الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 781 ] ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها خطب الملك طغرلبك ابنة الخليفة ، فانزعج الخليفة من ذلك ، وقال : هذا شيء لم تجر العادة بمثله . ثم طلب أشياء كثيرة كهيئة المبعد له ، ومن ذلك ما كان لزوجته التي توفيت من الإقطاعات بأرض واسط وصداق ثلاثمائة ألف دينار ، وأن يقيم الملك ببغداد لا يترحل منها ، ولا يحيد عنها يوما أبدا ، فوقع الاتفاق على بعض ذلك ، وأرسل إليها بمائة ألف دينار مع ابنة أخيه داود ، زوجة الخليفة أرسلان خاتون ، وأشياء كثيرة من آلات الذهب والفضة والنثار والجواري والكراع ، ومن الجواهر ألفان ومائتا قطعة ، من ذلك سبعمائة وعشرون قطعة من جوهر ، وزن كل واحدة ما بين الثلاثة مثاقيل إلى المثقال ، وأشياء كثيرة . فتمنع الخليفة لفوات بعض الشروط ، فغضب عميد الملك الكندري الوزير لمخدومه السلطان ، وجرت شرور طويلة اقتضت أن أرسل السلطان كتابا يأمر فيه بانتزاع ابنة أخيه السيدةأرسلان خاتون ، ونقلها من دار الخلافة إلى دار الملك ، حتى تنفصل هذه القضية ، وعزم الملك على النقلة من بغداد وأصلح الطيار فانزعج الناس لذلك ، وجاء كتاب السلطان إلى رئيس شحنة بغداد برشق يأمره بعدم المراقبة ، وكثرة العسف في مقابلة رد أصحابنا بالحرمان ، ويعزم على نقلة الخاتون إلى دار [ ص: 782 ] المملكة ، ويرسل من يحملها إلى البلدة التي هو فيها ، وكل ذلك غضبا على الخليفة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الجوزي : وفي رمضان رأى إنسان من الزمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو قائم ، ومعه ثلاثة أنفس فجاءه إليه أحدهم فقال له : ألا تقوم ؟ فقال : لا أستطيع أنا رجل مقعد ، فأخذ بيده وقال : قم ، فقام وانتبه ، فإذا هو قد برأ وأصبح يمشي في حوائجه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ربيع الآخر استوزر الخليفة أبا الفتح منصور بن أحمد بن دارست الأهوازي ، وخلع عليه ، وجلس في مجلس الوزارة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي جمادى الآخرة لليلتين بقيتا منه كسفت الشمس كسوفا عظيما ; جميع القرص ، فمكث أربع ساعات ، حتى بدت النجوم وآوت الطيور إلى أوكارها وتركت الطيران ، وكل ذلك لشدة الظلمة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولي أبو تميم بن معز بن باديس بلاد إفريقية بعد وفاة أبيه صاحبها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولي نصر بن نصر الدولة أحمد بن مروان الكردي ديار بكر بعد أبيه أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولي شرف الدولة بن قريش بن بدران بلاد الموصل ونصيبين بعد أبيه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها خلع على طراد بن محمد الزينبي الملقب بالكامل وولي نقابة العباسيين . وخلع على أسامة بن أبي عبد الله بن علي وقلد نقابة الطالبيين ولقب المرتضى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ضمن أبو إسحاق إبراهيم بن علان اليهودي ضياع الخليفة من صرصر إلى [ ص: 783 ] أوانا ، كل سنة بستة وثمانين ألف دينار وسبعة عشر ألف كر من غلة . ولم يحج أحد من أهل العراق في هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية