الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حرض ]

                                                          حرض : التحريض : التحضيض . قال الجوهري : التحريض على القتال الحث والإحماء عليه . قال الله تعالى : ياأيها النبي حرض المؤمنين على القتال قال الزجاج : تأويله حثهم على القتال ، قال : وتأويل التحريض في اللغة أن تحث الإنسان حثا يعلم معه أنه حارض إن تخلف عنه ، قال : والحارض الذي قد قارب الهلاك . قال ابن سيده : وحرضه حضه . وقال اللحياني : يقال حارض فلان على العمل وواكب عليه وواظب وواصب عليه إذا داوم القتال ؛ فمعنى حرض المؤمنين على القتال حثهم على أن يحارضوا أي يداوموا على القتال حتى يثخنوهم . ورجل حرض وحرض : لا يرجى خيره ولا يخاف شره ، الواحد والجمع والمؤنث في حرض سواء . وقد جمع على أحراض وحرضان ، وهو أعلى ، فأما حرض ، بالكسر ، فجمعه حرضون لأن جمع السلامة في فعل صفة أكثر ، وقد يجوز أن يكسر على أفعال لأن هذا الضرب من الصفة ربما كسر عليه ، نحو نكد وأنكاد . الأزهري عن الأصمعي : ورجل حارضة للذي لا خير فيه . والحرضان : كالحرض والحرض ، والحرض والحرض الفاسد . حرض الرجل نفسه يحرضها حرضا : أفسدها . ورجل حرض وحرض ; أي فاسد مريض في بنائه ، واحده وجمعه سواء . وحرضه المرض وأحرضه إذا أشفى منه على شرف الموت ، وأحرض هو نفسه كذلك . الأزهري : المحرض الهالك مرضا الذي لا حي فيرجى ولا ميت فيوأس منه ; قال امرؤ القيس :


                                                          أرى المرء ذا الأذواد يصبح محرضا كإحراض بكر في الديار مريض



                                                          ويروى : محرضا . وفي الحديث : ما من مؤمن يمرض مرضا حتى يحرضه أي يدنفه ويسقمه ; أحرضه المرض ، فهو حرض وحارض إذا أفسد بدنه وأشفى على الهلاك . وحرض يحرض ويحرض حرضا وحروضا : هلك . ويقال : كذب كذبة فأحرض نفسه ; أي أهلكها . وجاء بقول حرض أي هالك . وناقة حرضان : ساقطة . وجمل حرضان : هالك ، وكذلك الناقة بغير هاء . وقال الفراء في قوله تعالى : حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين يقال : رجل حرض وقوم حرض وامرأة حرض ، يكون موحدا على كل حال ، الذكر والأنثى والجمع فيه سواء ، قال : ومن العرب من يقول للذكر [ ص: 88 ] حارض وللأنثى حارضة ، ويثنى هاهنا ويجمع لأنه خرج على صورة فاعل ، وفاعل يجمع . قال : والحارض الفاسد في جسمه وعقله ، قال : وأما الحرض فترك جمعه لأنه مصدر بمنزلة دنف وضنى ، قوم دنف وضنى ورجل دنف وضنى . وقال الزجاج : من قال رجل حرض فمعناه ذو حرض ، ولذلك لا يثنى ولا يجمع ، وكذلك رجل دنف ذو دنف ، وكذلك كل ما نعت بالمصدر . وقال أبو زيد في قوله : حتى تكون حرضا ، أي مدنفا ، وهو محرض ; وأنشد :


                                                          أمن ذكر سلمى غربة أن نأت بها     كأنك حم للأطباء محرض ؟



                                                          والحرض : الذي أذابه الحزن أو العشق وهو في معنى محرض ، وقد حرض ، بالكسر ، وأحرضه الحب أي أفسده ; وأنشد للعرجي :


                                                          إني امرؤ لج بي حب فأحرضني     حتى بليت وحتى شفني السقم



                                                          أي أذابني . والحرض والمحرض والإحريض : الساقط الذي لا يقدر على النهوض ، وقيل : هو الساقط الذي لا خير فيه . وقال أكثم بن صيفي : سوء حمل الناقة يحرض الحسب ويدير العدو ويقوي الضرورة ; قال : يحرضه أي يسقطه . ورجل حرض : لا خير فيه ، وجمعه أحراض ، والفعل حرض يحرض حروضا . وكل شيء ذاو حرض . والحرض : الرديء من الناس والكلام ، والجمع أحراض ، فأما قول رؤبة :


                                                          يا أيها القائل قولا حرضا



                                                          فإنه احتاج فسكنه . والحرض والأحراض : السفلة من الناس . وفي حديث عوف بن مالك : رأيت محلم بن جثامة في المنام فقلت : كيف أنتم ؟ فقال : بخير ، وجدنا ربنا رحيما غفر لنا ، فقلت : لكلكم ؟ قال : لكلنا غير الأحراض ، قلت : ومن الأحراض ؟ قال : الذين يشار إليهم بالأصابع ; أي اشتهروا بالشر ، وقيل : هم الذين أسرفوا في الذنوب فأهلكوا أنفسهم ، وقيل : أراد الذين فسدت مذاهبهم . والحرضة : الذي يضرب للأيسار بالقداح لا يكون إلا ساقطا ، يدعونه بذلك لرذالته ; قال الطرماح يصف حمارا :


                                                          ويظل المليء يوفي على القر     ن عذوبا ، كالحرضة المستفاض



                                                          المستفاض : الذي أمر أن يفيض القداح ، وهذا البيت أورده الأزهري عقيب روايته عن أبي الهيثم . الحرضة : الرجل الذي لا يشتري اللحم ولا يأكله بثمن إلا أن يجده عند غيره ، وأنشد البيت المذكور وقال : أي الوقت الطويل لا يأكل شيئا . ورجل محروض : مرذول ، والاسم من ذلك الحراضة والحروضة والحروض . وقد حرض وحرض حرضا ، فهو حرض ، ورجل حارض : أحمق ، والأنثى بالهاء . وقوم حرضان : لا يعرفون مكان سيدهم . والحرض : الذي لا يتخذ سلاحا ولا يقاتل . والإحريض : العصفر عامة ، وفي حديث عطاء في ذكر الصدقة : كذا وكذا والإحريض ، قيل : هو العصفر ; قال الراجز :


                                                          أرق عينيك ، عن الغموض     برق سرى في عارض نهوض
                                                          ملتهب كلهب الإحريض     يزجي خراطيم غمام بيض



                                                          وقيل : هو العصفر الذي يجعل في الطبخ ، وقيل : حب العصفر . وثوب محرض : مصبوغ بالعصفر . والحرض : من نجيل السبخ ، وقيل : هو من الحمض ، وقيل : هو الأشنان تغسل به الأيدي على أثر الطعام ، وحكاه سيبويه الحرض ، بالإسكان ، وفي بعض النسخ الحرض وهو حلقة القرط . والمحرضة : وعاء الحرض وهو النوفلة . والحرض : الجص . والحراض : الذي يحرق الجص ويوقد عليه النار ; قال عدي بن زيد :


                                                          مثل نار الحراض يجلو ذرى المز     ن لمن شامه ، إذا يستطير



                                                          قال ابن الأعرابي : شبه البرق في سرعة وميضه بالنار في الأشنان لسرعتها فيه ، وقيل : الحراض الذي يعالج القلي . قال أبو نصر : هو الذي يحرق الأشنان . قال الأزهري : شجر الأشنان يقال له الحرض وهو من الحمض ومنه يسوى القلي الذي تغسل به الثياب ، ويحرق الحمض رطبا ثم يرش الماء على رماده فينعقد ويصير قليا . والحراض أيضا : الذي يوقد على الصخر ليتخذ منه نورة أو جصا ، والحراضة : الموضع الذي يحرق فيه ، وقيل : الحراضة مطبخ الجص ، وقيل : الحراضة موضع إحراق الأشنان يتخذ منه القلي للصباغين ، كل ذلك اسم كالبقالة والزراعة ، ومحرقه احراض ، واحراض والإحريض : الذي يوقد على الأشنان والجص . قال أبو حنيفة : الحراضة سوق الأشنان .

                                                          وأحرض الرجل أي ولد ولد سوء . والأحراض والحرضان : الضعاف الذين لا يقاتلون ; قال الطرماح :


                                                          من يرم جمعهم يجدهم مراجي     ح حماة للعزل الأحراض



                                                          وحرض : ماء معروف في البادية . وفي الحديث ذكر الحرض ، بضمتين ، هو واد عند أحد . وفي الحديث ذكر حراض ، بضم الحاء وتخفيف الراء : موضع قرب مكة ، قيل : كانت به العزى .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية