الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2065 ) مسألة : قال : ( فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ، لكل مسكين مد من بر ، أو نصف صاع من تمر أو شعير ) لا نعلم خلافا بين أهل العلم في دخول الإطعام في كفارة الوطء في رمضان في الجملة ، وهو مذكور في الخبر ، والواجب فيه إطعام ستين مسكينا ، في قول عامتهم ، وهو في الخبر أيضا ، ولأنه إطعام في كفارة فيها صوم شهرين متتابعين فكان إطعام ستين مسكينا ككفارة الظهار . واختلفوا في قدر ما يطعم كل مسكين ، فذهب أحمد إلى أن لكل مسكين مد بر ، وذلك خمسة عشر صاعا أو نصف صاع من تمر ، أو شعير ، فيكون الجميع ثلاثين صاعا .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة من البر لكل مسكين نصف صاع ، ومن غيره صاع ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سلمة بن صخر : { فأطعم وسقا من تمر } . رواه أبو داود . وقال أبو هريرة : يطعم مدا من أي الأنواع شاء . وبهذا قال عطاء ، والأوزاعي ، والشافعي ; لما روى أبو هريرة ، في حديث المجامع ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمكتل من تمر ، قدره خمسة عشر صاعا ، فقال : { خذ هذا ، فأطعمه عنك } . رواه أبو داود . ولنا ما روى أحمد ، حدثنا إسماعيل ، حدثنا أيوب ، عن أبي يزيد المدني قال : { جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمظاهر : أطعم هذا ، فإن مدي شعير مكان مد بر } . ولأن فدية الأذى نصف صاع من التمر والشعير ، بلا خلاف ، فكذا هذا .

                                                                                                                                            والمد من البر يقوم مقام نصف صاع من غيره ، بدليل حديثنا ، ولأن الإجزاء بمد منه قول ابن عمر ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وزيد ولا مخالف لهم في الصحابة . وأما حديث سلمة بن صخر ، فقد اختلف فيه ، وحديث أصحاب الشافعي يجوز أن يكون الذي أتي به النبي صلى الله عليه وسلم قاصرا عن الواجب ، فاجتزئ به لعجز المكفر عما سواه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية