الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حوز ]

                                                          حوز : الحوز : السير الشديد والرويد ، وقيل : الحوز والحيز السوق [ ص: 267 ] اللين . وحاز الإبل يحوزها ويحيزها حوزا وحيزا وحوزها : ساقها سوقا رويدا . وسوق حوز ، وصف بالمصدر ، قال الأصمعي : وهو الحوز ؛ وأنشد :


                                                          وقد نظرتكم إيناء صادرة للورد ، طال بها حوزي وتنساسي



                                                          ويقال : حزها أي : سقها سوقا شديدا . وليلة الحوز : أول ليلة توجه فيها الإبل إلى الماء إذا كانت بعيدة منه ، سميت بذلك لأنه يرفق بها تلك الليلة فيسار بها رويدا . وحوز الإبل : ساقها إلى الماء ؛ قال :


                                                          حوزها ، من برق الغميم     أهدأ يمشي مشية الظليم
                                                          لحوز والرفق وبالطميم



                                                          وقول الشاعر :


                                                          ولم تحوز في ركابي العير



                                                          عنى أنه لم يشتد عليها في السوق ؛ وقال ثعلب : معناه لم يحمل عليها . والأحوزي والحوزي : الحسن السياقة وفيه مع ذلك بعض النفار ؛ قال العجاج يصف ثورا وكلابا :


                                                          يحوزهن ، وله حوزي     كما يحوز الفئة الكمي



                                                          والأحوزي والحوزي : الجاد في أمره . وقالت عائشة في عمر ، رضي الله عنهما : كان والله أحوزيا نسيج وحده ؛ قال ابن الأثير : هو الحسن السياق للأمور وفيه بعض النفار . وكان أبو عمرو يقول : الأحوزي الخفيف ، ورواه بعضهم : كان والله أحوذيا ، بالذال ، وهو قريب من الأحوزي ، وهو السائق الخفيف . وكان أبو عبيدة يروي رجز العجاج حوذي ، بالذال ، والمعنى واحد ، يعني به الثور أنه يطرد الكلاب وله طارد من نفسه يطرده من نشاطه وحده . وقول العجاج وله حوزي أي : مذخور سير لم يبتذله ، أي : يغلبهن بالهوينا . والحوزي : المتنزه في المحل الذي يحتمل ويحل وحده ولا يخالط البيوت بنفسه ولا ماله . وانحاز القوم : تركوا مركزهم ومعركة قتالهم ومالوا إلى موضع آخر . وتحوز عنه وتحيز إذا تنحى ، وهي تفيعل ، أصلها تحيوز فقلبت الواو ياء لمجاورة الياء وأدغمت فيها . وتحوز له عن فراشه : تنحى . وفي الحديث : كما تحوز له عن فراشه . قال أبو عبيدة : التحوز هو التنحي وفيه لغتان : التحوز والتحيز . قال الله ، عز وجل : أو متحيزا إلى فئة . فالتحوز التفعل ، والتحيز التفيعل ، وقال القطامي يصف عجوزا استضافها فجعلت تروغ عنه فقال :


                                                          تحوز عني خيفة أن أضيفها     كما انحازت الأفعى مخافة ضارب



                                                          يقول : تتنحى هذه العجوز وتتأخر خوفا أن أنزل عليها ضيفا ، ويروى : تحيز مني ، وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : أو متحيزا إلى فئة نصب متحيزا ومتحرفا على الحال أي : إلا أن يتحرف لأن يقاتل أو أن ينحاز أي : ينفرد ليكون مع المقاتلة ، قال : وأصل متحيز متحيوز فأدغمت الواو في الياء . وقال الليث : يقال ما لك تتحوز إذا لم يستقر على الأرض ، والاسم منه التحوز . والحوزاء : الحرب تحوز القوم ، حكاها أبو رياش في شرح أشعار الحماسة في قول جابر بن الثعلب :


                                                          فهلا على أخلاق نعلي معصب     شغبت ، وذو الحوزاء يحفزه الوتر



                                                          الوتر هاهنا : الغضب . والتحوز : التلبث والتمكث . والتحيز والتحوز : التلوي والتقلب ، وخص بعضهم به الحية : يقال : تحوزت الحية وتحيزت أي : تلوت . ومن كلامهم : ما لك تحوز كما تحيز الحية ؟ وتحوز تحيز الحية ، وتحوز الحية ، وهو بطء القيام إذا أراد أن يقوم ؛ قال غيره : والتحوس مثله ، وقال سيبويه : هو تفيعل من حزت الشيء ، والحوز من الأرض أن يتخذها رجل ويبين حدودها فيستحقها ، فلا يكون لأحد فيها حق معه ، فذلك الحوز . وتحوز الرجل وتحيز إذا أراد القيام فأبطأ ذلك عليه . والحوز : الجمع . وكل من ضم شيئا إلى نفسه من مال أو غير ذلك ، فقد حازه حوزا وحيازة وحازه إليه واحتازه إليه ؛ وقول الأعشى يصف إبلا :


                                                          حوزية طويت على زفراتها     طي القناطر قد نزلن نزولا



                                                          قال : الحوزية النوق التي لها خلفة انقطعت عن الإبل في خلفتها وفراهتها ، كما تقول : منقطع القرين ، وقيل : ناقة حوزية أي : منحازة عن الإبل لا تخالطها ، وقيل : بل الحوزية التي عندها سير مذخور من سيرها مصون لا يدرك ، وكذلك الرجل الحوزي الذي له إبداء من رأيه وعقله مذخور . وقال في قول العجاج : له حوزي ، أي : يغلبهن بالهوينا وعنده مذخور لم يبتذله . وقولهم حكاه ابن الأعرابي : إذا طلعت الشعريان يحوزهما النهار فهناك لا يجد الحر مزيدا ، وإذا طلعتا يحوزهما الليل فهناك لا يجد القر مزيدا ، لم يفسره ؛ قال ابن سيده : وهو يحتمل عندي أن يكون يضمهما وأن يكون يسوقهما . وفي الحديث : أن رجلا من المشركين جميع اللأمة كان يحوز المسلمين ؛ أي : يجمعهم ؛ حازه يحوزه إذا قبضه وملكه واستبد به . قال شمر : حزت الشيء جمعته أو نحيته ؛ قال : والحوزي المتوحد في قول الطرماح :


                                                          يطفن بحوزي المراتع ، لم ترع     بواديه من قرع القسي ، الكنائن



                                                          قال : الحوزي المتوحد وهو الفحل منها ، وهو من حزت الشيء إذا جمعته أو نحيته ؛ ومنه حديث معاذ ، رضي الله عنه : فتحوز كل منهم فصلى صلاة خفيفة أي : تنحى وانفرد ، ويروى بالجيم ، من السرعة والتسهل ؛ ومنه حديث يأجوج : فحوز عبادي إلى الطور ، أي : ضمهم إليه ، والرواية فحرز ، بالراء ، وفي حديث عمر ، رضي الله عنه ، قال لعائشة ، رضي الله عنها ، يوم الخندق : ما يؤمنك أن يكون بلاء أو تحوز ؟ وهو من قوله تعالى : أو متحيزا إلى فئة أي : منضما إليها . والتحوز والتحيز والانحياز بمعنى . وفي حديث أبي عبيدة : وقد انحاز على حلقة نشبت في جراحة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يوم أحد أي : أكب عليها وجمع نفسه وضم بعضها إلى بعض . قال عبيد بن حر : كنت مع أبي نضرة من الفسطاط إلى الإسكندرية في سفينة ، فلما دفعنا من [ ص: 268 ] مرسانا أمر بسفرته فقربت ودعانا إلى الغداء ، وذلك في رمضان فقلت : ما تغيبت عنا منازلنا ؛ فقال : أترغب عن سنة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فلم نزل مفطرين حتى بلغنا ما حوزنا ؛ قال شمر في قوله ما حوزنا : هو موضعهم الذي أرادوه ، وأهل الشام يسمون المكان الذي بينهم وبين العدو الذي فيه أساميهم ومكاتبهم : الماحوز ، وقال بعضهم : هو من قولك حزت الشيء إذا أحرزته ، قال أبو منصور : لو كان منه لقيل محازنا أو محوزنا . وحزت الأرض إذا أعلمتها وأحييت حدودها . وهو يحاوزه أي : يخالطه ويجامعه ؛ قال : وأحسب قوله ما حوزنا بلغة غير عربية ، وكذلك الماحوز لغة غير عربية ، وكأنه فاعول ، والميم أصلية ، مثل الفاخور لنبت والراجول للرجل . ويقال للرجل إذا تحبس في الأمر : دعني من حوزك وطلقك . ويقال : طول علينا فلان بالحوز والطلق ، والطلق : أن يخلي وجوه الإبل إلى الماء ويتركها في ذلك ترعى ليلتئذ فهي ليلة الطلق ؛ وأنشد ابن السكيت :


                                                          قد غر زيدا حوزه وطلقه



                                                          وحوز الدار وحيزها : ما انضم إليها من المرافق والمنافع . وكل ناحية على حدة حيز ، بتشديد الياء ، وأصله من الواو . والحيز : تخفيف الحيز مثل هين وهين ولين ولين ، والجمع أحياز نادر . فأما على القياس فحيائز ، بالهمز ، في قول سيبويه ، وحياوز ، بالواو ، في قول أبي الحسن . قال الأزهري : وكان القياس أن يكون أحواز بمنزلة الميت والأموات ولكنهم فرقوا بينهما كراهة الالتباس . وفي الحديث : فحمى حوزة الإسلام أي : حدوده ونواحيه . وفلان مانع لحوزته أي : لما في حيزه . والحوزة ، فعلة ، منه سميت بها الناحية . وفي الحديث : أنه أتى عبد الله بن رواحة يعوده فما تحوز له عن فراشه أي : ما تنحى ؛ التحوز : من الحوزة ، وهي الجانب كالتنحي من الناحية . يقال : تحوز وتحيز إلا أن التحوز تفعل والتحيز تفيعل ، وإنما لم يتنح له عن صدر فراشه لأن السنة في ترك ذلك . والحوز : موضع يحوزه الرجل يتخذ حواليه مسناة ، والجمع أحواز وهو يحمي حوزته أي : ما يليه ويحوزه . والحوزة : الناحية . والمحاوزة : المخالطة . وحوزة الملك : بيضته . وانحاز عنه : انعدل . وانحاز القوم : تركوا مركزهم إلى آخر . يقال للأولياء : انحازوا عن العدو وحاصوا ، وللأعداء : انهزموا وولوا مدبرين . وتحاوز الفريقان في الحرب أي : انحاز كل فريق منهم عن الآخر . وحاوزه : خالطه . والحوز : الملك . وحوزة المرأة : فرجها ؛ وقالت امرأة :


                                                          فظلت أحثي الترب في وجهه عني     وأحمي حوزة الغائب



                                                          قال الأزهري : قال المنذري يقال حمى حوزاته ؛ وأنشد يقول :


                                                          لها سلف يعود بكل ريع     حمى الحوزات واشتهر الإفالا



                                                          قال : السلف الفحل . حمى حوزاته أي : لا يدنو فحل سواه منها ؛ وأنشد الفراء :


                                                          حمى حوزاته فتركن قفرا     وأحمى ما يليه من الإجام



                                                          أراد بحوزاته نواحيه من المرعى . قال محمد بن المكرم : إن كان للأزهري دليل غير شعر المرأة في قولها : وأحمي حوزتي للغائب

                                                          على أن حوزة المرأة فرجها سمع ، واستدلاله بهذا البيت فيه نظر لأنها لو قالت : وأحمي حوزتي للغائب صح الاستدلال ، لكنها قالت وأحمي حوزة الغائب ، وهذا القول منها لا يعطي حصر المعنى في أن الحوزة فرج المرأة لأن كل عضو للإنسان قد جعله الله تعالى في حوزه ، وجميع أعضاء المرأة والرجل حوزه ، وفرج المرأة أيضا في حوزها ما دامت أيما لا يحوزه أحد إلا إذا نكحت برضاها ، فإذا نكحت صار فرجها في حوزة زوجها ، فقولها : وأحمي حوزة الغائب

                                                          معناه أن فرجها مما حازه زوجها فملكه بعقدة نكاحها ، واستحق التمتع به دون غيره فهو إذا حوزته بهذه الطريق لا حوزتها بالعلمية ، وما أشبه هذا بوهم الجوهري في استدلاله ببيت عبد الله بن عمر في محبته لابنه سالم بقوله :


                                                          وجلدة بين العين والأنف سالم



                                                          على أن الجلدة التي بين العين والأنف يقال لها سالم ، وإنما قصد عبد الله قربه منه ومحله عنده ، وكذلك هذه المرأة جعلت فرجها حوزة زوجها فحمته له من غيره ، لا أن اسمه حوزة ، فالفرج لا يختص بهذا الاسم دون أعضائها ، وهذا الغائب بعينه لا يختص بهذا الاسم دون غيره ممن يتزوجها ، إذ لو طلقها هذا الغائب وتزوجها غيره بعده صار هذا الفرج بعينه حوزة للزوج الأخير ، وارتفع عنه هذا الاسم للزوج الأول ، والله أعلم . ابن سيده : الحوز النكاح . وحاز المرأة حوزا : نكحها ؛ قال الشاعر :


                                                          يقول لما حازها حوز المطي



                                                          أي جامعها . والحواز : ما يحوزه الجعل من الدحروج وهو الخرء الذي يدحرجه ؛ قال :


                                                          سمين المطايا يشرب الشرب والحسا     قمطر كحواز الدحاريج أبتر



                                                          والحوز : الطبيعة من خير أو شر . وحوز الرجل : طبيعته من خير أو شر . وفي حديث ابن مسعود ، رضي الله عنه : الإثم حواز القلوب ؛ هكذا رواه شمر ، بتشديد الواو ، من حاز يحوز أي : يجمع القلوب ، والمشهور بتشديد الزاي ، وقيل : حواز القلوب أي : يحوز القلب ويغلب عليه حتى يركب ما لا يحب ، قال الأزهري : ولكن الرواية حزاز القلوب أي : ما حز في القلب وحك فيه . وأمر محوز : محكم . والحائز : الخشبة التي تنصب عليها الأجذاع . وبنو حويزة : قبيلة ؛ قال ابن سيده : أظن ذلك ظنا . وأحوز وحواز : اسمان . وحوزة : اسم موضع ؛ قال صخر بن عمرو :


                                                          قتلت الخالدين بها وعمرا     وبشرا ، يوم حوزة ، وابن بشر



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية