الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حفف ]

                                                          حفف : حف القوم بالشيء وحواليه يحفون حفا وحفوه وحففوه : أحدقوا به وأطاقوا وعكفوا واستداروا ، وفي التهذيب : حف القوم بسيدهم . وفي التنزيل : وترى الملائكة حافين من حول العرش قال الزجاج : جاء في التفسير معنى حافين محدقين ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          كبيضة أدحي بميت خميلة يحففها جون بجؤجئه صعل



                                                          وقوله :


                                                          إبل أبي الحبحاب إبل تعرف     يزينها محفف موقف



                                                          المحفف : الضرع الممتلئ الذي له جوانب كأن جوانبه حففته أي حفت به ، ورواه ابن الأعرابي مجفف ، يريد ضرعا كأنه جف ، وهو الوطب الخلق . وحفه بالشيء يحفه كما يحف الهودج بالثياب ، وكذلك التحفيف . وفي حديث أهل الذكر : فيحفونهم بأجنحتهم أي يطوفون بهم ويدورون حولهم . وفي حديث آخر : إلا حفتهم الملائكة . وفي الحديث : ظلل الله مكان البيت غمامة فكانت حفاف البيت أي محدقة به . والمحفة : رحل يحف بثوب ثم تركب فيه المرأة ، وقيل : المحفة مركب كالهودج إلا أن الهودج يقبب والمحفة لا تقبب ; قال ابن دريد : سميت بها ؛ لأن الخشب يحف بالقاعد فيها أي يحيط به من جميع جوانبه ، وقيل : المحفة مركب من مراكب النساء . والحفف : الجمع ، وقيل : قلة المأكول وكثرة الأكلة ، وقال ثعلب : هو أن تكون العيال مثل الزاد ، وقال ابن دريد : هو الضيق في المعاش ، وقالت امرأة : خرج زوجي ويتم ولدي فما أصابهم حفف ولا ضفف ، قال : فالحفف الضيق ، والضفف أن يقل الطعام ويكثر آكلوه ، وقيل : هو مقدار العيال ، وقال اللحياني : الحفف الكفاف من المعيشة . وأصابهم حفف من العيش أي شدة ، وما رئي عليهم حفف ولا ضفف أي أثر عوز . قال الأصمعي : الحفف عيش سوء وقلة مال ، وأولئك قوم محفوفون . وفي الحديث : أنه ، عليه السلام ، لم يشبع من طعام إلا على حفف ; الحفف : الضيق وقلة المعيشة أي لم يشبع إلا والحال عنده خلاف الرخاء والخصب . وطعام حفف : قليل . ومعيشة حفف : ضنك . وفي حديث عمر قال له وفد العراق : إن أمير المؤمنين بلغ سنا وهو حاف المطعم أي يابسه وقحله ; ومنه حديثه الآخر أنه سأل رجلا فقال : كيف وجدت أبا عبيدة ؟ فقال : رأيت حفوفا أي ضيق عيش ; ومنه الحديث : أبلغ معاوية أن عبد الله بن جعفر حفف وجهد أي قل ماله . الأصمعي : أصابهم من العيش ضفف وحفف وقشف ، كل هذا من شدة العيش . ابن الأعرابي : الضفف القلة والحفف الحاجة ، ويقال : الضفف والحفف واحد ; وأنشد :


                                                          هدية كانت كفافا حففا     لا تبلغ الجار ومن تلطفا



                                                          قال أبو العباس : الضفف أن تكون الأكلة أكثر من مقدار المال ، والحفف أن تكون الأكلة بمقدار المال . قال : وكان النبي صلى الله عليه وسلم ، إذا أكل كان من يأكل معه أكثر عددا من قدر مبلغ المأكول وكفافه ، قال : ومعنى قوله : ومن تلطفا ; أي من برنا لم يكن عندنا ما نبره . وما عند فلان إلا حفف من المتاع ، وهو القوت القليل . وحفتهم الحاجة تحفهم حفا شديدا إذا كانوا محاويج . وعنده حفة من متاع أو مال أي قوت قليل ليس فيه فضل عن أهله . وكان الطعام حفاف ما أكلوا أي قدره . وولد له على حفف أي على حاجة إليه ; هذه عن ابن الأعرابي . الفراء : يقال ما يحفهم إلى ذلك إلا الحاجة يريد ما يدعوهم وما يحوجهم . والاحتفاف : أكل جميع ما في القدر ، والاشتفاف : شرب جميع ما في الإناء . والحفوف : اليبس من غير دسم ; قال رؤبة :


                                                          قالت سليمى أن رأت حفوفي     مع اضطراب اللحم والشفوف



                                                          قال الأصمعي : حف رأسه يحف حفوفا وأحففته أنا . وسويق حاف : يابس غير ملتوت ، وقيل : هو ما لم يلت بسمن وزيت . وحفت أرضنا تحف حفوفا : يبس بقلها . وحف بطن الرجل : لم يأكل دسما ولا لحما فيبس . ويقال : حفت الثريدة إذا يبس أعلاها فتشققت . وفرس قفر حاف : لا يسمن على الضبعة . وحف رأسه وشاربه يحف حفا أي أحفاه . قال ابن سيده : وحف اللحية يحفها حفا : أخذ منها ، وحفه يحفه حفا : قشره ، والمرأة تحف وجهها حفا وحفافا : تزيل عنه الشعر بالموسى وتقشره ، مشتق من ذلك . واحتفت المرأة وأحفت وهي تحتف : تأمر من يحف شعر وجهها نتفا بخيطين ، وهو من القشر ، واسم ذلك الشعر الحفافة ، وقيل : الحفافة ما سقط من الشعر المحفوف وغيره . وحفت اللحية تحف حفوفا : [ ص: 169 ] شعثت . وحف رأس الإنسان وغيره يحف حفوفا : شعث وبعد عهده بالدهن ; قال الكميت يصف وتدا :


                                                          وأشعث في الدار ذي لمة     يطيل الحفوف ، ولا يقمل



                                                          يعني وتدا حفه صاحبه ترك تعهده . والحفافان : ناحيتا الرأس والإناء وغيرهما ، وقيل : هما جانباه ، والجمع أحفة . وحفافا الجبل : جانباه . وحفافا كل شيء : جانباه ; وقال طرفة يصف ناحيتي عسيب ذنب الناقة :


                                                          كأن جناحي مضرحي تكنفا     حفافيه ، شكا في العسيب بمسرد



                                                          وإناء حفان : بلغ الماء وغيره حفافيه . والأحفة أيضا : ما بقي حول الصلعة من الشعر ، الواحد حفاف . الأصمعي : يقال بقي من شعره حفاف وذلك إذا صلع فبقيت طرة من شعره حول رأسه ، قال : وجمع الحفاف أحفة ، قال ذو الرمة يصف الجفان التي تطعم فيها الضيفان :


                                                          لهن إذا أصبحن ، منهم أحفة     وحين يرون الليل أقبل جائيا



                                                          أراد بقوله لهن أي للجفان ، أحفة أي قوم استداروا بها يأكلون من الثريد الذي لبق فيها واللحمان التي كللت بها ، أي قوم استداروا حولها ; والجفان تقدم ذكرها في بيت قبله وهو :


                                                          فما مرتع الجيران إلا جفانكم     تبارون أنتم والرياح تباريا



                                                          وفي حديث عمر : كان أصلع له حفاف ; هو أن ينكشف الشعر عن وسط رأسه ويبقى ما حوله . والحفاف : اللحم الذي في أسفل الحنك إلى اللهاة . الأزهري : يقال يبس حفافه وهو اللحم اللين أسفل اللهاة . والحافان من اللسان : عرقان أخضران يكتنفانه من باطن ، وقيل : حاف اللسان طرفه . ورجل حاف العين بين الحفوف أي شديد الإصابة بها عن اللحياني معناه أنه يصيب الناس بالعين . وحف الحائك خشبته العريضة ينسق بها اللحمة بين السدى . والحف ، بغير هاء : المنسج . الجوهري : الحفة المنوال وهو الخشبة التي يلف عليها الحائك الثوب . والحفة : القصبات الثلاث ، وقيل : الحفة ، بالكسر ، وقيل : هي التي يضرب بها الحائك كالسيف ، والحف : القصبة التي تجيء وتذهب . قال الأزهري : كذا هو عند الأعراب ، وجمعها حفوف ، ويقال : ما أنت بحفة ونيرة ; الحفة : ما تقدم ، والنيرة : الخشبة المعترضة ، يضرب هذا لمن لا ينفع ولا يضر ، معناه ما يصلح لشيء . والحفيف : صوت الشيء تسمعه كالرنة أو طيران الطائر أو الرمية أو التهاب النار ونحو ذلك ، حف يحف حفيفا . وحفحف وحف الجعل يحف : طار ، والحفيف صوت جناحيه ، والأنثى من الأساود تحف حفيفا ، وهو صوت جلدها إذا دلكت بعضه ببعض . وحفيف الريح : صوتها في كل ما مرت به ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          أبلغ أبا قيس حفيف الأثأبه



                                                          فسره فقال : إنه ضعيف العقل كأنه حفيف أثأبة تحركها الريح ، وقيل : معناه أوعده وأحركه كما تحرك الريح هذه الشجرة ; قال ابن سيده : وهذا ليس بشيء وحف الفرس يحف حفيفا وأحففته أنا إذا حملته على أن يكون له حفيف ، وهو دوي جريه ، وكذلك حفيف جناح الطائر . والحفيف : صوت أخفاف الإبل إذا اشتد ; قال :


                                                          يقول ، والعيس لها حفيف     أكل من ساق بكم عنيف ؟



                                                          الأصمعي : حف الغيث إذا اشتدت غيثته حتى تسمع له حفيفا . ويقال : أجرى الفرس حتى أحفه إذا حمله على الحضر الشديد حتى يكون له حفيف . وحف سمعه : ذهب كله فلم يبق منه شيء . وحفان النعام : ريشه . والحفان : ولد النعام ; وأنشد لأسامة الهذلي :


                                                          وإلا النعام وحفانه وطغ     يا مع اللهق الناشط



                                                          الطغيا : الصغير من بقر الوحش ، و أحمد بن يحيى يقول : الطغيا ، بالفتح ; قال ابن بري : واستعاره أبو النجم لصغار الإبل في قوله :


                                                          والحشو من حفانها كالحنظل



                                                          فشبهها لما رويت من الماء بالحنظل في بريقه ونضارته ، وقيل : الحفان صغار النعام والإبل . والحفان من الإبل أيضا : ما دون الحقاق ، وقيل : أصل الحفان صغار النعام ثم استعمل في صغار كل جنس ، والواحدة من كل ذلك حفانة ، الذكر والأنثى فيه سواء ; وأنشد :


                                                          وزفت الشول من برد العشي     كما زف النعام ، إلى حفانه الروح



                                                          والحفان : الخدم . وفلان حف بنفسه أي معني . والحفة : الكرامة التامة . وهو يحفنا ويرفنا أي يعطينا ويميرنا . وفي المثل : من حفنا أو رفنا فليقتصد ، يقول : من مدحنا فلا يغلون في ذلك ولكن ليتكلم بالحق منه . وقال الجوهري : أي من خدمنا أو تعطف علينا وحاطنا . الأصمعي : هو يحف ويرف أي يقوم ويقعد وينصح ويشفق ، قال : ومعنى يحف تسمع له حفيفا . ويقال : شجر يرف إذا كان له اهتزاز من النضارة . ويقال : ما لفلان حاف ولا راف ، وذهب من كان يحفه ويرفه . وحف العين : شفرها . وجاء على حف ذلك وحففه وحفافه أي حينه وإبانه . وهو على حفف أمر أي ناحية منه وشرف . واحتفت الإبل الكلأ : أكلته أو نالت منه ، والحفة : ما احتفت منه . وحفاف الرمل : منقطعه ، وجمعه أحفة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية