الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حزق ]

                                                          حزق : حزقه حزقا : عصبه وضغطه . والحزق : شدة جذب الرباط والوتر . حزقه يحزقه حزقا وحزقه بالحبل يحزقه حزقا : شده . وحزق القوس يحزقها حزقا : شد وترها ، وكل رباط حزاق . ورجل حزقة وحزقة ومتحزق : بخيل متشدد على ما في يديه ضنا به ، والاسم الحزق ; قال الأزهري : وكذلك الحزق والحزقة والحزق مثله ; وأنشد :


                                                          فهي تعادى من حزاز ذي حزق



                                                          وفي الحديث : أن عليا ، رضي الله عنه ، خطب أصحابه في أمر المارقين وحضهم على قتالهم فلما قتلوهم جاءوا فقالوا : أبشر يا أمير المؤمنين فقد استأصلناهم ! فقال علي : حزق عير حزق عير قد بقيت منهم بقية ; قال المفضل : في قوله حزق عير هذا مثل تقوله العرب للرجل المخبر بخبر غير تام ولا محصل ، حزق عير أي حصاص حمار أي ليس الأمر كما زعمتم ; وقال أبو العباس في قوله : وفيه قول آخر : أراد علي أن أمرهم محكم بعد كحزق حمل الحمار ، وذلك أن الحمار يضطرب بحمله ، فربما ألقاه فيحزق حزقا شديدا ، يقول علي : فأمرهم بعد محكم ; وقال ابن الأثير : الحزق الشد البليغ والتضييق ; يقال : حزقه بالحبل إذا قوى شده ; أراد أن أمرهم بعد في إحكامه كأنه حمل حمار بولغ في شده ، وتقديره حزق حمل عير ، فحذف المضاف وإنما خص الحمار بإحكام الحمل ؛ لأنه ربما اضطرب فألقاه ، وقيل : الحزق الضراط ، أي أن ما فعلتم بهم في قلة الاكتراث له هو ضراط حمار . ورجل حزق وحزق وحزقة : قصير يقارب الخطو ; قال امرؤ القيس :


                                                          وأعجبني مشي الحزقة خالد     كمشي أتان حلئت بالمناهل



                                                          وفي كلامهم : حزقة حزقه ، ترق عين بقه ; ترق أي ارق من قولك : رقيت في الدرجة . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كان يرقص الحسن أو الحسين ويقول : حزقة حزقه ، ترق عين بقه ; الحزقة : الضعيف الذي يقارب خطوه من ضعف فكان يرقى حتى يضع قدميه على صدر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال ابن الأثير : ذكرها له على سبيل المداعبة والتأنيس له ، وترق : بمعنى اصعد ، وعين بقة : كناية عن صغر العين ، وحزقة مرفوع على خبر مبتدأ محذوف تقديره أنت حزقة ، وحزقة الثاني كذلك ، أو أنه خبر مكرر ، ومن لم ينون : " حزقة " . أراد يا حزقة ، فحذف حرف النداء ، وهو في الشذوذ كقولهم أطرق كرا لأن حرف النداء إنما يحذف من العلم المضموم أو المضاف ، وقيل الحزقة [ ص: 107 ] القصير الضخم البطن الذي إذا مشى أدار استه . والحزق والحزقة أيضا : السيئ الخلق البخيل ; أنشد ابن الأعرابي لرجل من بني كلاب :


                                                          وليس بحواز لأحلاس رحله     ومزوده كيسا من الرأي أو زهدا
                                                          حزق ، إذا ما القوم أبدوا فكاهة     تذكر أإياه يعنون أم قردا



                                                          قال الأزهري : قال أبو تراب سمعت شمرا وأبا سعيد يقولان : رجل حزقة وحزمة إذا كان قصيرا . وقال شمر : الحزق الضيق القدرة والرأي الشحيح ، قال : فإن كان قصيرا دميما فهو حزقة أيضا . الأصمعي : رجل حزقة وهو الضيق الرأي من الرجال والنساء ، وأنشد بيت امرئ القيس وقد تقدم . والحزقة : القطعة من الجراد ; وقيل : الحزقة القطعة من كل شيء حتى الريح والجمع حزق ; قال :


                                                          غير الجدة من عرفانها     حزق الريح وطوفان المطر



                                                          وهي الحزيقة ، والجمع حزائق وحزيق وحزق . الأصمعي : الحزيق الجماعة من الناس ; قال لبيد :


                                                          ورقاق عصب ظلمانه     كحريق الحبشيين الزجل



                                                          الجوهري : الحزق والحزقة الجماعة من الناس والطير وغيرها . وفي الحديث في فضل البقرة وآل عمران : كأنهما حزقان من طير صواف ، والجمع الحزق مثل فرقة وفرق ; قال عنترة :


                                                          تأوي له حزق النعام ، كما أوت     قلص يمانية لأعجم طمطم



                                                          ويروى حزق . والحزق والحزيقة : الجماعة من كل شيء ، ويروى بالخاء والراء وسنذكره . وفي حديث أبي سلمة : لم يكن أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، متحزقين ولا متماوتين أي متقبضين ومجتمعين . وقيل للجماعة حزقة لانضمام بعضهم إلى بعض . قال ابن سيده : والحازقة والحزاقة العير ، طائية ; وأنشد ابن بري في الحازقة وجمعه حوازق :


                                                          ومنهل ليس به حوازق



                                                          قال : ويقال هو جمع حوزقة لغة في حازقة ; قال الجوهري : وكذلك الحازقة والحزيق والحزيقة ; قال ذو الرمة يصف حمر الوحش :


                                                          كأنه ، كلما ارفضت حزيقتها     بالصلب من نهسه أكفالها ، كلب



                                                          وفي الحديث : لا رأي لحازق ; الحازق الذي ضاق عليه خفه فحزق رجله أي عصرها وضغطها ، وهو فاعل بمعنى مفعول . وفي الحديث : ( لا يصلي وهو حاقن أو حاقب أو حازق ) . الأزهري : يقال أحزقته إحزاقا إذا منعته ; قال أبو وجزة :


                                                          فما المال إلا سؤر حقك كله     ولكنه عما سوى الحق محزق



                                                          والحزيقة : كالحديقة . وحازق وحازوق وحزاق : أسماء ; قال :


                                                          أقلب طرفي في الفوارس لا أرى حزاقا     وعيني كالحجاة من القطر
                                                          فلو بيدي ملك اليمامة ، لم تزل     قبائل يسبين العقائل من شكر



                                                          قال ابن سيده : حازوق اسم رجل من الخوارج جعلته امرأته حزاقا وقالت ترثيه . . . وأنشد هذين البيتين :

                                                          أقلب طرفي . . . .

                                                          وقال ابن بري : هو لخرنق ترثي أخاها حازوقا ، وكان بنو شكر قتلوه وهم من الأزد ، وقيل : البيت للحنفية ترثي أخاها حازوقا ، قتله بنو شكر على ما تقدم ; قال ابن سيده : وقيل إنما أراد حازوقا أو حازقا فلم يستقم له الشعر فغيره ، ومثله كثير . وفي حديث الشعبي : اجتمع جوار فأرن وأشرن ولعبن الحزقة ; قيل : هي لعبة من اللعب أخذت من التحزق التجمع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية