الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 371 ] النظر الرابع : في أحكام أمهات الأولاد ، وفيه خمس عشرة مسألة

                                                                                                                الأولى : في التنبيهات : أمهات الأولاد ساداتهن الأحرار لهن حكم الأحرار في ستة أوجه ، والعبيد في أربعة أوجه فلا يبعن في دين ولا غيره ، ولا يرهن ، ولا يوهبن ، ولا يؤاجرن ، ولا يسلمن في جناية ، ولا يستسعين ، وحكم العبيد في انتزاع مالهن ما لم يمرض السيد ، ويجبرن على النكاح في أحد القولين ، ويستخدمن الخدمة الخفيفة مما لا يلزم الحرة ويستمتع بهن كالأمة .

                                                                                                                الثانية : في الكتاب : إذا ولدت في حياة سيدها أو بعد موته أو بعد أن أعتقها لما تلد له النساء لحقه ، إلا أن يدعي الحي استبراء وينفي الولد .

                                                                                                                الثالثة : إذا ارتد ولحق بدار الحرب أو أسر فتنصر بها وقف ماله وأم ولده ومدبروه ، وتحرم على المرتد أم ولده في ردته حتى يسلم فترجع إليه مع ماله ; لأن المنافع الإذن فيها تابع لاستقرار الحياة ، وحياة المرتد مطلوبة الإعدام ، وإن قتل عتقت من رأس المال ، ومدبره في الثلث بمقتضى العقود وتبطل وصاياه ، وماله للمسلمين ، قال ابن يونس : قال أشهب : يعتق بالردة كما تبطل عصمة الزوجة ، قال : وهو أقيس ; لأن القاعدة : أن أم الولد إذا حرم وطؤها عتقت كالنصراني تسلم أم ولده ، والردة أشد ; لأن من أسلمت امرأته هو أملك بها إن أسلم في عدتها ، وإذا ارتد لا تحل له إلا بنكاح جديد بعد إسلامه ، ولأنه أدخل الردة في مدة الإيقاف بخلاف أم ولد النصراني ; لأنه لا يجبر على [ ص: 372 ] الإسلام ، وتبطل الوصية ; لأنه كان أوصى حال ردته لما كان له الرجوع ، ووصية المرتد باطلة للحجر عليه في ماله ، قال اللخمي : قال أشهب في الزوجة : إن لم يتب حتى انقضت العدة بانت ، وكان الطلاق من يوم ارتد ، فإن تاب قبل انقضائها بقيت على الزوجية كإسلام المرأة فعلى هذا تكون أم الولد في الاستبراء إن تاب قبل فراغ الحيضة حلت له ، وإلا حرمت ، وكانت حرة من يوم الردة .

                                                                                                                الرابعة : في الكتاب : إن أسلمت أم ولد الذمي : قال مالك مرة : توقف حتى يموت أو يسلم فتحل له ، ورجع إلى أنها تعتق ، وولاؤها للمسلمين ; لأنه لم يبق فيها إلا الوطء قد حرم ، ولا يستسعيها في قيمتها ، فإن أسلم بعدها قبل أن تعتق فهو أحق بها وتبقى له أم ولد ، وإن طال ما بين إسلامها وما مات من غير سيدها الذمي بعد أن أولدها لا تعتق بإسلامها ; لأن الابن يتبع الأب في الدين ، وإن أسلم كبار الولد لم يعتقوا إلا بموت السيد ، وإن أسلمت أم ولد المكاتب الذمي ، وسيدها ذمي أو مسلم وقفت ، فإن أدى الكتابة عتق وعتقت ، أو عجز رقت وبيعت ، قال ابن يونس : قال محمد : إن أسلمت أم ولد الذمي عرض على سيدها الإسلام ، فإن امتنع عتقت بالحكم قاله مالك وأصحابه ، قال ابن عبد الحكم : إن اسلم قبل حيضة فهو أحق أو بعدها عتقت كإسلام امرأته ، قال بعض الشيوخ : إذا وقفت حتى تموت أو يسلم ، نفقتها على سيدها يحسبها له ، فإن لم يكن له مال ولا لها : عتقت ، كما قيل : إن عجز المسلم عن نفقة أم ولده عتقت كما تطلق الزوجة ، وقيل في العجز عن النفقة بزوجها ، وهو الفرق بينها وبين الزوجة ، وإن أسلم هو دونها بقيت له أم ولد .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية