الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 225 ]

                                                                                                                                                                                                                                        سورة المطففين

                                                                                                                                                                                                                                        ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : ويل للمطففين قال ابن عباس : كان أهل المدينة من أخبث الناس كيلا ، إلى أن أنزل الله تعالى : ويل للمطففين فأحسنوا الكيل ، قال الفراء : فهم من أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا . أعمض بعض المتعمقة فحمله على استيفاء العبادة بين الناس جهرا ، وفي النقصان سرا .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 226 ]

                                                                                                                                                                                                                                        وفي (ويل) سبعة أقاويل : أحدها : أنه واد في جهنم ، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعا .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : صديد أهل النار ، قاله ابن مسعود .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه النار ، قاله عمر مولى عفرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنه الهلاك ، قاله بعض أهل اللغة .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : أنه أشق العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                        السادس : أنه النداء بالخسار والهلاك ، وقد تستعمله العرب في الحرب والسلب .

                                                                                                                                                                                                                                        السابع : أن أصله وي لفلان ، أي الجور لفلان ، ثم كثر استعمال الحرفين فوصلا بلام الإضافة . والمطفف : مأخوذ من الطفيف وهو القليل ، والمطفف هو المقلل حق صاحبه بنقصانه عن الحق في كيل أو وزن . قال الزجاج : بل مأخوذ من طف الشيء وهي جهته . الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون أي من الناس ، ويريد بالاستيفاء الزيادة على ما استحق . وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون يعني كالوا لهم أو وزنوا لهم بحذف هذه الكلمة لما في الكلام من الدلالة عليها ، يخسرون ، ينقصون فكان المطفف يأخذ زائدا ويعطي ناقصا . يوم يقوم الناس لرب العالمين فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : يوم يقومون من قبورهم ، قاله ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : يقومون بين يديه تعالى للقضاء ، قاله يزيد بن الرشك . قال أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير الغفاري : (كيف أنت صانع يوم يقوم [ ص: 227 ]

                                                                                                                                                                                                                                        الناس فيه مقدار ثلاثمائة سنة لرب العالمين ، لا يأتيهم فيه خبر ولا يؤمر فيه بأمر) ، قال بشير : المستعان الله
                                                                                                                                                                                                                                        .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه جبريل يقوم لرب العالمين ، قاله ابن جبير . ويحتمل رابعا : يقومون لرب العالمين في الآخرة بحقوق عباده في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية