الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              586 - ابن أبي الورد

              وأما محمد بن محمد بن أبي الورد ، وقيل : أحمد - فمن جلة المشايخ وكبارهم ، صحب بشرا الحافي ، والحارث بن أسد المحاسبي ، وسريا السقطي ، محله في الورع محل شيوخه وأئمته .

              أخبرني جعفر بن محمد بن نصير ، في كتابه ، وحدثني عنه محمد بن إبراهيم قال : قال ابن أبي الورد : " بساط المجد بسط للأولياء ليأنسوا به وليرفع عنهم حشمة بديهة المشاهدة ، وبساط الهيبة بسط للأعداء ليستوحشوا من قبائح أفعالهم ولا يشاهدوا ما يستريحون إليه في المشهد الأعلى " .

              وقال أحمد بن أبي الورد : " وصل القوم بخمس : بلزوم الباب وترك الخلاف ، والنفاذ في الخدمة ، والصبر على المصائب وصيانة الكرامات ، وقال : إن ولي الله إذا أراد ثلاثة أشياء زاد منها ثلاثة أشياء : إذا زاد جاهه زاد تواضعه ، وإذا زاد ماله زاد سخاؤه ، وإذا زاد عمره زاد اجتهاده ، وكان يقول : طرح الدنيا إلى المقبلين عليها ، والإعراض عنها وعن المقبلين عليها - من عمل الأكياس ؛ لأن من عزفت نفسه عن محبة الدنيا أحبه أهل الأرض ، ومن أعرض بقلبه عن محبة الدنيا أحبه أهل السماء " .

              [ ص: 316 ] سمعت محمد بن الحسين اليقطيني يقول : سمعت علي بن عبد الحميد ، يقول : سمعت ابن أبي الورد ، يقول : " آفة الخلق في حرفين : اشتغال بنافلة وتضييع فريضة ، وعمل جوارح بلا مواطأة القلب ، وإنما منعوا الوصول بتضييع الأصول " .

              أسند الكثير عن بشر بن الحارث وغيره .

              حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، من أصله ، ثنا أبو إسحاق بن يزيد الهاشمي ، ثنا محمد بن محمد بن أبي الورد العابد قال : سمعت بشر بن الحارث الحافي ، يقول : ثنا المعافى بن عمران ، عن إسرافيل ، عن مسلم ، عن حبة العوفي ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل الثوم نيئا فلولا أن الملك يأتيني لأكلته " .

              حدثنا أبو أحمد ، ثنا أبو إسحاق بن يزيد إملاء ، ثنا محمد بن أبي الورد قال : سمعت بشر بن الحارث ، يقول : رحلت إلى عيسى بن يونس ماشيا على قدمي ، فأكرمني وأدناني ، وقال لي : ما الذي أقدمك ؟ قلت : أحببت لقاءك والنظر إليك ، قال : يا أخي ، ومن أنا ؟ وأي شيء عندي ؟ وما أحسن ؟ ثم قال : معك شيء تسأل عنه ؟ قلت : نعم ، حديثان : حديث عبد الله بن عراك بن مالك ، وحديث الحسن عن عائشة أم المؤمنين ، فقال عيسى : نعم ، حدثنا عبد الله بن عراك بن مالك ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة " .

              ثم قال عيسى : حدثنا عمرو بن عبيد المحدث المذموم عن الحسن ، عن عائشة ، أنها قالت : يا رسول الله ، هل على النساء قتال ؟ فقال : " نعم ، جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة " .

              حدثنا علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي بمكة ، ثنا علي بن عبد الحميد الجرجاني ، ثنا محمد بن محمد بن أبي الورد ، قال : حدثني سعيد بن منصور ، ثنا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد : أما زهدك في الدنيا ، فتعجلت راحة نفسك ، [ ص: 317 ] وأما انقطاعك إلي فتعززت بي ، فماذا عملت فيما لي عليك ؟ قال : يا رب ، وما لك علي ؟ قال : هل واليت لي وليا أو عاديت لي عدوا ؟ " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية