الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حكك ]

                                                          حكك : الحك : إمرار جرم على جرم صكا ، حك الشيء بيده وغيرها يحكه حكا ; قال الأصمعي : دخل أعرابي البصرة فآذاه البراغيث فأنشأ يقول :


                                                          ليلة حك ليس فيها شك


                                                          أحك حتى ساعدي منفك


                                                          أسهرني الأسيود الأسك



                                                          وتحاك الشيئان : اصطك جرماهما فحك أحدهما الآخر ; وحككت الرأس ; وإذا جعلت الفعل للرأس قال : احتك رأسي احتكاكا . وحكني وأحكني واستحكني : دعاني إلى حكه ، وكذلك سائر الأعضاء ، والاسم الحكة والحكاك . قال ابن بري : وقول الناس حكني رأسي غلط لأن الرأس لا يقع منه الحك . واحتك بالشيء أي حك نفسه عليه . والحكة ، بالكسر : الجرب . والحكاكة : ما تحاك بين حجرين إذا حك أحدهما بالآخر لدواء ونحوه : وقال اللحياني : الحكاكة ما حك بين حجرين ثم اكتحل به من رمد . وقال ابن دريد : الحكاك ما حك من شيء على شي فخرجت منه حكاكة . والحية تحك بعضها ببعض وتحكك ، والجذل المحكك : الذي ينصب في العطن لتحتك به الإبل الجربى ; ومنه قول الحباب بن المنذر الأنصاري يوم سقيفة بني ساعدة : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ; ومعناه أنه مثل نفسه بالجذل ، وهو أصل الشجرة ، وذلك أن الجربة من الإبل تحتك إلى الجذل فتشتفي به ، فعنى أنه يشتفى برأيه كما تشتفي الإبل بهذا الجذل الذي تحتك إليه ; وقيل : هو عود ينصب للإبل الجربى لتحتك به من الجرب ; قال الأزهري : وفيه معنى آخر ، [ ص: 185 ] وهو أحب إلي ، وهو أنه أراد أنه منجذ قد جرب الأمور وعرفها وجرب ، فوجد صلب المكسر غير رخو ثبت الغدر لا يفر عن قرنه ، وقيل : معناه أنا دون الأنصار جذل حكاك لمن عاداهم وناوأهم فبي تقرن الصعبة ، والتصغير فيه للتعظيم ، ويقول الرجل لصاحبه : اجذل للقوم أي انتصب لهم وكن مخاصما مقاتلا . والعرب تقول : فلان جذل حكاك خشعت عنه الأبن ; يعنون أنه منقح لا يرمى بشيء إلا زل عنه ونبا . والحكيك : الكعب المحكوك ، وهو أيضا الحافر النحيت ; وأنشد الأزهري هنا :


                                                          وفي كل عام لنا غزوة     تحك الدوابر حك السفن



                                                          وقيل : كل خفي نحيت حكيك . والأحك من الحوافر : كالحكيك ، والاسم منها الحكك . وحككت الدابة ، بإظهار التضعيف ، عن كراع : وقع في حافرها الحكك ، وهو أحد الحروف الشاذة ، كلححت عينه وأخواتها . وفرس حكيك : منحت الحوافر ، والذي ورد في حديث أبي جهل : حتى إذا تحاكت الركب قالوا منا نبي ، والله لا أفعل ! أي تماست واصطكت ، يريد تساويهم في الشرف والمنزلة ، وقيل : أراد تجاثيهم على الركب للتفاخر . وفي حديث عمرو بن العاص : إذا حككت قرحة دميتها أي إذا أممت غاية تقصيتها وبلغتها . والحاكة : السن ؛ لأنها تحك صاحبتها أو تحك ما تأكله صفة غالبة . ورجل أحك : حاكة في فمه كأنه على السلب . ويقال : ما في فيه حاكة أي سن . والتحكك : التحرش والتعرض . وإنه ليتحكك بك أي يتعرض لشرك . وهو حك شر وحكاكه أي يحاكه كثيرا . والمحاكة : كالمباراة . وحك الشيء في صدري وأحك واحتك : عمل ، والأول أجود ، حكاه ابن دريد جحدا ، فقال : ما حك هذا الأمر في صدري ولا يقال : ما أحاك . وما أحاك فيه السلاح : لم يعمل فيه ; قال ابن سيده : وإنما ذكرته هنا لأفرق بين حك وأحاك ، فإن العوام يستعملون أحاك في موضع حك فيقولون : ما أحاك ذلك في صدري وما حك في صدري منه شيء أي ما تخالج . ويقال : حك في صدري واحتك ، وهو ما يقع في خلدك من وساوس الشيطان . والحكاكات : ما يقع في قلبك من وساوس الشيطان . وفي الحديث : إياكم والحكاكات فإنها المآثم وهي التي تحك في القلب فتشتبه على الإنسان ; قال ابن الأثير : هو جمع حكاكة وهي المؤثرة في القلب . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النواس بن سمعان سأله عن البر والإثم فقال : البر حسن الخلق ، والإثم ما حك في نفسك وكرهت أن يطلع الناس عليه ; قوله ما حك في نفسك إذا لم تكن منشرح الصدر به وكان في قلبك منه شيء من الشك والريب ، وأوهمك أنه ذنب وخطيئة ; ومنه الحديث الآخر : ما حك في صدرك وإن أفتاك المفتون ; قال الأزهري : ومنه حديث عبد الله بن مسعود : الإثم حواز القلوب ، يعني ما حز في نفسك وحك فاجتنبه فإنه الإثم وإن أفتاك فيه الناس بغيره . قال الأزهري : وهذا أصح مما قيل في الحكاكات إنها الوساوس . وروى الأزهري بسنده قال : سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : ما الإثم ؟ فقال : ما حك في صدرك فدعه ، قال : ما الإيمان ؟ قال : إذا ساءتك سيئتك وسرتك حسنتك فأنت مؤمن ; قال الأزهري : قوله ، صلى الله عليه وسلم ، ما حك في صدرك أي شككت فيه أنه حلال أو حرام فالاحتياط أن تتركه . أبو عمرو : الحكة الشك في الدين وغيره . والحكك : مشية فيها تحرك شبيه بمشية المرأة القصيرة إذا تحركت وهزت منكبيها . والحكك : حجر رخو أبيض أرخى من الرخام وأصلب من الجص ، واحدته حككة ; قال الجوهري : إنما ظهر فيه التضعيف للفرق بين فعل وفعل . وقال ابن شميل : الحككة أرض ذات حجارة مثل الرخام رخوة . وقال أبو الدقيش : الحككات هي أرض ذات حجارة بيض كأنها الأقط تتكسر تكسرا ، وإنما تكون في بطن الأرض . ويقال : جاء فلان بالحكيكات وبالأحاجي وبالألغاز بمعنى واحد ، واحدتها حكيكة . ابن الأعرابي : الحكك الملحون في طلب الحوائج . والحكك : أصحاب الشر . والحكاك : البورق . وفي حديث ابن عمر : أنه مر بغلمان يلعبون بالحكة فأمر بها فدفنت ; هي لعبة لهم يأخذون عظما ; فيحكونه حتى يبيض ثم يرمونه بعيدا فمن أخذه فهو الغالب . والحككات : موضع معروف بالبادية ; قال أبو النجم :


                                                          عرفت رسما لسعاد ماثلا     بحيث نامي الحككات عاقلا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية