الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الثالث في بيان الحكومات والجناية على الرقيق

                                                                                                                                                                        فيه طرفان :

                                                                                                                                                                        الأول في الحكومة : وهي جزء من الدية نسبته إليها نسبة ما تقتضيه الجناية من قيمة المجني عليه على تقدير تقويمه رقيقا؛ فيقوم المجني عليه بصفاته التي هو عليها لو كان عبدا ، وينظر كم نقصت الجناية من قيمته ، فإن قوم بعشرة دون الجناية ، وبتسعة بعد الجناية ؛ فالتفاوت العشر ، فيجب عشر دية النفس ، وقيل : عشر دية العضو الذي جنى عليه ؛ والصواب الأول ؛ وبه قطع الجمهور ، وتكون الحكومة من جنس الإبل ، ثم إن كانت الجناية على عضو له أرش مقدر نظر ؛ إن لم تبلغ الحكومة أرش ذلك العضو ، وجبت بكمالها ، وإن بلغته ، نقص الحاكم شيئا منه بالاجتهاد .

                                                                                                                                                                        قال الإمام : ولا يكفي حط أقل ما يتمول فحكومة الأنملة العليا بجرحها ، أو قلع ظفرها ينقص عن أرش الأنملة ، والجناية على الأصبع إذا أتت على طولها لا تبلغ حكومتها أرش الأصبع ، وعلى الرأس لا تبلغ حكومتها أرش الموضحة ، وعلى البطن لا تبلغ أرش الجائفة ، وحكومة جرح الكف لا تبلغ دية الأصابع الخمس ، وكذا حكومة قطع الكف التي لا أصبع عليها ، وكذا حكم القدم ، وهل يجوز أن تبلغ حكومة الكف دية أصبع ؟ وجهان : أصحهما : نعم ، لأن منفعتها دفعا واحتواء تزيد على منفعة أصبع . وكما [ ص: 309 ] أن دية اليد الشلاء لا تبلغ دية اليد ، ويجوز أن تبلغ دية أصبع ، وأن تزيد عليها ، أما إذا كانت الجراحة على عضو ليس له أرش مقدر ، كالظهر والكتف والفخذ ، فيجوز أن تبلغ حكومتها دية عضو مقدر ، كاليد والرجل ، وأن تزاد عليه ، وإنما تنقص عن دية النفس . وعد المتولي والبغوي من هذا القبيل الساعد والعضد ؛ فيجوز أن تبلغ حكومة جرح أحدهما دية الأصابع الخمس ، وأن يزاد عليها . وسوى الغزالي بينهما وبين الكف ، والأول أصح ؛ فإن الكف هي التي تتبع الأصابع دون الساعد والعضد .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية