرات - فإذا خالفها قبيلة من العرب صاروا حزب إبليس " .

              حدثنا مخلد بن جعفر ، ثنا الحليس بن أبي الأحوص ، ثنا العلاء بن أبي عمرو ح ، وحدثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اهد قريشا ، فإن علم العالم منهم يسع طباق الأرض ، اللهم أذقت أولها نكالا ، فأذق آخرها نوالا " .

              حدثنا محمد بن عبد العزيز بن سهل الخشاب النيسابوري ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي ، ثنا محمد بن سليمان كريز ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله عز وجل : ( وإنه لذكر لك ولقومك ) قال : يقال : ممن هذا الرجل ؟ فيقال : من العرب ، فيقال : من أيهم ؟ فيقال : من قريش .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية