الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              461 - داود البلخي

              قال الشيخ رحمه الله : ومن متقدمي شيوخ المشرق داود البلخي ، وإبراهيم بن أدهم ، وشقيق البلخي ، وحاتم الأصم ، وقد تقدم ذكرهم غير داود البلخي ، فإنه لم ينشر عنه كانتشار إبراهيم وشقيق وحاتم ، ولم أر له ذكرا فيما وقع إلينا إلا ما يحكي عنه إبراهيم بن أدهم أنه قال : أصحبت رجلا بين الكوفة ومكة ، فإذا صلى ركعتين تجوز فيهما وتكلم بكلام خفي بينه وبين نفسه ، فإذا عن يمينه جفنة ثريد وكوز ماء ، فأكل وأطعمني ، فذكرت ذلك لبعض المشايخ ممن له آيات وكرامات ، فقال لي : يا بني ، ذاك أخي داود ، ووصف من حاله ما أبكى من حوله ، ومسكنه من وراء نهر بلخ بقرية يقال لها : الصادر تفخر على البقاع بكينونة داود فيها ، ثم قال : يا بني ماذا علمك ، وقال لك ؟ قلت : علمني اسم الله الأعظم . فقال [ ص: 45 ] الشيخ : فما هو ؟ قلت له إنه لكبير في قلبي أن أنطق به لساني ، فإني سألت الله مرة وإذا رجل يحجزني فقال : سل تعطه فراعني ذلك وفزعت منه فزعا شديدا فقال : لا بأس ولا روع ، أنا أخوك الخضر ، فقال : إن أخي داود علمك اسم الله الأعظم ، والله يثبت به قلبك ويقوي به ضعفك ويؤنس به وحشتك ويؤمن به روعتك ويجدد به رغبتك ويعينك ، إن الزاهدين في الدنيا اتخذوا الرضا عن الله لباسا ، وحبه دثارا ، والأثرة شعارا ، فتفضل الله عليهم ، قال الشيخ رحمه الله : رأيت هذه الحكاية مروية عن محمد بن الفرحي عن عثمان بن عمار ، عن إبراهيم بن أدهم ، فأحببت أن لا أخلي الكتاب من ذكر داود رحمه الله .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية