الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حفل ]

                                                          حفل : الحفل : اجتماع الماء في محفله ، تقول : حفل الماء يحفل حفلا وحفولا وحفيلا ، وحفل الوادي بالسيل واحتفل : جاء بملء جنبيه ; وقول صخر الغي :


                                                          أنا المثلم أقصر قبل فاقرة إذا تصيب سواء الأنف تحتفل



                                                          معناه تأخذ معظمه . ومحفل الماء : مجتمعه . وفي الحديث في صفة [ ص: 170 ] عمر : ودفقت في محافلها ; جمع محفل أو محتفل حيث يحتفل الماء أي يجتمع . وحفل اللبن في الضرع يحفل حفلا وحفولا وتحفل واحتفل : اجتمع ; وحفله هو وحفله . وضرع حافل أي ممتلئ لبنا . وشعبة حافل ، وواد حافل إذا كثر سيلهما ، والجمع حفل . ويقال : احتفل الوادي بالسيل أي امتلأ . والتحفيل : مثل التصرية وهو أن لا تحلب الشاة أياما ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التصرية والتحفيل . وناقة حافلة وحفول وشاة حافل وقد حفلت حفولا وحفلا إذا احتفل لبنها في ضرعها ، وهن حفل وحوافل . وفي الحديث : من اشترى شاة محفلة فلم يرضها ردها ورد معها صاعا من تمر ; قال المحفلة الناقة أو البقرة أو الشاة لا يحلبها صاحبها أياما حتى يجتمع لبنها في ضرعها ، فإذا احتلبها المشتري وجدها غزيرة فزاد في ثمنها ، فإذا حلبها بعد ذلك وجدها ناقصة اللبن عما حلبه أيام تحفيلها ، فجعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بدل لبن التحفيل صاعا من تمر ; قال : وهذا مذهب الشافعي ، وأهل السنة الذين يقولون بسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . والمحفلة والمصراة واحدة ، وسميت محفلة لأن اللبن حفل في ضرعها أي جمع . والتحفيل مثل التصرية : وهو ألا تحلب الشاة أياما ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع ، والشاة محفلة ومصراة ; وأنشد الأزهري للقطامي يذكر إبلا اشتد عليها حفل اللبن في ضروعها حتى آذاها :


                                                          ذوارف عينيها من الحفل بالضحى     سجوم كنضاح الشنان المشرب



                                                          وروي عن ابن الأعرابي قال : الحفال الجمع العظيم . والحفال : اللبن المجتمع وهذا ضرع حفيل أي مملوء لبنا ; قال ربيعة بن همام بن عامر البكري :


                                                          أآخذ بالعلا نابا ضروسا     مدممة لها ضرع حفيل ؟



                                                          وفي حديث عائشة تصف عمر رضي الله عنهما : لله أم حفلت له ودرت عليه ! أي جمعت اللبن له في ثديها . وفي حديث حليمة : فإذا هي حافل أي كثيرة اللبن . وفي حديث موسى و شعيب : فاستنكر أبوهما سرعة مجيئهما بغنمهما حفلا بطانا ، جمع حافل أي ممتلئة الضروع . وحفلت السماء حفلا : جد وقعها واشتد مطرها ، وقيل : حفلت السماء إذا جد وقعها ، يعنون بالسماء حينئذ المطر ؛ لأن السماء لا تقع . وحفل الدمع : كثر ; قال كثير :


                                                          إذا قلت أسلو غارت العين     بالبكا غراء ومدتها مدامع حفل



                                                          وحفل القوم يحفلون حفلا واحتفلوا : اجتمعوا واحتشدوا . وعنده حفل من الناس أي جمع ، وهو في الأصل مصدر . والحفل : الجمع . والمحفل : المجلس والمجتمع في غير مجلس أيضا . ومحفل القوم ومحتفلهم : مجتمعهم . وفي الحديث ذكر المحفل ، وهو مجتمع الناس ويجمع على المحافل . وتحفل المجلس : كثر أهله . ودعاهم الحفلى والأحفلى أي بجماعتهم ، والجيم أكثر . وجمع حفل وحفيل : كثير . وجاءوا بحفيلتهم وحفلتهم أي بأجمعهم . قالأبو تراب : قال بعض بني سليم فلان محافظ على حسبه ومحافل عليه إذا صانه ; وأنشد شمر :


                                                          يا ورس ذات الجد والحفيل     ما برحت ورسة أو نشيل



                                                          ورسة : اسم عنز كانت غزيرة . يقال : ذو حفيل في أمره أي ذو اجتهاد . والحفيل : الوضوء ; عن كراع وقال : هو من الجمع ; قال ابن سيده : ولا أدري كيف ذلك . والحفيل والاحتفال : المبالغة . ورجل ذو حفل وحفلة : مبالغ فيما أخذ فيه من الأمور . وكان حفيلة ما أعطى درهما أي مبلغ ما أعطى . الأزهري : ومحتفل الأمر معظمه . ومحتفل لحم الفخذ والساق : أكثره لحما ; ومنه قول الهذلي يصف سيفا :


                                                          أبيض كالرجع ، رسوب     إذا ما ثاخ في محتفل يختلي



                                                          قال : ويجوز في محتفل . أبو عبيدة : الاحتفال من عدو الخيل أن يرى الفارس أن فرسه قد بلغ أقصى حضره وفيه بقية . يقال : فرس محتفل . والحفال : بقية التفاريق والأقماع من الزبيب والحشف . وحفالة الطعام : ما يخرج منه فيرمى به . والحفالة والحثالة : الرديء من كل شيء . والحفالة أيضا : بقية الأقماع والقشور في التمر والحب ، وقيل : الحفالة قشارة التمر والشعير وما أشبهها . وقال اللحياني : هو ما يلقى منه إذا كان أجل من التراب والدقاق . وفي الحديث : وتبقى حفالة كحفالة التمر ; أي رذالة من الناس كرديء التمر ونفايته ، وهو مثل الحثالة بالثاء وقد تقدم . والحفالة : مثل الحثالة ; قال الأصمعي : هو من حفالتهم وحثالتهم أي ممن لا خير فيه منهم ، قال : وهو الرذل من كل شيء . ورجل ذو حفلة إذا كان مبالغا فيما أخذ فيه ; وأخذ للأمر حفلته إذا جد فيه . والحفالة : ما رق من عكر الدهن والطيب . وحفالة اللبن : رغوته كجفالته ; حكاهما يعقوب . وحفل الشيء يحفله حفلا : جلاه ; قال بشر بن أبي خازم يصف جارية :


                                                          رأى درة بيضاء يحفل لونها سخام     كغربان البرير مقصب



                                                          يحفل لونها : يجلوه يريد أن شعرها يشب بياض لونها فيزيده بياضا بشدة سواده . قال ابن بري : أراد بالسخام شعرها . وكل لين من شعر أو صوف فهو سخام ; والمقصب : الجعد . والتحفل : التزين . والتحفيل : التزيين ; قال : وجاء في حديث رقية النملة : العروس تقتال وتحتفل ، وكل شيء تفتعل ، غير أنها لا تعصي الرجل ; معنى تقتال تحتكم على زوجها ، وتحتفل تتزين وتحتشد للزينة . ويقال للمرأة : تحفلي لزوجك أي تزيني لتحظي عنده . وحفلت الشيء أي جلوته فتحفل واحتفل . وطريق محتفل أي ظاهر مستبين ، وقد احتفل أي استبان ، واحتفل الطريق : وضح ; قال لبيد يصف طريقا :


                                                          ترزم الشارف من عرفانه     كلما لاح بنجد واحتفل



                                                          [ ص: 171 ] وقال الراعي يصف طريقا :


                                                          في لاحب برقاق الأرض محتفل     هاد إذا غره الحدب الحدابير



                                                          أراد بالحدب الحدابير صلابة الأرض ; أي هذا الطريق واضح مستبين في الصلابة أيضا . وما حفله وما حفل به يحفل حفلا وما احتفل به أي ما بالى . والحفل : المبالاة . يقال : ما أحفل بفلان أي ما أبالي به ; قال لبيد :


                                                          فمتى أهلك فلا أحفله     بجلي الآن من العيش بجل



                                                          وحفلت كذا وكذا أي باليت به . يقال : لا يحفل به ; قال الكميت :


                                                          أهذي بظبية ، لو تساعف دارها     كلفا وأحفل صرمها وأبالي



                                                          وقول مليح :


                                                          وإني لأقري الهم حين ينوبني     بعيد الكرى منه ضرير محافل



                                                          أراد : مكاثر مطاول . والحفول : شجر مثل شجر الرمان في القدر ، وله ورق مدور مفلطح رقيق كأنها في تحبب ظاهرها توثة ، وليست لها رطوبتها ، تكون بقدر الإجاصة ، والناس يأكلونه وفيه مرارة وله عجمة غير شديدة تسمى الحفص ; كل هذا عن أبي حنيفة . الأزهري : سلمة عن الفراء : الحوفلة القنفاء . ابن الأعرابي : حوفل الشيء إذا انتفخت حوفلته . وفي ترجمة حقل : الحوقلة ، بالقاف ، الغرمول اللين ; قال الأزهري : هذا غلط غلط فيه الليث في لفظه وتفسيره ، والصواب الحوفلة ، بالفاء ، وهي الكمرة الضخمة مأخوذة من الحفل وهو الاجتماع والامتلاء . وقال أبو عمرو : قال ابن الأعرابي والحوقلة ، بالقاف ، بهذا المعنى خطأ . وقال الجوهري : الحوقلة الغرمول اللين ، وفي المتأخرين من يقوله بالفاء ، ويزعم أنه الكمرة الضخمة ، ويجعله مأخوذا من الحفل ، قال : وما أظنه مسموعا . وحفائل وحفايل وحفائل : موضع ; قال أبو ذؤيب :


                                                          تأبط نعليه وشق بريرة     وقال : أليس الناس دون حفائل ؟



                                                          قال ابن جني : من ضم الحاء همز الياء البتة كبرائل ، وليس في الكلام فعايل غير مهموز الياء ، ومن فتح الياء احتمل الهمزة والياء جميعا ، أما الهمز فكقولك سفائن ورسائل ، وأما الياء فكقولك في جمع غرين وحثيل غراين وحثايل ; وقوله :


                                                          ألا ليت جيش العير لاقوا كتيبة     ثلاثين منا شرع ذات الحفائل



                                                          فإنه زاد اللام على حد زيادتها في قوله :


                                                          ولقد نهيتك عن بنات الأوبر



                                                          والحفيلل : شجر ، مثل به سيبويه وفسره السيرافي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية