الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حلب ]

                                                          حلب : الحلب : استخراج ما في الضرع من اللبن ، يكون في الشاء والإبل والبقر . والحلب : مصدر حلبها يحلبها ويحلبها حلبا وحلبا وحلابا ، الأخيرة عن الزجاجي ، وكذلك احتلبها ، فهو حالب . وفي حديث الزكاة : ومن حقها حلبها على الماء ، وفي رواية : حلبها يوم وردها . يقال : حلبت الناقة والشاة حلبا ، بفتح اللام ; والمراد بحلبها على الماء ليصيب الناس من لبنها . وفي الحديث أنه قال لقوم : لا تسقوني حلب امرأة ; وذلك أن حلب النساء عيب عند العرب يعيرون به ، فلذلك تنزه عنه ; وفي حديث أبي ذر : هل يوافقكم عدوكم حلب شاة نثور ؟ أي وقت حلب شاة ، فحذف المضاف . وقوم حلبة ; وفي المثل : شتى حتى تئوب الحلبة ، ولا تقل الحلمة ، لأنهم إذا اجتمعوا لحلب النوق اشتغل كل واحد منهم بحلب ناقته أو حلائبه ، ثم يئوب الأول فالأول منهم ; قال الشيخ أبو محمد بن بري : هذا المثل ذكره الجوهري : شتى تئوب الحلبة ، وغيره ابن القطاع ، فجعل بدل شتى حتى ، ونصب بها تئوب ; قال : والمعروف هو الذي ذكره الجوهري ، وكذلك ذكره أبو عبيد والأصمعي ، وقال : أصله أنهم كانوا يوردون إبلهم الشريعة والحوض جميعا ، فإذا صدروا تفرقوا إلى منازلهم ، فحلب كل واحد منهم في أهله على حياله ; وهذا المثل ذكره أبو عبيد في باب أخلاق الناس في اجتماعهم وافتراقهم ; ومثله :


                                                          الناس إخوان ، وشتى في الشيم وكلهم يجمعهم بيت الأدم



                                                          الأزهري أبو عبيد : حلبت حلبا مثل طلبت طلبا وهربت هربا . والحلوب : ما يحلب ; قال كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه :


                                                          يبيت الندى يا أم عمرو ضجيعه     إذا لم يكن ، في المنقيات حلوب
                                                          حليم ، إذا ما الحلم زين أهله     مع الحلم ، في عين العدو مهيب


                                                          [ ص: 190 ] إذا ما تراءاه الرجال تحفظوا     فلم تنطق العوراء ، وهو قريب



                                                          المنقيات : ذوات النقي ، وهو الشحم ; يقال : ناقة منقية ، إذا كانت سمينة وكذلك الحلوبة وإنما جاء بالهاء لأنك تريد الشيء الذي يحلب أي الشيء الذي اتخذوه ليحلبوه ، وليس لتكثير الفعل وكذلك القول في الركوبة وغيرها . وناقة حلوبة وحلوب : للتي تحلب ، والهاء أكثر ، لأنها بمعنى مفعولة . قال ثعلب : ناقة حلوبة : محلوبة ; وقول صخر الغي :


                                                          ألا قولا لعبد الجهل :     إن الصحيحة لا تحالبها الثلوث



                                                          أراد : لا تصابرها على الحلب ، وهذا نادر . وفي الحديث : إياك والحلوب أي ذات اللبن . يقال : ناقة حلوب أي هي مما يحلب ; والحلوب والحلوبة سواء ; وقيل : الحلوب الاسم ، والحلوبة الصفة ; وقيل : الواحدة والجماعة ; ومنه حديث أم معبد : ولا حلوبة في البيت أي شاة تحلب ، ورجل حلوب حالب ; وكذلك كل فعول إذا كان في معنى مفعول ، تثبت فيه الهاء ، وإذا كان في معنى فاعل ، لم تثبت فيه الهاء . وجمع الحلوبة حلائب وحلب ; قال اللحياني : كل فعولة من هذا الضرب من الأسماء إن شئت أثبت فيه الهاء ، وإن شئت حذفته . وحلوبة الإبل والغنم : الواحدة فما زادت ; وقال ابن بري : ومن العرب من يجعل الحلوب واحدة ، وشاهده بيت كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه :


                                                          إذا لم يكن في المنقيات حلوب



                                                          ومنهم من يجعله جمعا ، وشاهده قول نهيك بن إساف الأنصاري :


                                                          تقسم جيراني حلوبي كأنما     تقسمها ذؤبان زور ومنور



                                                          أي تقسم جيراني حلائبي ; وزور ومنور : حيان من أعدائه ; وكذلك الحلوبة تكون واحدة وجمعا ، فالحلوبة الواحدة ; شاهده قول الشاعر :


                                                          ما إن رأينا في الزمان ذي الكلب     حلوبة واحدة ، فتحتلب



                                                          والحلوبة للجميع ; شاهده قول الجميح بن منقذ :


                                                          لما رأت إبلي ، قلت حلوبتها     وكل عام عليها عام تجنيب



                                                          والتجنيب : قلة اللبن يقال : أجنبت الإبل إذا قل لبنها . التهذيب : أنشد الباهلي للجعدي :


                                                          وبنو فزارة إنها     لا تلبث الحلب الحلائب



                                                          قال : حكي عن الأصمعي أنه قال : لا تلبث الحلائب حلب ناقة ، حتى تهزمهم . قال وقال بعضهم : لا تلبث الحلائب أن يحلب عليها ، تعاجلها قبل أن تأتيها الأمداد . قال : وهذا زعم أثبت . اللحياني : هذه غنم حلب ، بسكون اللام ، للضأن والمعز . قال : وأراه مخففا عن حلب . وناقة حلوب : ذات لبن ، فإذا صيرتها اسما ، قلت : هذه الحلوبة لفلان ; وقد يخرجون الهاء من الحلوبة ، وهم يعنونها ، ومثله الركوبة والركوب لما يركبون ، وكذلك الحلوب والحلوبة لما يحلبون . والمحلب ، بالكسر ، والحلاب : الإناء الذي يحلب فيه اللبن ; قال :


                                                          صاح ! هل ريت ، أو سمعت براع     رد في الضرع ما قرا في الحلاب ؟



                                                          ويروى : في العلاب ; وجمعه المحالب . وفي الحديث : فإن رضي حلابها أمسكها . الحلاب : اللبن الذي تحلبه . وفي الحديث : كان إذا اغتسل دعا بشيء مثل الحلاب ، فأخذ بكفه ، فبدأ بشق رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ; قال ابن الأثير . وقد رويت بالجيم . وحكي عن الأزهري أنه قال : قال أصحاب المعاني إنه الحلاب ، وهو ما يحلب فيه الغنم كالمحلب سواء ، فصحف ; يعنون أنه كان يغتسل من ذلك الحلاب أي يضع فيه الماء الذي يغتسل منه . قال : واختار الجلاب ، بالجيم ، وفسره بماء الورد . قال : وفي هذا الحديث في كتاب البخاري إشكال ، وربما ظن أنه تأوله على الطيب ، فقال : باب من بدأ بالحلاب والطيب عند الغسل . قال : وفي بعض النسخ : أو الطيب ، ولم يذكر في هذا الباب غير هذا الحديث ، أنه كان إذا اغتسل دعا بشيء مثل الحلاب . قال : وأما مسلم فجمع الأحاديث الواردة في هذا المعنى ، في موضع واحد ، وهذا الحديث منها . قال : وذلك من فعله ، يدلك على أنه أراد الآنية والمقادير . قال : ويحتمل أن يكون البخاري ما أراد إلا الجلاب ، بالجيم ، ولهذا ترجم الباب به ، وبالطيب ، ولكن الذي يروى في كتابه إنما هو بالحاء ، وهو بها أشبه ، لأن الطيب ، لمن يغتسل بعد الغسل ، أليق منه قبله وأولى ؛ لأنه إذا بدأ به ثم اغتسل أذهبه الماء . والحلب ، بالتحريك : اللبن المحلوب ، سمي بالمصدر ، ونحوه كثير . والحليب : كالحلب ، وقيل : الحلب : المحلوب من اللبن والحليب ما لم يتغير طعمه ; وقوله أنشده ثعلب :


                                                          كان ربيب حلب وقارص



                                                          قال ابن سيده : عندي أن الحلب هاهنا ، هو الحليب لمعادلته إياه بالقارص ، حتى كأنه قال : كان ربيب لبن حليب ، ولبن قارص ، وليس هو الحلب الذي هو اللبن المحلوب . الأزهري الحلب : اللبن الحليب ; تقول : شربت لبنا حليبا وحلبا ; واستعار بعض الشعراء الحليب لشراب التمر فقال يصف النخل :


                                                          لها حليب كأن المسك خالطه     يغشى الندامى عليه الجود والرهق



                                                          والإحلابة : أن تحلب لأهلك وأنت في المرعى لبنا ، ثم تبعث به إليهم ، وقد أحلبهم . واسم اللبن : الإحلابة أيضا . قال أبو منصور : وهذا مسموع عن العرب ، صحيح ; ومنه الإعجالة والإعجالات . وقيل : الإحلابة ما زاد على السقاء من اللبن ، إذا جاء به الراعي حين يورد إبله وفيه اللبن ، فما زاد على السقاء فهو إحلابة الحي . وقيل : الإحلاب [ ص: 191 ] والإحلابة من اللبن أن تكون إبلهم في المرعى ، فمهما حلبوا جمعوا ، فبلغ وسق بعير حملوه إلى الحي . تقول منه : أحلبت أهلي . يقال قد جاء بإحلابين وثلاثة أحاليب ، وإذا كانوا في الشاء والبقر ، ففعلوا ما وصفت ، قالوا جاءوا بإمخاضين وثلاثة أماخيض . ابن الأعرابي : ناقة حلباة ركباة أي ذات لبن تحلب وتركب ، وهي أيضا الحلبانة والركبانة . ابن سيده : وقالوا : ناقة حلبانة وحلباة وحلبوت : ذات لبن ; كما قالوا ركبانة وركباة وركبوت ; قال الشاعر يصف ناقة :


                                                          أكرم لنا بناقة ألوف     حلبانة ، ركبانة ، صفوف
                                                          تخلط بين وبر وصوف



                                                          قوله : ركبانة : تصلح للركوب وقوله صفوف : أي تصف أقداحا من لبنها ، إذا حلبت ، لكثرة ذلك اللبن . وفي حديث نقادة الأسدي : أبغني ناقة حلبانة ركبانة أي غزيرة تحلب ، وذلولا تركب ، فهي صالحة للأمرين ; وزيدت الألف والنون في بنائهما ، للمبالغة . وحكى أبو زيد : ناقة حلبات ، بلفظ الجمع ، وكذلك حكى : ناقة ركبات وشاة تحلبة وتحلبة وتحلبة إذا خرج من ضرعها شيء قبل أن ينزى عليها ، وكذلك الناقة التي تحلب قبل أن تحمل ، عن السيرافي . وحلبه الشاة والناقة : جعلهما له يحلبهما ، وأحلبه إياهما كذلك ; وقوله :


                                                          موالي حلف ، لا موالي قرابة     ولكن قطينا يحلبون الأتاويا



                                                          فإنه جعل الإحلاب بمنزلة الإعطاء ، وعدى يحلبون إلى مفعولين في معنى يعطون . وفي الحديث : الرهن محلوب أي لمرتهنه أن يأكل لبنه ، بقدر نظره عليه ، وقيامه بأمره وعلفه . وأحلب الرجل : ولدت إبله إناثا ; وأجلب : ولدت له ذكورا . ومن كلامهم : أأحلبت أم أجلبت ؟ فمعنى أأحلبت : أنتجت نوقك إناثا ؟ ومعنى أم أجلبت : أم نتجت ذكورا ؟ وقد ذكر ذلك في ترجمة جلب . قال : ويقال : ما له أجلب ولا أحلب ؟ أي نتجت إبله كلها ذكورا ، ولا نتجت إناثا فتحلب . وفي الدعاء على الإنسان : ما له حلب ولا جلب ، عن ابن الأعرابي ; ولم يفسره قال ابن سيده : ولا أعرف وجهه . ويدعو الرجل على الرجل فيقول : ما له أحلب ولا أجلب ، ومعنى أحلب أي ولدت إبله الإناث دون الذكور ، ولا أجلب : إذا دعا لإبله أن لا تلد الذكور ، لأنه المحق الخفي لذهاب اللبن وانقطاع النسل . واستحلب اللبن : استدره . وحلبت الرجل أي حلبت له ، تقول منه : احلبني أي اكفني الحلب ، وأحلبني ، بقطع الألف ، أي أعني على الحلب . والحلبتان : الغداة والعشي ، عن ابن الأعرابي ; وإنما سميتا بذلك للحلب الذي يكون فيهما . وهاجرة حلوب : تحلب العرق . وتحلب العرق وانحلب : سال . وتحلب بدنه عرقا : سال عرقه ; أنشد ثعلب :


                                                          وحبشيين ، إذا تحلبا     قالا نعم ، قالا نعم ، وصوبا



                                                          تحلبا : عرقا . وتحلب فوه : سال ، وكذلك تحلب الندى إذا سال ; وأنشد :


                                                          وظل كتيس الرمل ، ينفض متنه     أذاة به من صائك متحلب



                                                          شبه الفرس بالتيس الذي تحلب عليه صائك المطر من الشجر ; والصائك : الذي تغير لونه وريحه . وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : رأيت عمر يتحلب فوه ، فقال : أشتهي جرادا مقلوا ; أي يتهيأ رضابه للسيلان ; وفي حديث طهفة : ونستحلب الصبير أي نستدر السحاب . وتحلبت عيناه وانحلبتا ; قال :


                                                          وانحلبت عينه من طول الأسى



                                                          وحوالب البئر : منابع مائها ، وكذلك حوالب العيون الفوارة ، وحوالب العيون الدامعة ; قال الكميت :


                                                          تدفق جودا ، إذا ما الب     حار غاضت حوالبها الحفل



                                                          أي غارت موادها . ودم حليب : طري ، عن السكري ; قال عبد بن حبيب الهذلي :


                                                          هدوءا ، تحت أقمر مستكف     يضيء علالة العلق الحليب



                                                          والحلب من الجباية مثل الصدقة ونحوها مما لا يكون وظيفة معلومة : وهي الإحلاب في ديوان الصدقات ، وقد تحلب الفيء . الأزهري أبو زيد : بقرة محل ، وشاة محل ، وقد أحلت إحلالا إذا حلبت ، بفتح الحاء ، قبل ولادها ; قال : وحلبت أي أنزلت اللبن قبل ولادها . والحلبة : الدفعة من الخيل في الرهان خاصة ، والجمع حلائب على غير قياس ; قال الأزهري : ولا يقال للواحد منها حليبة ولا حلابة ; وقال العجاج :


                                                          وسابق الحلائب اللهم



                                                          يريد جماعة الحلبة . والحلبة ، بالتسكين : خيل تجمع للسباق من كل أوب ، لا تخرج من موضع واحد ، ولكن من كل حي ; وأنشد أبو عبيدة :


                                                          نحن سبقنا الحلبات الأربعا     الفحل والقرح في شوط معا



                                                          وهو كما يقال للقوم إذا جاءوا من كل أوب للنصرة قد أحلبوا . الأزهري : إذا جاء القوم من كل وجه ، فاجتمعوا لحرب أو غير ذلك ، قيل : قد أحلبوا ; وأنشد :


                                                          إذا نفر منهم رؤبة أحلبوا     على عامل جاءت منيته تعدو



                                                          ابن شميل : أحلب بنو فلان مع بني فلان إذا جاءوا أنصارا لهم . والمحلب : الناصر ; قال بشر بن أبي خازم :


                                                          وينصره قوم غضاب عليكم     متى تدعهم ، يوما ، إلى الروع ، يركبوا
                                                          أشار بهم ، لمع الأصم ، فأقبلوا [ ص: 192 ]     عرانين لا يأتيه ، للنصر ، محلب



                                                          قوله : لمع الأصم أي كما يشير الأصم بإصبعه ، والضمير في أشار يعود على مقدم الجيش ; وقوله : محلب ، يقول : لا يأتيه أحد ينصره من غير قومه وبني عمه . وعرانين : رؤساء . وقال في التهذيب : كأنه قال لمع لمع الأصم لأن الأصم لا يسمع الجواب ، فهو يديم اللمع ، وقوله : لا يأتيه محلب أي لا يأتيه معين من غير قومه إذا كان المعين من قومه ، لم يكن محلبا ; وقال :


                                                          صريح محلب من أهل نجد     لحي بين أثلة والنجام



                                                          وحالبت الرجل إذا نصرته وعاونته . وحلائب الرجل : أنصاره من بني عمه خاصة ; قال الحارث بن حلزة :


                                                          ونحن ، غداة العين ، لما دعوتنا     منعناك ، إذ ثابت عليك الحلائب



                                                          وحلب القوم يحلبون حلبا وحلوبا : اجتمعوا وتألبوا من كل وجه . وأحلبوا عليك : اجتمعوا وجاءوا من كل أوب . وأحلب القوم أصحابهم : أعانوهم . وأحلب الرجل غير قومه : دخل بينهم فأعان بعضهم على بعض ، وهو رجل محلب . وأحلب الرجل صاحبه إذا أعانه على الحلب . وفي المثل : ليس لها راع ، ولكن حلبة ; يضرب للرجل ، يستعينك فتعينه ، ولا معونة عنده . وفي حديث سعد بن معاذ : ظن أن الأنصار لا يستحلبون له على ما يريد ; أي لا يجتمعون ; يقال : أحلب القوم واستحلبوا ; أي اجتمعوا للنصرة والإعانة ، وأصل الإحلاب الإعانة على الحلب ; ومن أمثالهم :


                                                          لبث قليلا يلحق الحلائب



                                                          يعني الجماعات . ومن أمثالهم : حلبت بالساعد الأشد أي استعنت بمن يقوم بأمرك ويعنى بحاجتك . ومن أمثالهم في المنع : ليس في كل حين أحلب فأشرب ; قال الأزهري : هكذا رواه المنذري عن أبي الهيثم ; قال أبو عبيد : وهذا المثل يروى عن سعيد بن جبير ، قاله في حديث سئل عنه ، وهو يضرب في كل شيء يمنع . قال ، وقد يقال : ليس كل حين أحلب فأشرب . ومن أمثالهم : حلبت حلبتها ، ثم أقلعت ; يضرب مثلا للرجل يصخب ويجلب ، ثم يسكت من غير أن يكون منه شيء غير جلبته وصياحه . والحالبان : عرقان يبتدان الكليتين من ظاهر البطن ، وهما أيضا عرقان أخضران يكتنفان السرة إلى البطن ; وقيل هما عرقان مستبطنا القرنين . الأزهري : وأما قول الشماخ :


                                                          توائل من مصك ، أنصبته     حوالب أسهريه بالذنين



                                                          فإن أبا عمرو قال : أسهراه : ذكره وأنفه ، وحوالبهما : عروق تمد الذنين من الأنف ، والمذي من قضيبه . ويروى حوالب أسهرته ، يعني عروقا يذن منها أنفه . والحلب : الجلوس على ركبة وأنت تأكل ; يقال : احلب فكل . وفي الحديث : كان إذا دعي إلى طعام جلس جلوس الحلب ; هو الجلوس على الركبة ليحلب الشاة . يقال : احلب فكل أي اجلس ، وأراد به جلوس المتواضعين . ابن الأعرابي : حلب يحلب : إذا جلس على ركبتيه . أبو عمرو : الحلب : البروك ، والشرب : الفهم . يقال : حلب يحلب حلبا إذا برك ; وشرب يشرب شربا إذا فهم . ويقال للبليد : احلب ثم اشرب . والحلباء : الأمة الباركة من كسلها ; وقد حلبت تحلب إذا بركت على ركبتيها . وحلب كل شيء : قشره ، عن كراع . والحلبة والحلبة : الفريقة . وقال أبو حنيفة : الحلبة نبتة لها حب أصفر ، يتعالج به ، ويبيت فيؤكل . والحلبة : العرفج والقتاد . وصار ورق العضاه حلبة إذا خرج ورقه وعسا واغبر ، وغلظ عوده وشوكه . والحلبة : نبت معروف ، والجمع حلب . وفي حديث خالد بن معدان : لو يعلم الناس ما في الحلبة لاشتروها ، ولو بوزنها ذهبا . قال ابن الأثير : الحلبة : حب معروف ; وقيل : هو من ثمر العضاه ; قال : وقد تضم اللام . والحلب : نبات ينبت في القيظ بالقيعان ، وشطآن الأودية ، ويلزق بالأرض ، حتى يكاد يسوخ ، ولا تأكله الإبل ، إنما تأكله الشاء والظباء ، وهي مغزرة مسمنة ، وتحتبل عليها الظباء . يقال : تيس حلب ، وتيس ذو حلب ، وهي بقلة جعدة ، غبراء في خضرة ، تنبسط على الأرض ، يسيل منها اللبن ، إذا قطع منها شيء ; قال النابغة يصف فرسا :


                                                          بعاري النواهق ، صلت الجبين     يستن ، كالتيس ذي الحلب



                                                          ومنه قوله :


                                                          أقب كتيس الحلب الغذوان



                                                          وقال أبو حنيفة : الحلب نبت ينبسط على الأرض ، وتدوم خضرته ، له ورق صغار ، يدبغ به . وقال أبو زياد : من الخلفة الحلب ، وهي شجرة تسطح على الأرض ، لازقة بها ، شديدة الخضرة ، وأكثر نباتها حين يشتد الحر . قال ، وعن الأعراب القدم : الحلب يسلنطح على الأرض ، له ورق صغار مر ، وأصل يبعد في الأرض ، وله قضبان صغار ، وسقاء حلبي ومحلوب ، الأخيرة عن أبي حنيفة ، دبغ بالحلب ; قال الراجز :


                                                          دلو تمأى ، دبغت بالحلب



                                                          تمأى أي اتسع . الأصمعي : أسرع الظباء تيس الحلب ، لأنه قد رعى الربيع والربل ; والربل ما تربل من الريحة في أيام الصفرية ، وهي عشرون يوما من آخر القيظ ، والريحة تكون من الحلب ، والنصي والرخامى والمكر ، وهو أن يظهر النبت في أصوله ، فالتي بقيت من العام الأول ، في الأرض ترب الثرى أي تلزمه . والمحلب : شجر له حب يجعل في الطيب ، واسم ذلك الطيب المحلبية ، على النسب إليه ; قال أبو حنيفة : لم يبلغني أنه ينبت بشيء من بلاد العرب . وحب المحلب : دواء من الأفاويه ، وموضعه المحلبية . والحلبلاب : نبت تدوم خضرته في القيظ ، وله ورق أعرض من الكف ، تسمن عليه الظباء والغنم ; وقيل : هو نبات سهلي ثلاثي كسرطراط ، وليس برباعي ، لأنه ليس في الكلام كسفرجال . وحلاب ، بالتشديد : اسم فرس لبني تغلب . التهذيب : حلاب من أسماء خيل العرب [ ص: 193 ] السابقة . أبو عبيدة : حلاب من نتاج الأعوج . الأزهري ، عن شمر : يوم حلاب ، ويوم هلاب ، ويوم همام ، ويوم صفوان وملحان وشيبان ; فأما الهلاب فاليابس بردا ، وأما الحلاب ففيه ندى ، وأما الهمام فالذي قد هم بالبرد . وحلب : مدينة بالشام ; وفي التهذيب : حلب اسم بلد من الثغور الشامية . وحلبان : اسم موضع ; قال المخبل السعدي :


                                                          صرموا لأبرهة الأمور ، محلها     حلبان ، فانطلقوا مع الأقوال



                                                          ومحلبة ومحلب : موضعان ، الأخيرة عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          يا جار حمراء ، بأعلى محلب     مذنبة ، فالقاع غير مذنب
                                                          لا شيء أخزى من زناء الأشيب



                                                          قوله : مذنبة ، فالقاع غير مذنب

                                                          يقول : هي المذنبة لا القاع ، لأنه نكحها ثم . ابن الأعرابي : الحلب السود من كل الحيوان . قال : والحلب الفهماء من الرجال . الأزهري : الحلبوب اللون الأسود ; قال رؤبة :


                                                          واللون ، في حوته ، حلبوب



                                                          والحلبوب : الأسود من الشعر وغيره . يقال : أسود حلبوب أي حالك . ابن الأعرابي : أسود حلبوب وسحكوك وغربيب ; وأنشد :


                                                          أما تراني ، اليوم ، عشا ناخصا     أسود حلبوبا ، وكنت وابصا



                                                          عشا ناخصا : قليل اللحم مهزولا . ووابصا : براقا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية