الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حشم ]

                                                          حشم : الحشمة : الحياء والانقباض ، وقد احتشم عنه ومنه ، ولا يقال احتشمه . قال الليث : الحشمة الانقباض عن أخيك في المطعم وطلب الحاجة ; تقول : احتشمت ، وما الذي أحشمك ، ويقال حشمك ، فأما قول القائل : ولم يحتشم ذلك فإنه حذف من وأوصل الفعل . والحشمة والحشمة : أن يجلس إليك الرجل فتؤذيه وتسمعه ما يكره ، حشمه يحشمه ويحشمه حشما وأحشمه . وحشمته : أخجلته ، وأحشمته : أغضبته . قال ابن الأثير : مذهب ابن الأعرابي أن أحشمته أغضبته ، وحشمته أخجلته ، وغيره يقول : حشمته وأحشمته أغضبته ، وحشمته وأحشمته أيضا أخجلته ، ويقال للمنقبض عن الطعام : ما الذي حشمك وأحشمك ، من الحشمة وهي الاستحياء . قال أبو زيد : الإبة الحياء ، يقال : أوأبته فاتأب أي احتشم . وروي عن ابن عباس أنه قال : لكل داخل دهشة فابدءوه بالتحية ، ولكل طاعم حشمة فابدءوه باليمين ، وأنشد ابن بري لكثير في الاحتشام بمعنى الاستحياء :

                                                          إني ، متى لم يكن عطاؤهما عندي بما قد فعلت ، أحتشم

                                                          وقال عنترة :


                                                          وأرى مطاعم لو أشاء حويتها فيصدني عنها كثير تحشمي



                                                          وقال ساعدة :


                                                          إن الشباب رداء من يزن تره     يكسى جمالا ويفند غير محتشم



                                                          وفي الحديث حديث علي في السارق : إني لأحتشم أن لا أدع له يدا ; أي أستحي وأنقبض . والحشمة : الاستحياء . وهو يتحشم المحارم أي يتوقاها . وحشم حشما : غضب . وحشمه يحشمه حشما ، وأحشمه : أغضبه ; وأنشدوا في ذلك :


                                                          لعمرك إن قرص أبي خبيب     بطيء النضج محشوم الأكيل



                                                          أي مغضب ، والاسم الحشمة ، وهو الاستحياء والغضب أيضا . وقال الأصمعي : الحشمة إنما هو بمعنى الغضب لا بمعنى الاستحياء . وحكي عن بعض فصحاء العرب أنه قال : إن ذلك لمما يحشم بني فلان أي يغضبهم ، واحتشمت واحتشمت منه بمعنى ; قال الكميت :


                                                          ورأيت الشريف في أعين     الناس وضيعا ، وقل منه احتشامي



                                                          [ ص: 133 ] والاحتشام : التغضب . وحشمت فلانا وأحشمته أي أغضبته . وحشمة الرجل وحشمه وأحشامه : خاصته الذين يغضبون له من عبيد أو أهل أو جيرة إذا أصابه أمر . ابن سيده . وحكى ابن الأعرابي أن الحشم واحد وجمع ، قال : يقال هذا الغلام حشم لي ، فأرى أحشاما إنما هو جمع هذا لأن جمع الجمع وجمع المفرد الذي هو في معنى الجمع غير كثير . وحشم الرجل أيضا : عياله وقرابته . الأزهري : والحشم خدم الرجل ، وسموا بذلك لأنهم يغضبون له . والحشمة ، بالضم : القرابة . يقال : فيهم حشمة أي قرابة . وهؤلاء أحشامي أي جيراني وأضيافي . وقال أبو عمرو : قال بعض العرب : إنه لمحتشم بأمري ; أي مهتم به . وقال يونس له الحشمة الذمام ، وهي الحشم قال : وبعضهم يقول الحشمة والحشم ، وإني لأتحشم منه تحشما ; أي أتذمم وأستحي . ابن الأعرابي : الحشم ذوو الحياء التام ، والحسم ، بالسين ، الأطباء ، والحشم الاستحياء . والحشم : المماليك . والحشم : الأتباع ، مماليك كانوا أو أحرارا . وفي حديث الأضاحي : فشكوا إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن لهم عيالا وحشما ; الحشم ، بالتحريك : جماعة الإنسان اللائذون به لخدمته . والحشوم : الإقبال بعد الهزال ; حشم يحشم حشوما : أقبل بعد هزال ، ورجل حاشم . وحشمت الدواب في أول الربيع تحشم حشما . وذلك إذا أصابت منه شيئا فصلحت وسمنت وعظمت بطونها وحسنت . وحشمت الدواب : صاحت . وما حشم من طعامه شيئا ; أي ما أكل . وغدونا نريغ الصيد فما حشمنا صافرا ; أي ما أصبنا . يونس : تقول العرب الحسوم يورث الحشوم ، قال : والحسوم الدءوب ، والحشوم الإعياء ; وقال في قول مزاحم :


                                                          فعنت عنونا وهي صغواء     ما بها ولا بالخوافي الضاربات حشوم



                                                          أي إعياء ; وقد حشم حشما . وقال الأصمعي : في يديه حشوم أي انقباض ، وروى البيت :


                                                          ولا بالخوافي الخافقات حشوم



                                                          ورجل حشيم أي محتشم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية