الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حفض ]

                                                          حفض : الحفض : مصدر قولك حفض العود يحفضه حفضا حناه وعطفه ; قال رؤبة :


                                                          إما تري دهرا حناني حفضا أطر الصناعين العريش القعضا



                                                          فجعله مصدرا لحناني لأن حناني وحفضني واحد . وحفضت الشيء وحفضته إذا ألقيته . وقال في قول رؤبة : حناني حفضا أي ألقاني ; ومنه قول أمية :


                                                          وحفضت النذور وأردفتهم     فضول الله ، وانتهت القسوم



                                                          قال : القسوم الأيمان ، والبيت في صفة الجنة . قال : وحفضت طومنت وطرحت ، قال : وكذلك قول رؤبة حناني حفضا أي طامن مني ، قال : ورواه بعضهم حفضت البدور ، قال شمر : والصواب النذور . وحفض الشيء وحفضه ، كلاهما : قشره وألقاه . وحفضت الشيء : ألقيته من يدي وطرحته . والحفض : البيت ، والحفض متاع البيت ، وقيل : متاع البيت إذا هيء للحمل . قال ابن الأعرابي : الحفض قماش البيت ورديء المتاع ورذاله والذي يحمل ذلك عليه من الإبل حفض ، ولا يكاد يكون ذلك إلا رذال الإبل ، ومنه سمي البعير الذي يحمله حفضا به ; ومنه قول عمرو بن كلثوم :


                                                          ونحن إذا عماد الحي خرت     على الأحفاض ، نمنع ما يلينا



                                                          قال الأزهري : وهي هاهنا الإبل وإنما هي ما عليها من الأحمال ، وقد روي في هذا البيت : على الأحفاض وعن الأحفاض ، فمن قال عن الأحفاض عنى الإبل التي تحمل المتاع أي خرت عن الإبل التي تحمل خرثي البيت ، ومن قال على الأحفاض عنى الأمتعة أو أوعيتها كالجوالق ونحوها ; وقيل : الأحفاض هاهنا صغار الإبل أول ما تركب وكانوا يكنونها في البيوت من البرد ، قال ابن سيده : وليس هذا بمعروف . ومن أمثال العرب السائرة : يوم بيوم الحفض المجور ; يضرب مثلا للمجازاة بالسوء ; والمجور : المطوح ، والأصل في هذا المثل زعموا أن رجلا كان بنو أخيه يؤذونه فدخلوا بيته فقلبوا متاعه ، فلما أدرك ولده صنعوا مثل ذلك بأخيه فشكاهم فقال :


                                                          يوم بيوم الحفض المجور



                                                          يضرب هذا للرجل صنع به رجل شيئا وصنع به الآخر مثله ، وقيل : الحفض وعاء المتاع كالجوالق ونحوه ، وقيل : بل الحفض كل جوالق فيه متاع القوم . قال يونس : ربيعة كلها تجعل الحفض البعير وقيس تجعل الحفض المتاع والحفض أيضا : عمود الخباء . والحفض : البعير الذي يحمل المتاع . الأزهري : قال ابن المظفر الحفض قالوا هو القعود بما عليه ، وقال الحفض البعير الذي يحمل خرثي المتاع ، والجمع أحفاض ; وأنشد ل رؤبة :


                                                          يا ابن قروم لسن بالأحفاض     من كل أجأى معذم عضاض



                                                          المعذم : الذي يكدم بأسنانه . والحفض أيضا : الصغير من الإبل أول ما يركب ، والجمع من كل ذلك أحفاض وحفاض . وإنه لحفض علم أي قليله رثه ، شبه علمه في قلته بالحفض الذي هو صغير الإبل ، وقيل : بالشيء الملقى . ويقال : نعم حفض العلم هذا أي حامله . قال شمر : وبلغني عن ابن الأعرابي أنه قال يوما وقد اجتمع عنده جماعة فقال : [ ص: 167 ] هؤلاء أحفاض علم وإنما أخذ من الإبل الصغار . ويقال : إبل أحفاض أي ضعيفة . وفي النوادر : حفض الله عنه وحبض عنه أي سنح عنه وخفف . قال ابن بري : والحفيضة الخلية التي يعسل فيها النحل ، وقال : قال ابن خالويه : وليس في كلامهم إلا في بيت الأعشى وهو :


                                                          نحلا كدرداق الحفيضة مرهوبا     له حول الوقود زجل



                                                          والحفض : حجر يبنى به . والحفض : عجمة شجرة تسمى الحفول ; عن أبي حنيفة ، قال : وكل عجمة من نحوها حفض . قال ابن دريد في الجمهرة : وقد سمت العرب محفضا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية