الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 333 ]

                                                                                                                                                                                                                                        سورة العصر

                                                                                                                                                                                                                                        مكية ، وفي إحدى الروايتين عن ابن عباس وقتادة أنها مدنية . بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى والعصر وهذا قسم ، فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن العصر الدهر ، قاله ابن عباس وزيد بن أسلم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه العشي ما بين زوال الشمس وغروبها ، قاله الحسن وقتادة ، ومنه قول الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        تروح بنا يا عمرو قد قصر العصر وفي الروحة الأولى الغنيمة والأجر



                                                                                                                                                                                                                                        وخصه بالقسم لأن فيه خواتيم الأعمال . ويحتمل ثالثا : أن يريد عصر الرسول صلى الله عليه وسلم لفضله بتجديد النبوة فيه . وفيه رابع : أنه أراد صلاة العصر ، وهي الصلاة الوسطى ، لأنها أفضل الصلوات ، قاله مقاتل . إن الإنسان لفي خسر يعني بالإنسان جنس الناس . وفي الخسر أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 334 ]

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : لفي هلاك ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : لفي شر ، قاله زيد بن أسلم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : لفي نقص ، قاله ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : لفي عقوبة ، ومنه قوله تعالى : وكان عاقبة أمرها خسرا وكان علي رضي الله عنه يقرؤها : والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان لفي خسر وإنه فيه إلى آخر الدهر . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق في الحق ثلاثة تأويلات : أحدها : أنه التوحيد ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه القرآن ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه الله ، قاله السدي . ويحتمل رابعا : أن يوصي مخلفيه عند حضور المنية ألا يموتن إلا وهم مسلمون . وتواصوا بالصبر فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : على طاعة الله ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : على ما افترض الله ، قاله هشام بن حسان . ويحتمل تأويلا ثالثا : بالصبر عن المحارم واتباع الشهوات .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية