الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حشر ]

                                                          حشر : حشرهم يحشرهم ويحشرهم حشرا : جمعهم ; ومنه يوم المحشر . والحشر : جمع الناس يوم القيامة . والحشر : حشر يوم القيامة . والمحشر : المجمع الذي يحشر إليه القوم ، وكذلك إذا حشروا إلى بلد أو معسكر أو نحوه ; قال الله عز وجل : لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا نزلت في بني النضير ، وكانوا قوما من اليهود عاقدوا النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لما نزل المدينة أن لا يكونوا عليه ولا له ، ثم نقضوا العهد وما يلوا كفار أهل مكة ، فقصدهم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ففارقوه على الجلاء من منازلهم فجلوا إلى الشام . قال الأزهري : وهو أول حشر حشر إلى أرض المحشر ثم يحشر الخلق يوم القيامة إليها ، قال : ولذلك قيل : لأول الحشر ، وقيل : إنهم أول من أجلي من أهل الذمة من جزيرة العرب ثم أجلي آخرهم أيام عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، منهم نصارى نجران ويهود خيبر . وفي الحديث : انقطعت الهجرة إلا من ثلاث : جهاد أو نية أو حشر ; أي جهاد في سبيل الله ، أو نية يفارق بها الرجل الفسق والفجور إذا لم يقدر على تغييره ، أو جلاء ينال الناس فيخرجون عن ديارهم . والحشر : هو الجلاء عن الأوطان ; وقيل : أراد بالحشر الخروج من النفير إذا عم . الجوهري : المحشر ، بكسر [ ص: 128 ] الشين ، موضع الحشر . والحاشر : من أسماء سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه قال : ( أحشر الناس على قدمي ) وقال ، صلى الله عليه وسلم : ( لي خمسة أسماء : أنا محمد وأحمد والماحي يمحو الله بي الكفر ، والحاشر أحشر الناس على قدمي ، والعاقب ) . قال ابن الأثير في أسماء النبي ، صلى الله عليه وسلم : الحاشر الذي يحشر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إني لي أسماء ) أراد أن هذه الأسماء التي عدها مذكورة في كتب الله تعالى ، المنزلة على الأمم التي كذبت بنبوته حجة عليهم . وحشر الإبل : جمعها ; فأما قوله ، تعالى : ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون فقيل : إن الحشر هاهنا الموت ، وقيل : النشر ، والمعنيان متقاربان لأنه كله كفت وجمع . الأزهري : قال الله عز وجل : وإذا الوحوش حشرت وقال : ثم إلى ربهم يحشرون قال أكثر المفسرين : تحشر الوحوش كلها وسائر الدواب حتى الذباب للقصاص ، وأسندوا ذلك إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وقال بعضهم : حشرها موتها في الدنيا . قال الليث : إذا أصابت الناس سنة شديدة فأجحفت بالمال وأهلكت ذوات الأربع قيل : قد حشرتهم السنة تحشرهم وتحشرهم ، وذلك أنها تضمهم من النواحي إلى الأمصار . وحشرت السنة مال فلان : أهلكته ; قال رؤبة :


                                                          وما نجا ، من حشرها المحشوش وحش ولا طمش من الطموش



                                                          والحشرة : واحدة صغار دواب الأرض كاليرابيع والقنافذ والضباب ونحوها ، وهو اسم جامع لا يفرد الواحد إلا أن يقولوا : هذا من الحشرة ، ويجمع مسلما ; قال :


                                                          يا أم عمرو ! من يكن عقر داره     جوار عدي يأكل الحشرات ؟



                                                          وقيل : الحشرات هوام الأرض مما لا اسم له . الأصمعي : الحشرات والأحراش والأحناش واحد ، وهي هوام الأرض . وفي حديث الهرة : ( لم تدعها فتأكل من حشرات الأرض ) وهي هوام الأرض ، ومنه حديث التلب : لم أسمع لحشرة الأرض تحريما ; وقيل : الصيد كله حشرة ، ما تعاظم منه وتصاغر ; وقيل : كل ما أكل من بقل الأرض حشرة . والحشرة أيضا : كل ما أكل من بقل الأرض كالدعاع والفث . وقال أبو حنيفة : الحشرة القشرة التي تلي الحبة ، والجمع حشر . وروى ابن شميل عن ابن الخطاب قال : الحبة عليها قشرتان ، فالتي تلي الحبة الحشرة ، والجمع الحشر ، والتي فوق الحشرة القصرة . قال الأزهري : والمحشرة في لغة أهل اليمن ما بقي في الأرض وما فيها من نبات بعد ما يحصد الزرع ، فربما ظهر من تحته نبات أخضر فتلك المحشرة يقال : أرسلوا دوابهم في المحشرة . وحشر السكين والسنان حشرا : أحده فأرقه وألطفه ; قال :


                                                          لدن الكعوب ومحشور حديدته     وأصمع غير مجلوز على قضم



                                                          المجلوز : المشدد تركيبه من الجلز الذي هو اللي والطي : وسنان حشر : دقيق ; وقد حشرته حشرا . وفي حديث جابر : فأخذت حجرا من الأرض فكسرته وحشرته ، قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية ، وهو من حشرت السنان إذا دققته ، والمشهور بالسين ، وقد تقدم . وحربة حشرة : حديدة . الأزهري في النوادر : حشر فلان في ذكره وفي بطنه ، وأحثل فيهما إذا كانا ضخمين من بين يديه . وفي الحديث : ( نار تطرد الناس إلى محشرهم ) يريد به الشام لأن بها يحشر الناس ليوم القيامة . وفي الحديث الآخر : ( وتحشر بقيتهم إلى النار ) أي تجمعهم وتسوقهم . وفي الحديث : أن وفد ثقيف اشترطوا أن لا يعشروا ولا يحشروا ; أي لا يندبون إلى المغازي ولا تضرب عليهم البعوث ، وقيل : لا يحشرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم بل يأخذها في أماكنهم ; ومنه حديث صلح أهل نجران : على أن لا يحشروا ; وحديث النساء : لا يعشرن ولا يحشرن ; يعني للغزاة فإن الغزو لا يجب عليهن . والحشر من القذذ والآذان : المؤللة الحديدة ، والجمع حشور ; قال أمية بن أبي عائذ :


                                                          مطاريح بالوعث مر الحشو     ر ، هاجرن رماحة زيزفونا



                                                          والمحشورة : كالحشر . الليث : الحشر من الآذان ومن قذذ ريش السهام ما لطف كأنما بري بريا . وأذن حشرة وحشر : صغيرة لطيفة مستديرة ; وقال ثعلب : دقيقة الطرف ، سميت في الأخيرة بالمصدر لأنها حشرت حشرا ; أي صغرت وألطفت . وقال الجوهري : كأنها حشرت حشرا أي بريت وحددت ، وكذلك غيرها ; فرس حشور ، والأنثى حشورة . قال ابن سيده : من أفرده في الجمع ولم يؤنث فلهذه العلة ; كما قالوا : رجل عدل ونسوة عدل ، ومن قال حشرات فعلى حشرة ، وقيل : كل لطيف دقيق حشر . قال ابن الأعرابي : يستحب في البعير أن يكون حشر الأذن ، وكذلك يستحب في الناقة ; قال ذو الرمة :


                                                          لها أذن حشر وذفرى لطيفة     وخذ كمرآة الغريبة أسجح



                                                          الجوهري : آذان حشر لا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر في الأصل مثل قولهم ماء غور وماء سكب ، وقد قيل : أذن حشرة ; قال النمر بن تولب :


                                                          لها أذن حشرة مشرة     كإعليط مرخ إذا ما صفر



                                                          وسهم محشور وحشر : مستوي قذذ الريش . قال سيبويه : سهم حشر وسهام حشر ; وفي شعر هذيل : سهم حشر ، فإما أن يكون على النسب كطعم ، وإما أن يكون على الفعل توهموه وإن لم يقولوا حشر ; قال أبو عمارة الهذلي :


                                                          وكل سهم حشر مشوف



                                                          المشوف : المجلو . وسهم حشر : ملزق جيد القذذ ، وكذلك الريش . وحشر العود حشرا : براه . والحشر : اللزج في القدح من دسم اللبن ; وقيل : الحشر : اللزج من اللبن كالحشن . وحشر عن الوطب إذا كثر وسخ اللبن عليه فقشر عنه ; رواه ابن الأعرابي ; وقال ثعلب : إنما هو حشن ، وكلاهما على صيغة فعل المفعول . [ ص: 129 ] وأبو حشر : رجل من العرب . والحشور من الدواب : الملزز الخلق ، ومن الرجال : العظيم البطن ; وأنشد :


                                                          حشورة الجنبين معطاء القفا



                                                          وقيل : الحشور ، مثال الجرول ، المنتفخ الجنبين والأنثى بالهاء ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية