الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حصص ]

                                                          حصص : الحص والحصاص : شدة العدو ، في سرعة وقد حص يحص حصا . والحصاص أيضا : الضراط . وفي حديث أبي هريرة : ( إن الشيطان إذا سمع الأذان ولى وله حصاص ) روى هذا الحديث حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود قال حماد : فقلت لعاصم : ما الحصاص ؟ قال : أما رأيت الحمار إذا صر بأذنيه ومصع بذنبه وعدا فذلك الحصاص ; قال الأزهري : وهذا هو الصواب . وحص الجليد النبت يحصه : أحرقه لغة في حسه . والحص : حلق الشعر ، حصه يحصه حصا حصصا وانحص . والحص أيضا : ذهاب الشعر سحجا كما تحص البيضة رأس صاحبها ، والفعل كالفعل . والحاصة : الداء الذي يتناثر منه الشعر ; وفي حديث ابن عمر : أن امرأة أتته فقالت إن ابنتي عريس وقد تمعط شعرها وأمروني أن أرجلها بالخمر ، فقال : إن فعلت ذاك ألقى الله في رأسها [ ص: 141 ] الحاصة ; الحاصة : هي العلة التي تحص الشعر وتذهبه . وقال أبو عبيد : الحاصة ما تحص شعرها تحلقه كله فتذهب به ، وقد حصت البيضة رأسه ; قال أبو قيس بن الأسلت :

                                                          قد حصت البيضة رأسي ، فما أذوق نوما غير تهجاع

                                                          وحص شعره وانحص : انجرد وتناثر . وانحص ورق الشجر وانحت إذا تناثر . ورجل أحص : منحص الشعر . وذنب أحص : لا شعر عليه ; أنشد :


                                                          وذنب أحص كالمسواط



                                                          قال أبو عبيد : ومن أمثالهم في إفلات الجبان من الهلاك بعد الإشفاء عليه : أفلت وانحص الذنب ، قال : ويروى المثل عن معاوية أنه كان أرسل رسولا من غسان إلى ملك الروم ، وجعل له ثلاث ديات على أن يبادر بالأذان إذا دخل مجلسه ، ففعل الغساني ذلك وعند الملك بطارقته ، فوثبوا ليقتلوه فنهاهم الملك وقال : إنما أراد معاوية أن أقتل هذا غدرا ، وهو رسول ، فيفعل مثل ذلك مع كل مستأمن منا ; فلم يقتله وجهزه ورده ، فلما رآه معاوية قال : أفلت وانحص الذنب أي انقطع ; فقال : كلا إنه لبهلبه أي بشعره ، ثم حدثه الحديث ، فقال معاوية : لقد أصاب ما أردت . يضرب مثلا لمن أشفى على الهلاك ثم نجا ; وأنشد الكسائي :

                                                          جاءوا من المصرين باللصوص ، كل يتيم ذي قفا محصوص

                                                          ويقال : طائر أحص الجناح ; قال تأبط شرا :


                                                          كأنما حثحثوا حصا قوادمه     أو أم خشف بذي شث وطباق



                                                          اليزيدي : إذا ذهب الشعر كله قيل : رجل أحص وامرأة حصاء . وفي الحديث : فجاءت سنة حصت كل شيء أي أذهبته . والحص : إذهاب الشعر عن الرأس بحلق أو مرض . وسنة حصاء إذا كانت جدبة قليلة النبات ، وقيل : هي التي لا نبات فيها ; قال الحطيئة :


                                                          جاءت به من بلاد الطور تحدره     حصاء لم تترك دون العصا شذبا



                                                          وهو شبيه بذلك . الجوهري : سنة حصاء أي جرداء لا خير فيها ; قال جرير :


                                                          يأوي إليكم بلا من ولا جحد     من ساقه السنة الحصاء والذيب



                                                          كأنه أراد أن يقول : والضبع وهي السنة المجدبة ، فوضع الذئب موضعه لأجل القافية . وتحصص الحمار والبعير سقط شعره ، والحصيص اسم ذلك الشعر ، والحصيصة ما جمع مما حلق أو نتف ، وهي أيضا شعر الأذن ووبرها ، كان محلوقا أو غير محلوق ، وقيل : هو الشعر والوبر عامة ، والأول أعرف ; وقول امرئ القيس :


                                                          فصبحه عند الشروق غدية     كلاب ابن مر أو كلاب ابن سنبس
                                                          مغرثة حصا كأن عيونها     من الزجر والإيحاء ، نوار عضرس



                                                          حصا أي قد انحص شعرها . وابن مر وابن سنبس : صائدان معروفان . وناقة حصاء إذا لم يكن عليها وبر ; قال الشاعر :


                                                          علوا على سائف صعب مراكبها     حصاء ، ليس لها هلب ولا وبر



                                                          علوا وعولوا : واحد من علاه وعالاه . وتحصحص الوبر والزئبر : انجرد ، عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          لما رأى العبد ممرا مترصا     ومسدا أجرد قد تحصحصا

                                                          يكاد لولا سيره أن يملصا ، جد به الكصيص ثم كصكصا ، ولو رأى فاكرش لبهلصا

                                                          والحصيصة من الفرس : ما فوق الأشعر مما أطاف بالحافر لقلة ذاك الشعر . وفرس أحص وحصيص : قليل شعر الثنة والذنب ، وهو عيب ، والاسم الحصص . والأحص : الزمن الذي لا يطول شعره ، والاسم الحصص أيضا . والحصص في اللحية : أن يتكسر شعرها ويقصر ، وقد انحصت . ورجل أحص اللحية ، ولحية حصاء : منحصة . ورجل أحص بين الحصص ; أي قليل شعر الرأس . والأحص من الرجال : الذي لا شعر في صدره . ورجل أحص : قاطع للرحم ; وقد حص رحمه يحصها حصا . ورحم حصاء : مقطوعة ; قال : ومنه يقال بين بني فلان رحم حاصة ; أي قد قطعوها وحصوها لا يتواصلون عليها . والأحص أيضا : النكد المشئوم . ويوم أحص : شديد البرد لا سحاب فيه ; وقيل لرجل من العرب : أي الأيام أبرد ؟ فقال : الأحص الأزب ، يعني بالأحص الذي تصفو شماله ويحمر فيه الأفق وتطلع شمسه ولا يوجد لها مس من البرد ، وهو الذي لا سحاب فيه ولا ينكسر خصره ، والأزب يوم تهبه النكباء وتسوق الجهام والصراد ولا تطلع له شمس ولا يكون فيه مطر ; قوله تهبه أي تهب فيه . وريح حصاء : صافية لا غبار فيها ; قال أبو الدقيش :


                                                          كأن أطراف ولياتها     في شمأل حصاء زعزاع



                                                          والأحصان : العبد والعير لأنهما يماشيان أثمانهما حتى يهرما فتنقص أثمانهما ويموتا . والحصة : النصيب من الطعام والشراب والأرض وغير ذلك ، والجمع الحصص . وتحاص القوم تحاصا : اقتسموا حصصهم . وحاصه محاصة وحصاصا : قاسمه فأخذ كل واحد منهما حصته . ويقال : حاصصته الشيء أي قاسمته ، فحصني منه كذا وكذا يحصني إذا صار ذلك حصتي . وأحص القوم : أعطاهم حصصهم . وأحصه المكان : أنزله ; ومنه قول بعض الخطباء : وتحص من نظره بسطة حال الكفالة والكفاية أي تنزل ; وفي شعر أبي طالب :


                                                          بميزان قسط لا يحص شعيرة



                                                          [ ص: 142 ] أي لا ينقص شعيرة . والحص : الورس ; وجمعه أحصاص وحصوص ، وهو يصبغ به ; قال عمرو بن كلثوم :


                                                          مشعشعة كأن الحص فيها     إذا ما الماء خالطها سخينا



                                                          قال الأزهري : الحص بمعنى الورس معروف صحيح ، ويقال هو الزعفران ، قال : وقال بعضهم الحص اللؤلؤ ، قال : ولست أحقه ولا أعرفه ; وقال الأعشى :


                                                          وولى عمير وهو كأب كأنه يطلى

                                                          بحص ، أو يغشى بعظلم

                                                          ولم يذكر سيبويه تكسير فعل من المضاعف على فعول ، إنما كسره على فعال كخفاف وعشاش . ورجل حصحص وحصحوص : يتتبع دقائق الأمور فيعلمها ويحصيها . وكان حصيص القوم وبصيصهم كذا أي عددهم . والأحص : ماء معروف ; قال :


                                                          نزلوا شبيثا والأحص وأصبحوا     نزلت منازلهم بنو ذبيان



                                                          قال الأزهري : والأحص ماء كان نزل به كليب بن وائل فاستأثر به دون بكر بن وائل ، فقيل له : اسقنا ; فقال : ليس من فضل عنه ، فلما طعنه جساس استسقاهم الماء ، فقال له جساس : تجاوزت الأحص أي ذهب سلطانك على الأحص ; وفيه يقول الجعدي :

                                                          وقال لجساس :

                                                          أغثني بشربة ! تدارك     بها طولا علي وأنعم



                                                          فقال : تجاوزت الأحص وماءه ، وبطن شبيث وهو ذو مترسم

                                                          الأصمعي : هزئ به في هذا . وبنو حصيص : بطن من العرب . والحصاء : فرس حزن بن مرداس . والحصحصة : الذهاب في الأرض ، وقد حصحص ; قال :


                                                          لما رآني بالبراز حصحصا



                                                          والحصحصة : الحركة في شيء حتى يستقر فيه ويستمكن منه ويثبت ، وقيل : تحريك الشيء في الشيء حتى يستمكن ويستقر فيه ، وكذلك البعير إذا أثبت ركبتيه للنهوض بالثقل ; قال حميد بن ثور :


                                                          وحصحص في صم الحصى ثفناته     ورام القيام ساعة ثم صمما



                                                          وفي حديث علي : لأن أحصحص في يدي جمرتين أحب إلي من أن أحصحص كعبين ، هو من ذلك ، وقيل : الحصحصة التحريك والتقليب للشيء والترديد . وفي حديث سمرة بن جندب : أنه أتي برجل عنين فكتب فيه إلى معاوية ، فكتب إليه أن اشتر له جارية من بيت المال وأدخلها عليه ليلة ثم سلها عنه ، ففعل سمرة فلما أصبح قال له : ما صنعت ؟ فقال : فعلت حتى حصحص فيها ، قال : فسأل الجارية فقالت : لم يصنع شيئا ، فقال الرجل : خل سبيلها يا محصحص ; قوله : حصحص فيها أي حركته حتى تمكن واستقر ، قال الأزهري : أراد الرجل أن ذكره انشام فيها وبالغ حتى قر في مهبلها . ويقال : حصحصت التراب وغيره إذا حركته وفحصته يمينا وشمالا . ويقال : تحصحص وتحزحز أي لزق بالأرض واستوى . وحصحص فلان ودهمج إذا مشى مشي المقيد . وقال ابن شميل : ما تحصحص فلان إلا حول هذا الدرهم ليأخذه . قال : والحصحصة لزوقه بك وإتيانه وإلحاحه عليك . والحصحصة : بيان الحق بعد كتمانه ، وقد حصحص . ولا يقال : حصحص . وقوله ، عز وجل : الآن حصحص الحق لما دعا النسوة فبرأن يوسف قالت : لم يبق إلا أن يقبلن علي بالتقرير فأقرت ، وذلك قولها : الآن حصحص الحق . تقول : صاف الكذب وتبين الحق وهذا من قول امرأة العزيز ; وقيل : حصحص الحق أي ظهر وبرز . وقال أبو العباس : الحصحصة المبالغة . يقال : حصحص الرجل إذا بالغ في أمره ، وقيل : اشتقاقه من اللغة من الحصة أي بانت حصة الحق من حصة الباطل . والحصحص ، بالكسر : الحجارة ، وقيل : التراب وهو أيضا الحجر . وحكى اللحياني : الحصحص لفلان أي التراب له ; قال : نصب كأنه دعاء ، يذهب إلى أنهم شبهوه بالمصدر وإن كان اسما كما قالوا التراب لك ، فنصبوا . والحصحص والكثكث ، كلاهما : الحجارة . بفيه الحصحص أي التراب . والحصحصة : الإسراع في السير . وقرب حصحاص : بعيد . وقرب حصحاص مثل حثحاث : وهو الذي لا وتيرة فيه ، وقيل : سير حصحاص أي سريع ليس فيه فتور . والحصحاص : موضع . وذو الحصحاص : موضع ; وأنشد أبو الغمر الكلابي لرجل من أهل الحجاز يعني نساء :


                                                          ألا ليت شعري هل تغير بعدنا     ظباء بذي الحصحاص نجل عيونها ؟



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية