الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              638 - أبو علي الروذباري

              ومنهم أبو علي الروذباري أحمد بن محمد بن مقسم ، له اللسان الفصيح والبيان النجيح ، بغدادي انتقل إلى مصر وتوفي بها .

              سمعت أبا محمد بن أبي عمران الهروي يقول : سمعت أبا عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري يقول : سئل أبو علي الروذباري عمن يسمع الملاهي ويقول : أبيح لي الوصول إلى المنزلة التي لا تؤثر في اختلاف الأحوال ؟ فقال : نعم ، قد وصل ولكن وصوله إلى سقر .

              [ ص: 357 ] سمعت محمد بن الحسين يقول : سمعت عبد الله بن محمد الدمشقي يقول : سمعت أبا علي الروذباري وسئل عن الإشارة ، قال : الإشارة الإبانة عما تضمنه الوجد من المشار إليه لا غير ، وفي الحقيقة أن الإشارة تصحبها العلل ، والعلل بعيدة من عين الحقائق .

              سمعت محمد بن الحسين يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا علي الروذباري يقول : والاهم قبل أفعالهم ، وعاداهم قبل أفعالهم ، ثم جازاهم بأفعالهم .

              قال : وسمعت أبا علي يقول : من الاعتدال أن تسيء فيحسن إليك فتترك الإنابة والتوبة توهما أنك تسامح في الهفوات ، وترى أن ذلك في بسط الحق لك ، وقال : تشوقت القلوب إلى مشاهدة ذات الحق فألقيت إليها الأسامي فركنت إليها مشغوفين بها عن الذات إلى أوان التجلي ، فذلك قوله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) فوقفوا معها عن إدراك الحقائق ، فأظهر الأسامي وأبداها للخلق لتسكين شوق المحبين له ، وتأنيس قلوب العارفين به ، وقال : المشاهدات للقلوب ، والمكاشفات للأسرار والمعاينات للبصائر .

              أخبرني أبو الفضل الطوسي نصر بن أبي نصر ، قال : سمعت أبا سعيد الكازروني يقول : قال أبو علي الروذباري : لا رضا لمن لا يصبر ، ولا كمال لمن لا يشكر ، بالله وصل العارفون إلى محبته ، وشكروه على نعمته .

              سمعت عبد الواحد بن بكر يقول : سمعت همام بن الحارث يقول : سمعت أبا علي الروذباري يقول : إن المشتاقين إلى الله يجدون حلاوة الوقت عند وروده لما كشف لهم من روح الوصول إلى قربه أحلى من الشهد .

              وقال أبو علي : من رزق ثلاثة أشياء فقد سلم من الآفات : بطن جائع معه قلب خاشع ، وفقر دائم معه زهد حاضر ، وصبر كامل معه قناعة دائمة .

              وقال أبو علي : في اكتساب الدنيا مذلة النفوس ، وفي اكتساب الآخرة عزها ، فيا عجبا لمن يختار المذلة في طلب ما يفنى على العز في طلب ما يبقى .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية