الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2103 ) مسألة : قال ( وإذا أسلم الكافر في شهر رمضان ، صام ما يستقبل من بقية شهره ) أما صوم ما يستقبله من بقية شهره ، فلا خلاف فيه ، وأما قضاء ما مضى من الشهر قبل إسلامه ، فلا يجب . وبهذا قال الشعبي ، وقتادة ، ومالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . وقال عطاء : عليه قضاؤه . وعن الحسن كالمذهبين .

                                                                                                                                            ولنا ، أن ما مضى عبادة خرجت في حال كفره ، فلم يلزمه قضاؤه ، كالرمضان الماضي . ( 2104 ) فصل : فأما اليوم الذي أسلم فيه ، فإنه يلزمه إمساكه ويقضيه . هذا المنصوص عن أحمد وبه قال الماجشون ، وإسحاق .

                                                                                                                                            وقال مالك ، وأبو ثور وابن المنذر : لا قضاء عليه ; لأنه لم يدرك في زمن العبادة ما يمكنه التلبس بها فيه ، فأشبه ما لو أسلم بعد خروج اليوم ، وقد روي ذلك عن أحمد . ولنا أنه أدرك جزءا من وقت العبادة فلزمته ، كما لو أدرك جزءا من وقت الصلاة . ( 2105 ) فصل : فأما المجنون إذا أفاق في أثناء الشهر ، فعليه صوم ما بقي من الأيام ، بغير خلاف . وفي قضاء اليوم الذي أفاق فيه وإمساكه روايتان . ولا يلزمه قضاء ما مضى .

                                                                                                                                            وبهذا قال أبو ثور ، والشافعي في الجديد . وقال مالك : يقضي ، وإن مضى عليه سنون . وعن أحمد مثله ، وهو قول الشافعي في القديم ; لأنه معنى يزيل العقل ، فلم يمنع وجوب الصوم ، كالإغماء . وقال أبو حنيفة : إن جن جميع الشهر ، فلا قضاء عليه ، وإن أفاق في أثنائه قضى ، ما [ ص: 47 ] مضى ; لأن الجنون لا ينافي الصوم بدليل ما لو جن في أثناء الصوم لم يفسد ، فإذا وجد في بعض الشهر ، وجب القضاء ، كالإغماء . ولنا أنه معنى يزيل التكليف ، فلم يجب القضاء في زمانه ، كالصغر والكفر . ويخص أبا حنيفة بأنه معنى ، لو وجد في جميع الشهر أسقط القضاء ، فإذا وجد في بعضه أسقطه ، كالصغر والكفر ، ويفارق الإغماء في ذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية