الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حطط ]

                                                          حطط : الحط : الوضع ، حطه يحطه حطا فانحط . والحط : وضع الأحمال عن الدواب ، تقول : حططت عنها . وفي حديث عمر : إذا حططتم الرحال فشدوا السروج أي إذا قضيتم الحج وحططتم رحالكم عن الإبل ، وهي الأكوار والمتاع ، فشدوا السروج على الخيل للغزو . وحط الحمل عن البعير يحطه حطا : أنزله . وكل ما أنزله عن ظهر ، فقد حطه . الجوهري : حط الرحل والسرج والقوس وحط أي نزل . والمحط : المنزل . والمحط : من الأدوات ، وقال في مكان آخر : من أدوات النطاعين الذين يجلدون الدفاتر حديدة معطوفة الطرف ، وأديم محطوط ; وأنشد :


                                                          تبين وتبدي عن عروق كأنها أعنة خراز تحط وتبشر



                                                          وحط الله عنه وزره في الدعاء : وضعه ، مثل بذلك ، أي خفف الله عن ظهرك ما أثقله من الوزر . يقال : حط الله عنك وزرك ولا أنقض ظهرك . واستحطه وزره : سأله أن يحطه عنه ، والاسم الحطة . وحكي أن بني إسرائيل إنما قيل لهم : وقولوا حطة ليستحطوا بذلك أوزارهم فتحط عنهم . وسأله الحطيطى أي الحطة . قال أبو إسحاق في قوله تعالى : وقولوا حطة قال : معناه قولوا مسألتنا حطة أي حط ذنوبنا عنا ، وكذلك القراءة ، وارتفعت على معنى : مسألتنا حطة أو أمرنا حطة ، قال : ولو قرئت حطة كان وجها في العربية كأنه قيل لهم : قولوا : احطط عنا ذنوبنا حطة ، فحرفوا هذا القول وقالوا لفظة غير هذه اللفظة التي أمروا بها ، وجملة ما قالوا أنه أمر عظيم سماهم الله به فاسقين ، وقال الفراء في قوله تعالى : وقولوا حطة يقال ، والله أعلم : قولوا ما أمرتم به حطة أي هي حطة ، فخالفوا إلى كلام بالنبطية ، فذلك قوله تعالى : فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : وادخلوا الباب سجدا قال : ركعا ، وقولوا حطة مغفرة ، قالوا : حنطة ودخلوا على أستاههم ، فذلك قوله تعالى : فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم وقال الليث : بلغنا أن بني إسرائيل حين قيل لهم قولوا حطة إنما قيل لهم كي يستحطوا بها أوزارهم فتحط عنهم . وقال ابن الأعرابي : قيل لهم قولوا ( حطة ) فقالوا حنطة شمقايا أي حنطة جيدة ، قال : وقوله عز وجل ( حطة ) أي كلمة تحط عنكم خطاياكم وهي : لا إله إلا الله . ويقال : هي كلمة أمر بها بنو إسرائيل لو قالوها لحطت أوزارهم . وحطه أي حدره . في الحديث : من ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة أي تحط عنه خطاياه وذنوبه ، وهي فعلة من حط الشيء يحطه إذا أنزله وألقاه . وفي الحديث : إن الصلاة تسمى في التوراة حطوطا . وحط السعر يحط حطا وحطوطا : رخص ، وكذلك انحط حطوطا وكسر وانكسر ، يريد فتر . وقال الأزهري في هذا المكان : ويقال سعر مقطوط وقد قط السعر وقط السعر وقط الله [ ص: 155 ] السعر ، ولم يزد هاهنا على هذا اللفظ . الحطاطة والحطائط والحطيط : الصغير وهو من هذا لأن الصغير محطوط ; أنشد قطرب :


                                                          إن حري حطائط بطائط     كأثر الظبي بجنب الغائط



                                                          بطائط إتباع ; وقال مليح :


                                                          بكل حطيط الكعب درم حجوله     ترى الحجل منه غامضا غير مقلق



                                                          وقيل : هو القصير . أبو عمرو : الحطائط الصغير من الناس وغيرهم ; وأنشد :


                                                          والشيخ مثل النسر والحطائط     والنسوة الأرامل المثالط



                                                          قال الأزهري : وتقول صبيان الأعراب في أحاجيهم : ما حطائط بطائط تميس تحت الحائط ؟ يعنون الذرة . والحطاط : شدة العدو . والكعب الحطيط : الأدرم . والحطان : التيس . وحطان : من أسماء العرب . والحطائطة : بثرة صغيرة حمراء وجارية محطوطة المتنين : ممدودتهما ، وقال الأزهري : ممدودة حسنة مستوية ; قال النابغة :


                                                          محطوطة المتنين غير مفاضة



                                                          وأنشد الجوهري للقطامي :


                                                          بيضاء محطوطة المتنين بهكنة     ريا الروادف ، لم تمغل بأولاد



                                                          وألية محطوطة : لا مأكمة لها . والحطوط : الأكمة الصعبة الانحدار . وقال ابن دريد : الحطوط الأكمة الصعبة ، فلم يذكر ارتفاعا ولا انحدارا . والحط : الحدر من علو ، حطه يحطه حطا فانحط ; وأنشد :


                                                          كجلمود صخر حطه السيل من عل



                                                          قال الأزهري : والفعل اللازم الانحطاط . ويقال للهبوط : حطوط . والمنحط من المناكب : المستفل الذي ليس بمرتفع ولا مستقل وهو أحسنها . والحطاطة : بثرة تخرج بالوجه صغيرة تقيح ولا تقرح ، والجمع حطاط ; قال المتنخل الهذلي :


                                                          ووجه قد رأيت أميم صاف     أسيل غير جهم ذي حطاط



                                                          وقد حط وجهه وأحط ، وربما قيل ذلك لمن سمن وجهه وتهيج . والحطاطة : الجارية الصغيرة ، تشبه بذلك . وقال الأصمعي : الحطاط البثر ، الواحدة حطاطة ; وأنشد الأصمعي لزياد الطماحي :


                                                          قام إلى عذراء في الغطاط     يمشي بمثل قائم الفسطاط
                                                          بمكفهر اللون ذي حطاط



                                                          قال ابن بري : الذي رواه أبو عمرو بمكرهف الحوق أي بمشرفه ; وبعده :


                                                          هامته مثل الفنيق الساطي     نيط بحقوي شبق شرواط
                                                          فبكها موثق النياط     ذو قوة ليس بذي وباط
                                                          فداكها دوكا على الصراط     ليس كدوك بعلها الوطواط
                                                          وقام عنها ، وهو ذو نشاط     ولينت من شدة الخلاط
                                                          قد أسبطت وأيما إسباط



                                                          وقال الراجز :


                                                          ثم طعنت في الجميش الأصفر     بذي حطاط ، مثل أير الأقمر



                                                          والواحدة حطاطة ، قال : وربما كانت في الوجه ; ومنه قول المتنخل الهذلي :


                                                          ووجه قد جلوت أميم صاف     كقرن الشمس ليس بذي حطاط



                                                          وقال أبو زيد : الأجرب العين الذي تبثر عينه ويلزمها الحطاط ، وهو والظبظاب والحدحد . قال ابن سيده : الحطاط ، بالفتح ، مثل البثر في باطن الحوق ، وقيل : حطاط الكمرة حروفها . وحط البعير حطاطا وانحط : اعتمد في الزمام على أحد شقيه ; قال ابن مقبل :


                                                          برأس إذا اشتدت شكيمة وجهه     أسر حطاطا ، ثم لان فبغلا



                                                          وقال الشماخ :


                                                          وإن ضربت على العلات     حطت إليك حطاط هادية شنون



                                                          العلات : الأعذار ، والهادية : الأتان الوحشية المتقدمة في سيرها ، والشنون : التي بين السمينة والمهزولة . ونجيبة منحطة في سيرها وحطوط . الأصمعي : الحط الاعتماد على السير ، والحطوط النجيبة السريعة ، وناقة حطوط ، وقد حطت في سيرها ; قال النابغة :


                                                          فما وخدت بمثلك ذات غرب     حطوط في الزمام ، ولا لجون



                                                          ويروى : في الزماع ، وقال الأعشى :


                                                          فلا لعمر الذي حطت مناسمها     تخدي وسيق إليها الباقر العتل



                                                          حطت في سيرها وانحطت أي اعتمدت ، يقال ذلك للنجيبة السريعة . وقال أبو عمرو : انحطت الناقة في سيرها أي أسرعت . وتقول : استحطني فلان من الثمن شيئا ، والحطيطة كذا وكذا من الثمن . والحطاط : زبد اللبن . وحط البعير وحط عنه إذا طني فالتزقت رئته بجنبه فحط الرحل عن جنبه بساعده دلكا حيال الطنى حتى ينفصل عن الجنب ، وقال اللحياني : حط البعير الطني وهو الذي لزقت رئته بجنبه ، وذلك أن يضجع على جنبه ثم يؤخذ وتد فيمر على أضلاعه إمرارا لا يحرق . الأزهري : أبو عمرو حط وحت بمعنى واحد . وفي الحديث : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غصن شجرة يابسة فقال بيده فحط ورقها ; معناه فحت ورقها أي نثره .

                                                          [ ص: 156 ] والحطيطة : ما يحط من جملة الحساب فينقص منه ، اسم من الحط ، وتجمع حطائط . يقال : حط عنه حطيطة وافية . والحطط : الأبدان الناعمة . والحطط أيضا : مراتب السفل ، واحدتها حطة ، والحطة : نقصان المرتبة . وحط الجلد بالمحط يحطه حطا . سطره وصقله ونقشه . والمحط والمحطة : حديدة أو خشبة يصقل بها الجلد حتى يلين ويبرق . والمحط ، بالكسر : الذي يوشم به ، ويقال : هو الحديدة التي تكون مع الخرازين ينقشون بها الأديم ; قال النمر بن تولب :


                                                          كأن محطا في يدي حارثية صناع     غلت مني به الجلد من عل



                                                          وأما الذي في حديث سبيعة الأسلمية : فحطت إلى الشاب أي مالت إليه ونزلت بقلبها نحوه . والحطاط : الرائحة الخبيثة ، وحطحط في مشيه وعمله : أسرع . ويحطوط : واد معروف . و عمران بن حطان ، بكسر الحاء ، وهو فعلان . و الحطائط بن يعفر أخو الأسود بن يعفر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية