الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أكل ]

                                                          أكل : أكلت الطعام أكلا ومأكلا . ابن سيده : أكل الطعام يأكله أكلا فهو آكل ، والجمع أكلة ، قالوا في الأمر كل ، وأصله أؤكل ، فلما اجتمعت همزتان وكثر استعمال الكلمة حذفت الهمزة الأصلية فزال الساكن فاستغني عن الهمزة الزائدة ، قال : ولا يعتد بهذا الحذف لقلته ؛ ولأنه إنما حذف تخفيفا ، لأن الأفعال لا تحذف إنما تحذف الأسماء نحو يد ودم وأخ وما جرى مجراه ، وليس الفعل كذلك ، وقد أخرج على الأصل فقيل أوكل ، وكذلك القول في خذ ومر . والإكلة : هيئة الأكل . والإكلة : الحال التي يأكل عليها متكئا أو قاعدا مثل الجلسة والركبة . يقال : إنه لحسن الإكلة . والأكلة : المرة الواحدة حتى يشبع . والأكلة : اسم للقمة . قال اللحياني : الأكلة والأكلة كاللقمة واللقمة يعنى بهما جميعا المأكول ; قال :


                                                          من الآكلين الماء ظلما ، فما أرى ينالون خيرا ، بعد أكلهم الماء

                                                          فإنما يريد قوما كانوا يبيعون الماء فيشترون بثمنه ما يأكلونه ، فاكتفى بذكر الماء الذي هو سبب المأكول عن ذكر المأكول . وتقول : أكلت أكلة واحدة أي لقمة ، وهي القرصة أيضا . وأكلت أكلة إذا أكل حتى يشبع . وهذا الشيء أكلة لك أي طعمة لك . وفي حديث الشاة المسمومة : ما زالت أكلة خيبر تعادني ; الأكلة بالضم : اللقمة التي أكل ، من الشاة وبعض الرواة يفتح الألف ، وهو خطأ لأنه ما أكل إلا لقمة واحدة . ومنه الحديث الآخر : فليجعل في يده أكلة أو أكلتين أي لقمة أو لقمتين . وفي الحديث : أخرج لنا ثلاث أكل ; هي جمع أكلة مثل غرفة وغرف ، وهي القرص من الخبز . ورجل أكلة وأكول وأكيل : كثير الأكل . وآكله الشيء : أطعمه إياه ، كلاهما على المثل . وآكلني ما لم آكل وأكلنيه ، كلاهما : ادعاه علي . ويقال : أكلتني ما لم آكل ، بالتشديد ، وآكلتني ما لم آكل أيضا إذا ادعيته علي . ويقال : أليس قبيحا أن تؤكلني ما لم آكل ؟ ويقال : قد أكل فلان غنمي وشربها . ويقال : ظل مالي يؤكل ويشرب . والرجل يستأكل قوما أي يأكل أموالهم من الإسنات . وفلان يستأكل الضعفاء أي يأخذ أموالهم ; قال ابن بري وقول أبي طالب :


                                                          وما ترك قوم ، لا أبا لك ، سيدا     محوط الذمار غير ذرب مؤاكل

                                                          أي يستأكل أموال الناس . واستأكله الشيء : طلب إليه أن يجعله له أكلة . وأكلت النار الحطب ، وآكلتها أي أطعمتها ، وكذلك كل شيء أطعمته شيئا . والأكل : الطعمة ; يقال : جعلته له أكلا أي طعمة . ويقال : ما هم إلا أكلة رأس أي قليل ، قدر ما يشبعهم رأس واحد ; وفي الصحاح : وقولهم هم أكلة رأس أي هم قليل يشبعهم رأس واحد ، وهو جمع آكل . وآكل الرجل وواكله : أكل معه الأخيرة على البدل ، وهي قليلة ، وهو أكيل من المؤاكلة ، والهمز في آكله أكثر وأجود . وفلان أكيلي : وهو الذي يأكل معك . الجوهري : الأكيل الذي يؤاكلك . والإيكال بين الناس : السعي بينهم بالنمائم . وفي الحديث : من أكل بأخيه أكلة معناه الرجل يكون صديقا لرجل ثم يذهب إلى عدوه فيتكلم فيه بغير الجميل ليجيزه عليه بجائزة فلا يبارك الله له فيها ; هي بالضم اللقمة ، وبالفتح المرة من الأكل . وآكلته إيكالا : أطعمته . وآكلته مؤاكلة : أكلت معه فصار أفعلت وفاعلت على صورة واحدة ، ولا تقل واكلته بالواو . والأكيل أيضا : الآكل ; قال الشاعر :


                                                          لعمرك ! إن قرص أبي خبيب     بطيء النضج ، محشوم الأكيل

                                                          وأكيلك : الذي يؤاكلك ، والأنثى أكيلة . التهذيب : يقال فلانة أكيلي للمرأة التي تؤاكلك . وفي حديث النهي عن المنكر : فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه ; الأكيل والشريب : الذي يصاحبك في الأكل والشرب ، فعيل بمعنى مفاعل . والأكل : ما أكل . وفي حديث عائشة تصف عمر - رضي الله عنهما - : وبعج الأرض فقاءت أكلها ; الأكل بالضم وسكون الكاف : اسم المأكول ، وبالفتح المصدر ; تريد أن الأرض حفظت البذر وشربت ماء المطر ثم قاءت حين أنبتت فكنت عن النبات بالقيء ، والمراد ما فتح الله عليه من البلاد بما أغزى إليها من الجيوش . ويقال : ما ذقت أكالا ، بالفتح ، أي طعاما . والأكال : ما يؤكل . وما ذاق أكالا أي ما يؤكل . والمؤكل : المطعم . وفي الحديث : لعن الله آكل الربا ومؤكله ، يريد به البائع والمشتري ومنه الحديث : [ ص: 127 ] نهى عن المؤاكلة ; قال ابن الأثير : هو أن يكون للرجل على الرجل دين فيهدي إليه شيئا ليؤخره ويمسك عن اقتضائه ، سمي مؤاكلة ؛ لأن كل واحد منهما يؤكل صاحبه أي يطعمه . والمأكلة والمأكلة : ما أكل ، ويوصف به فيقال : شاة مأكلة ومأكلة . والمأكلة : ما جعل للإنسان لا يحاسب عليه . الجوهري : المأكلة والمأكلة الموضع الذي منه تأكل ، يقال : اتخذت فلانا مأكلة ومأكلة . والأكولة : الشاة التي تعزل للأكل وتسمن ويكره للمصدق أخذها . التهذيب : أكولة الراعي التي يكره للمصدق أن يأخذها هي التي يسمنها الراعي ، والأكيلة هي المأكولة . التهذيب : ويقال أكلته العقرب ، وأكل فلان عمره إذا أفناه ، والنار تأكل الحطب . وأما حديث عمر - رضي الله عنه - : دع الربى والماخض والأكولة ، فإنه أمر المصدق بأن يعد على رب الغنم هذه الثلاث ولا يأخذها في الصدقة لأنها خيار المال . قال أبو عبيد : والأكولة التي تسمن للأكل ، قال شمر : قال غيره أكولة غنم الرجل الخصي والهرمة والعاقر ، قال ابن شميل : أكولة الحي التي يجلبون يأكلون ثمنها التيس والجزرة والكبش العظيم التي ليست بقنوة ، والهرمة والشارف التي ليست من جوارح المال ، قال : وقد تكون أكيلة فيما زعم يونس فيقال : هل غنمك أكولة ؟ فتقول : لا ، إلا شاة واحدة . ويقال : هذه من الأكولة ولا يقال للواحدة هذا أكولة . ويقال : ما عنده مائة أكائل وعنده مائة أكولة . قال الفراء : هي أكولة الراعي وأكيلة السبع التي يأكل منها وتستنقذ منه ، وقال أبو زيد : هي أكيلة الذئب ، وهي فريسته . قال : والأكولة من الغنم خاصة ، وهي الواحدة إلى ما بلغت ، وهي القواصي ، وهي العاقر والهرم والخصي من الذكارة ، صغارا أو كبارا قال أبو عبيد : الذي يروى في الحديث دع الربى والماخض والأكيلة ، وإنما الأكيلة المأكولة . يقال : هذه أكيلة الأسد والذئب ، فأما هذه فإنها الأكولة . والأكيلة : هي الرأس التي تنصب للأسد أو الذئب أو الضبع يصاد بها ، وأما التي يفرسها السبع فهي أكيلة ، وإنما دخلته الهاء وإن كان بمعنى مفعولة لغلبة الاسم عليه . وأكيلة السبع وأكيله : ما أكل من الماشية ، ونظيره فريسة السبع وفريسه . والأكيل : المأكول فيقال لما أكل مأكول وأكيل . وآكلتك فلانا إذا أمكنته منه ; ولما أنشد الممزق قوله :


                                                          فإن كنت مأكولا فكن خير آكل     وإلا فأدركني ولما أمزق

                                                          قال النعمان : لا آكلك ولا أوكلك غيري . ويقال : ظل مالي يؤكل ويشرب أي يرعى كيف شاء . ويقال أيضا : فلان أكل مالي وشربه أي أطعمه الناس . نوادر الأعراب : الأكاول نشوز من الأرض أشباه الجبال . وأكل البهمة تناول التراب تريد أن تأكل ; عن ابن الأعرابي . والمأكلة والمأكلة : الميرة ، تقول العرب : الحمد لله الذي أغنانا بالرسل عن المأكلة ; عن ابن الأعرابي ، وهو الأكل قال : وهي الميرة ، وإنما يمتارون في الجدب . والآكال : مآكل الملوك . وآكال الملوك : مأكلهم وطعمهم . والأكل : ما يجعله الملوك مأكلة . والأكل : الرعي أيضا . وفي الحديث عن عمرو بن عبسة : ومأكول حمير خير من آكلها ; المأكول : الرعية ، والآكلون الملوك جعلوا أموال الرعية لهم مأكلة ، أراد أن عوام أهل اليمن خير من ملوكهم ، وقيل : أراد بمأكولهم من مات منهم فأكلتهم الأرض أي هم خير من الأحياء الآكلين ، وهم الباقون . وآكال الجند : أطماعهم قال الأعشى :


                                                          جندك التالد العتيق من السا     دات ، أهل القباب والآكال

                                                          والأكل : الرزق . وإنه لعظيم الأكل في الدنيا أي عظيم الرزق ، ومنه قيل للميت : انقطع أكله ، والأكل : الحظ من الدنيا كأنه يؤكل . أبو سعيد : ورجل مؤكل أي مرزوق ; وأنشد :


                                                          منهرت الأشداق عضب مؤكل     في الآهلين واخترام السبل

                                                          وفلان ذو أكل إذا كان ذا حظ من الدنيا ورزق واسع . وآكلت بين القوم أي حرشت وأفسدت . والأكل : الثمر . ويقال : أكل بستانك دائم وأكله ثمره . وفي الصحاح : والأكل ثمر النخل والشجر . وكل ما يؤكل ، فهو أكل . وفي التنزيل العزيز : أكلها دائم . وآكلت الشجرة : أطعمت ، وآكل النخل والزرع وكل شيء إذا أطعم . وأكل الشجرة : جناها . وفي التنزيل العزيز : تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ; وفيه : ذواتي أكل خمط ; أي جنى خمط . ورجل ذو أكل أي رأي وعقل وحصافة . وثوب ذو أكل : قوي صفيق كثير الغزل . قال أعرابي : أريد ثوبا له أكل أي نفس وقوة ; وقرطاس ذو أكل . ويقال للعصا المحددة : آكلة اللحم تشبيها بالسكين . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : والله ليضربن أحدكم أخاه بمثل آكلة اللحم ثم يرى أني لا أقيده ; والله لأقيدنه منه ; قال أبو عبيد : قال العجاج أراد بآكلة اللحم عصا محددة ; قال : ، قال الأموي الأصل في هذا أنها السكين ، وإنما شبهت العصا المحددة بها ; قال شمر : قيل في آكلة اللحم إنها السياط ، شبهها بالنار لأن آثارها كآثارها . وكثرت الآكلة في بلاد بني فلان أي الراعية . والمئكلة من البرام : الصغيرة التي يستخفها الحي أن يطبخوا اللحم فيها والعصيدة ، قال اللحياني : كل ما أكل فيه فهو مئكلة ; والمئكلة : ضرب من الأقداح ، وهو نحو مما يؤكل فيه ، والجمع المآكل ; في الصحاح : المئكلة الصحاف التي يستخف الحي أن يطبخوا فيها اللحم والعصيدة . وأكل الشيء وائتكل وتأكل : أكل بعضه بعضا ، والاسم الأكال والإكال ; وقول الجعدي :


                                                          سألتني عن أناس هلكوا     شرب الدهر عليهم وأكل

                                                          قال أبو عمرو : ويقول مر عليهم ، وهو مثل ، وقال غيره : معناه شرب الناس بعدهم وأكلوا . والأكلة ، مقصور : داء يقع في العضو فيأتكل منه . وتأكل الرجل وائتكل : غضب وهاج وكاد بعضه يأكل بعضا ; قال الأعشى :


                                                          أبلغ يزيد بني شيبان مألكة     أبا ثبيت أما تنفك تأتكل

                                                          ، قال يعقوب : إنما هو تأتلك فقلب . التهذيب : والنار إذا اشتد [ ص: 128 ] التهابها كأنها يأكل بعضها بعضا ، يقال : ائتكلت النار . والرجل إذا اشتد غضبه يأتكل ; يقال : فلان يأتكل من الغضب أي يحترق ويتوهج . ويقال : أكلت النار الحطب وآكلتها أنا أي أطعمتها إياه . والتأكل : شدة بريق الكحل إذا كسر أو الصبير أو الفضة والسيف والبرق ; قال أوس بن حجر :


                                                          على مثل مسحاة اللجين تأكلا

                                                          ، قال اللحياني : ائتكل السيف اضطرب . وتأكل السيف تأكلا إذا ما توهج من الحدة ; قال أوس بن حجر :


                                                          وأبيض صوليا ، كأن غراره     تلألؤ برق في حبي تأكلا

                                                          وأنشده الجوهري أيضا ; قال ابن بري صواب إنشاده : وأبيض هنديا ، لأن السيوف تنسب إلى الهند وتنسب الدروع إلى صول ، وقبل البيت :


                                                          وأملس صوليا ، كنهي قرارة     أحس بقاع نفح ريح فأجفلا

                                                          وتأكل السيف تأكلا وتأكل البرق تأكلا إذا تلألأ . وفي أسنانه أكل أي متأكلة . ، وقال أبو زيد : في الأسنان القادح ، وهو أن تتأكل الأسنان . يقال : قدح في سنه . الجوهري : يقال أكلت أسنانه من الكبر إذا احتكت فذهبت . وفي أسنانه أكل ، بالتحريك ، أي أنها مؤتكلة ، وقد ائتكلت أسنانه وتأكلت . والإكلة والأكال : الحكة والجرب أيا كانت . وقد أكلني رأسي . وإنه ليجد في جسمه أكلة ، من الأكال ، على فعلة ، وإكلة وأكالا أي حكة . الأصمعي والكسائي : وجدت في جسدي أكالا أي حكة . قال الأزهري : وسمعت بعض العرب يقول : جلدي يأكلني إذا وجد حكة ، ولا يقال جلدي يحكني . والآكال : سادة الأحياء الذين يأخذون المرباع وغيره . والمأكل : الكسب . وفي الحديث : أمرت بقرية تأكل القرى ; وهي المدينة ، أي يغلب أهلها وهم الأنصار بالإسلام على غيرها من القرى ، وينصر الله دينه بأهلها ويفتح القرى عليهم ويغنمهم إياها فيأكلونها . وأكلت الناقة تأكل أكلا إذا نبت وبر جبينها في بطنها فوجدت لذلك أذى وحكة في بطنها ; وناقة أكلة ، على فعلة ، إذا وجدت ألما في بطنها من ذلك . الجوهري : أكلت الناقة أكالا مثل سمع سماعا ، وبها أكال ، بالضم ، إذا أشعر ولدها في بطنها فحكها ذلك وتأذت . والأكلة والإكلة ، بالضم والكسر : الغيبة . وإنه لذو أكلة للناس وإكلة وأكلة أي غيبة لهم يغتابهم ، الفتح عن كراع . وآكل بينهم وأكل : حمل بعضهم على بعض كأنه من قوله تعالى : أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ، قال أبو نصر في قوله :


                                                          أبا ثبيت أما تنفك تأتكل

                                                          معناه تأكل لحومنا وتغتابنا ، وهو تفتعل من الأكل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية