الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 135 ] باب ما يتوقى المحرم وما أبيح له ( 2318 ) مسألة : قال أبو القاسم : ( ويتوقى في إحرامه ما نهاه الله عنه ، من الرفث وهو الجماع ، والفسوق ، وهو السباب ، والجدال ، وهو المراء ) يعني بقوله ( ما نهاه الله عنه ) قوله سبحانه : { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } . وهذا صيغته صيغة النفي أريد به النهي ، كقوله سبحانه : { لا تضار والدة بولدها } . والرفث : هو الجماع . روي ذلك عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء بن يسار ، ومجاهد ، والحسن ، والنخعي ، والزهري ، وقتادة . وروي عن ابن عباس ، أنه قال : الرفث : غشيان النساء ، والتقبيل ، والغمز ، وأن يعرض لها بالفحش من الكلام . وقال أبو عبيدة : الرفث لغا الكلام . وأنشد قول العجاج : عن اللغا ورفث التكلم وقيل : الرفث ; هو ما يكنى عنه من ذكر الجماع . وروي عن ابن عباس ، أنه أنشد بيتا فيه التصريح بما يكنى عنه من الجماع وهو محرم ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنما الرفث ما روجع به النساء . وفي لفظ : ما قيل من ذلك عند النساء . وكل ما فسر به الرفث ينبغي للمحرم أن يجتنبه ، إلا أنه في الجماع أظهر ; لما ذكرنا من تفسير الأئمة له بذلك ، ولأنه قد جاء في الكتاب في موضع آخر ، وأريد به الجماع ، قال الله تعالى : { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } فأما الفسوق : فهو السباب ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { سباب المسلم فسوق } . متفق عليه . وقيل : الفسوق المعاصي . روي ذلك عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء ، وإبراهيم . وقالوا أيضا : الجدال المراء . وقال ابن عباس : هو أن تماري صاحبك حتى تغضبه . والمحرم ممنوع من ذلك كله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : { من حج ، فلم يرفث ، ولم يفسق ، خرج من ذنوبه ، كيوم ولدته أمه } . متفق عليه . وقال مجاهد ، في قوله تعالى : { ولا جدال في الحج } . أي : لا مجادلة ، ولا شك في الحج أنه في ذي الحجة . وقول الجمهور أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية