الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حضن ]

                                                          حضن : الحضن : ما دون الإبط إلى الكشح ، وقيل : هو الصدر والعضدان وما بينهما ، والجمع أحضان ; ومنه الاحتضان ، وهو احتمالك الشيء وجعله في حضنك كما تحتضن المرأة ولدها فتحتمله في أحد شقيها . وفي الحديث : أنه خرج محتضنا أحد ابني ابنته ; أي حاملا له في حضنه . والحضن : الجنب ، وهما حضنان . وفي حديث أسيد بن حضير : أنه قال لعامر بن الطفيل : اخرج بذمتك لئلا أنفذ حضنيك . والمحتضن : الحضن ; قال الأعشى :


                                                          عريضة بوص إذا أدبرت هضيم الحشا شختة المحتضن



                                                          البوص : العجز . وحضن الضبع : وجاره ; قال الكميت :


                                                          كما خامرت في حضنها أم عامر     لدى الحبل ، حتى غال أوس عيالها



                                                          قال ابن بري : حضنها الموضع الذي تصاد فيه ، ولدى الحبل أي عند الحبل الذي تصاد به ، ويروى : لذي الحبل أي لصاحب الحبل ، ويروى عال ، بعين غير معجمة ، لأنه يحكى أن الضبع إذا ماتت أطعم الذئب جراءها ، ومن روى غال ، بالغين المعجمة ، فمعناه أكل جراءها . وحضن الصبي يحضنه حضنا وحضانة : جعله في حضنه . وحضنا المفازة : شقاها ، والفلاة ناحيتاها ; قال :


                                                          أجزت حضنيها هبلا وغما



                                                          وحضنا الليل : جانباه . وحضن الجبل : ما يطيف به ، وحضنه وحضنه أيضا : أصله . الأزهري : حضنا الجبل ناحيتاه . وحضنا الرجل : جنباه . وحضنا الشيء : جانباه . ونواحي كل شيء أحضانه . وفي حديث علي ، كرم الله وجهه : عليكم بالحضنين ; يريد بجنبتي العسكر ; وفي حديث سطيح :


                                                          كأنما حثحث من حضني ثكن



                                                          وحضن الطائر أيضا بيضه وعلى بيضه يحضن حضنا وحضانة وحضانا وحضونا : رجن عليه للتفريخ ; قال الجوهري : حضن الطائر بيضه إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحيه ، وكذلك المرأة إذا حضنت ولدها . وحمامة حاضن ، بغير هاء ، واسم المكان المحضن . والمحضنة : المعمولة للحمامة كالقصعة الروحاء من الطين . والحضانة : مصدر الحاضن والحاضنة . والمحاضن : المواضع التي تحضن فيها الحمامة على بيضها ، والواحد محضن . وحضن الصبي يحضنه حضنا : رباه . والحاضن والحاضنة : الموكلان بالصبي يحفظانه ويربيانه . وفي حديث عروة بن الزبير : عجبت لقوم طلبوا العلم حتى إذا نالوا منه صاروا حضانا لأبناء الملوك ; أي مربين وكافلين ، وحضان : جمع حاضن لأن المربي والكافل يضم الطفل إلى حضنه ، وبه سميت الحاضنة ، وهي التي تربي الطفل . والحضانة ، بالفتح : فعلها . ونخلة حاضنة : خرجت كبائسها وفارقت كوافيرها وقصرت عراجينها ; حكى ذلك أبو حنيفة ; وأنشد لحبيب القشيري :


                                                          من كل بائنة تبين عذوقها     عنها وحاضنة لها ميقار



                                                          وقال كراع : الحاضنة النخلة القصيرة العذوق ( فإذا كانت طويلة العذوق ) فهي بائنة . الليث : احتجن فلان بأمر دوني واحتضنني منه وحضنني أي أخرجني منه في ناحية . وفي الحديث عن الأنصار يوم السقيفة حيث أرادوا أن يكون لهم شركة في الخلافة : فقالوا لأبي بكر رضي الله عنه ، أتريدون أن تحضنونا من هذا الأمر أي تخرجونا . يقال : حضنت الرجل عن هذا الأمر حضنا وحضانة إذا نحيته عنه واستبددت به وانفردت به دونه ، كأنه جعله في حضن منه أي جانب . وحضنته عن حاجته أحضنه ، بالضم ، أي حبسته عنها ، واحتضنته عن كذا مثله ، والاسم الحضن . قال ابن سيده : وحضن الرجل من الأمر يحضنه حضنا وحضانة واحتضنه خزله دونه ومنعه منه ; ومنه حديث عمر أيضا يوم أتى سقيفة بني ساعدة للبيعة قال : فإذا إخواننا من الأنصار يريدون أن يختزلوا الأمر دوننا ويحضنونا عنه ; هكذا رواه ابن جبلة و علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد ، بفتح الياء ، وهذا خلاف ما رواه الليث ، لأن الليث جعل هذا الكلام للأنصار ، وجاء به أبو عبيد لعمر ، وهو الصحيح وعليه الروايات التي دار الحديث عليها . الكسائي : حضنت فلانا عما يريد أحضنه حضنا وحضانة واحتضنته إذا منعته عما يريد . قال الأزهري : قال الليث : يقال أحضنني من هذا الأمر أي أخرجني منه ، والصواب حضنني . وفي حديث ابن مسعود حين أوصى فقال : ولا تحضن زينب عن ذلك ، يعني امرأته ، أي لا تحجب عن النظر في وصيته وإنفاذها ، وقيل : معنى لا تحضن لا تحجب عنه ولا يقطع أمر دونها . وفي الحديث : أن امرأة نعيم أتت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إن نعيما يريد أن يحضنني أمر ابنتي ، فقال : لا تحضنها وشاورها . وحضن عنا هديته يحضنها حضنا : كفها وصرفها ; وقال اللحياني : حقيقته صرف معروفه وهديته عن جيرانه ومعارفه إلى غيرهم ، وحكي : ما حضنت عنه المروءة إلى غيره أي ما صرفت . وأحضن بالرجل إحضانا وأحضنه : أزرى به . وأحضنت الرجل : أبذيت به . والحضان : أن تقصر إحدى طبيتي العنز وتطول الأخرى جدا ، فهي حضون بينة الحضان ، بالكسر . والحضون من الإبل والغنم والنساء : الشطور ، وهي التي أحد خلفيها أو ثدييها أكبر من الآخر ، وقد حضنت حضانا . والحضون من الإبل والمعزى : التي قد ذهب أحد [ ص: 153 ] طبييها ، والاسم الحضان ; هذا قول أبي عبيد ، استعمل الطبي مكان الخلف . والحضان : أن تكون إحدى الخصيتين أعظم من الأخرى ، ورجل حضون إذا كان كذلك . والحضون من الفروج : الذي أحد شفريه أعظم من الآخر . وأخذ فلان حقه على حضنه أي قسرا . والأعنز الحضنية : ضرب شديد السواد ، وضرب شديد الحمرة . قال الليث : كأنها نسبت إلى حضن ، وهو جبل بقلة نجد معروف ; ومنه حديث عمران بن حصين : لأن أكون عبدا حبشيا في أعنز حضنيات أرعاهن حتى يدركني أجلي ، أحب إلي من أن أرمي في أحد الصفين بسهم ، أصبت أم أخطأت . والحضن : العاج ، في بعض اللغات . الأزهري : الحضن ناب الفيل ; وينشد في ذلك :


                                                          تبسمت عن وميض البرق كاشرة     وأبرزت عن هجان اللون كالحضن



                                                          ويقال للأثافي : سفع حواضن أي جواثم ; وقال النابغة :


                                                          وسفع على ما بينهن حواضن



                                                          يعني الأثافي والرماد . وحضن : اسم جبل في أعالي نجد . وفي المثل السائر : أنجد من رأى حضنا أي من عاين هذا الجبل فقد دخل في ناحية نجد . وحضن : قبيلة ; أنشد سيبويه :


                                                          فما جمعت من حضن وعمرو     وما حضن وعمرو والجيادا



                                                          وحضن : اسم رجل ; قال :


                                                          يا حضن ابن حضن ما تبغون



                                                          قال ابن بري : وحضين هو : الحضين بن المنذر أحد بني عمرو بن شيبان بن ذهل ; وقال أبو اليقظان : هو حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة بن المجالد بن يثربي بن ريان بن الحارث بن مالك بن شيبان بن ذهل أحد بني رقاش ، وكان شاعرا ; وهو القائل لابنه غياظ :


                                                          وسميت غياظا ، ولست بغائظ     عدوا ، ولكن الصديق تغيظ
                                                          عدوك مسرور وذو الود بالذي     يرى منك من غيظ ، عليك كظيظ



                                                          وكانت معه راية علي بن أبي طالب ، رضوان الله تعالى عليه ، يوم صفين دفعها إليه وعمره تسع عشرة سنة ; وفيه يقول :


                                                          لمن راية سوداء يخفق ظلها     إذا قيل : قدمها حضين ، تقدما ؟
                                                          ويوردها للطعن حتى يزيرها     حياض المنايا ، تقطر الموت والدما

                                                          .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية