الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

المغني

ابن قدامة - موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

صفحة

جزء

( 2147 ) مسألة : قال أبو القاسم رحمه الله : ( والاعتكاف سنة ، إلا أن يكون نذرا ، فيلزم الوفاء به ) لا خلاف في هذه الجملة بحمد الله . قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا ، إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذرا ، فيجب عليه . ومما يدل على أنه سنة ، فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومداومته عليه ، تقربا إلى الله تعالى ، وطلبا لثوابه ، واعتكاف أزواجه معه وبعده ، ويدل على أنه غير واجب أن أصحابه لم يعتكفوا ، ولا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم به إلا من أراده .

وقال عليه السلام { : من أراد أن يعتكف ، فليعتكف العشر الأواخر } . ولو كان واجبا لما علقه بالإرادة . وأما إذا نذره ، فيلزمه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من نذر أن يطيع الله فليطعه } . رواه البخاري . وعن عمر ، أنه قال { : يا رسول الله ، إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك } . رواه البخاري ، ومسلم .

( 2147 ) مَسْأَلَةٌ : قَالَ أَبُو الْقَاسِم رَحِمَهُ اللَّهُ : ( وَالِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ نَذْرًا ، فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ ) لَا خِلَافَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ بِحَمْدِ اللَّهِ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ سُنَّةٌ لَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ فَرْضًا ، إلَّا أَنْ يُوجِبَ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ الِاعْتِكَافَ نَذْرًا ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ ، فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدَاوَمَتُهُ عَلَيْهِ ، تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَطَلَبًا لِثَوَابِهِ ، وَاعْتِكَافُ أَزْوَاجِهِ مَعَهُ وَبَعْدَهُ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ أَنَّ أَصْحَابَهُ لَمْ يَعْتَكِفُوا ، وَلَا أَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ إلَّا مَنْ أَرَادَهُ .

وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ ، فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ } . وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا عَلَّقَهُ بِالْإِرَادَةِ . وَأَمَّا إذَا نَذَرَهُ ، فَيَلْزَمُهُ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ } . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَعَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ { : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنِّي نَذَرْت أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْفِ بِنَذْرِك } . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ .

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث