الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 344 ] 619 - أبو بكر الزقاق

              ومنهم أبو بكر الزقاق ، كان مؤيدا بالألطاف والأرفاق .

              سمعت أبا الفضل أحمد بن أبي عمران الهروي يقول : سمعت محمد بن داود الرقي يقول : سمعت أبا بكر الزقاق يقول : كان سبب ذهاب بصري أني خرجت في وسط السنة أريد مكة وفي وسطي نصف جل ، وعلى كتفي نصف جل ، فرمدت إحدى عيني فمسحت الدموع بالجل فقرح المكان ، فكانت الدموع والدم يسيلان من عيني وقرحتي ، وأنا من سكر إرادتي لم أحس به ، وإذا أثرت الشمس في يدي قلبتها ووضعتها على عيني ، رضاء مني بالبلاء ، وكنت في التيه وحدي ، فخطر بقلبي أن علم الشريعة يباين علم الحقيقة ، فهتف بي هاتف من شجر البادية : يا أبا بكر ، كل حقيقة لا تتبعها شريعة فهي كفر .

              سمعت أبا سعيد القلانسي يقول : قال أبو علي الروذباري يحكي عن أبي بكر الزقاق ، قال : بقيت بمكة عشرين سنة ، وكنت أشتهي اللبن فغلبتني نفسي فخرجت إلى عسفان واستضفت حيا من أحياء العرب ، فوقفت علي جارية حسناء ، فنظرت إليها بعيني اليمنى ، فأخذت بقلبي ، فقلت لها : قد أخذ كلي كلك فما في لغيرك فضل ، فقالت : يا شيخ بك تقبح الدعاوى العالية ، لو كنت صادقا لذهبت عنك شهوة اللبن ، فقلعت عيني التي نظرت بها إليها ، فقالت : مثلك من نظر لله ، فرجعت إلى مكة فطفت سبعا فأريت في منامي يوسف الصديق عليه السلام ، فقلت له : يا نبي الله أقر الله عينك بسلامتك من زليخا ، فقال : يا مبارك ، بل يقر الله عينك بسلامتك من العسفانية ، ثم تلا يوسف ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ، فصحت من رخامة صوت يوسف وقراءته فأفقت ، وإذا عيني المقلوعة صحيحة ، وكان يقول : ليس السخاء عطية الواجد للمعدوم ، إنما السخاء عطية المعدوم للواجد ، وكان يقول : منذ ثلاثين سنة ما عقدت عقدة واحدة مع الله خوف أن لا أفي به فيكذبني على لساني .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية