الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 3 ] كتاب صلاة الجمعة

                                                                                                                                                                        فيه ثلاثة أبواب :

                                                                                                                                                                        [ الباب الأول ]

                                                                                                                                                                        في شروطها

                                                                                                                                                                        اعلم أن صلاة الجمعة فرض عين . وحكى ابن كج وجها : أنها فرض كفاية . وحكي قولا ، وغلطوا حاكيه ، قال الروياني : لا يجوز حكاية هذا عن الشافعي - رحمه الله - . واعلم أن الجمعة كالفرائض الخمس في الأركان والشروط ; إلا أنها تختص بثلاثة أشياء .

                                                                                                                                                                        أحدها : اشتراط أمور زائدة لصحتها . والثاني : اشتراط أمور زائدة لوجوبها . والثالث : آداب تشرع فيها . وهذا الباب لشروط الصحة . وهي ستة :

                                                                                                                                                                        الأول : الوقت : فلا تقضى الجمعة على صورتها بالاتفاق ، ووقتها : وقت الظهر . ولو خرج الوقت ، أو شكوا في خروجه ، لم يشرعوا فيها . ولو بقي من الوقت ما لا يسع خطبتين وركعتين يقتصر فيهما على ما لا بد منه ، لم يشرعوا فيها ، بل يصلون الظهر . نص عليه في " الأم " . ولو شرعوا فيها في الوقت ، ووقع بعضها خارجه ، فاتت الجمعة قطعا ، ووجب عليهم إتمامها ظهرا على المذهب . وفيه قول مخرج : أنه يجب استئناف الظهر . فعلى المذهب ، يسر بالقراءة من حينئذ ، [ ص: 4 ] ولا يحتاج إلى تجديد نية الظهر على الأصح . وإن قلنا بالمخرج ، فهل تبطل صلاته ، أم تنقلب نفلا ؟ قولان مذكوران في نظائره ، تقدما في أول " صفة الصلاة " ولو شك هل خرج الوقت وهو في الصلاة ؟ أتمها جمعة على الصحيح ، وظهرا على الثاني . ولو قام المسبوق الذي أدرك ركعة ليأتي بالثانية ، فخرج الوقت قبل سلامه ، أتمها ظهرا على الأصح ، وجمعة على الثاني . ولو سلم الإمام والقوم التسليمة الأولى في الوقت ، والثانية خارجه ، صحت جمعتهم . ولو سلم الإمام الأولى خارج الوقت ، فاتت جمعة الجميع . ولو سلم الإمام وبعض المأمومين الأولى في الوقت ، وسلمها بعض المأمومين خارجه ، فمن سلمها خارجه ، فظاهر المذهب بطلان صلاتهم . وأما الإمام ومن سلم معه في الوقت ، فإن بلغوا عددا تصح بهم الجمعة ، صحت لهم ، وإلا فهو شبيه بمسألة الانفضاض . ثم سلامه وسلامهم خارج الوقت ، إن كان مع العلم بالحال ، تعذر بناء الظهر عليه قطعا ، لبطلان الصلاة ، إلا أن يغيروا النية إلى النفل ويسلموا ، ففيه ما سبق . وإن كان عن جهل منه ، لم تبطل صلاته . وهل يبني ، أم يستأنف ؟ فيه الخلاف الذي ذكرناه .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية