الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حوا ]

                                                          حوا : الحوة : سواد إلى الخضرة ، وقيل : حمرة تضرب إلى السواد ، وقد حوي حوى واحواوى واحووى ، مشدد ، واحووى فهو أحوى ، والنسب إليه أحوي ؛ قال ابن سيده : قال سيبويه إنما ثبتت الواو في احوويت واحواويت حيث كانتا وسطا ، كما أن التضعيف وسطا أقوى نحو اقتتل فيكون على الأصل ، وإذا كان مثل هذا طرفا اعتل ، وتقول في تصغير يحيى يحي ، وكل اسم اجتمعت فيه ثلاث ياءات أولهن ياء التصغير فإنك تحذف منهن واحدة ، فإن لم يكن أولهن ياء التصغير أثبتهن ثلاثتهن ، تقول في تصغير حية حيية ، وفي تصغير أيوب أيييب بأربع ياءات ، واحتملت ذلك لأنها في وسط الاسم ولو كانت طرفا لم يجمع بينهن ، قال ابن سيده : ومن قال احواويت بالمصدر احوياء لأن الياء تقلبها كما قلبت واو أيام ، ومن قال احوويت فالمصدر احوواء لأنه ليس هنالك ما يقلبها كما كان ذلك في احوياء ، ومن قال قتال قال حواء ، وقالوا حويت فصحت الواو بسكون الياء بعدها . الجوهري : الحوة لون يخالطه الكمتة مثل صدأ الحديد ، والحوة سمرة الشفة . يقال : رجل أحوى وامرأة حواء وقد حويت . ابن سيده : شفة حواء حمراء تضرب إلى السواد ، وكثر في كلامهم حتى سموا كل أسود أحوى ؛ وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          كما ركدت حواء ، أعطي حكمه بها القين ، من عود تعلل جادبه



                                                          يعني بالحواء بكرة صنعت من عود أحوى أي : أسود ، وركدت : دارت ، ويكون وقفت ، والقين : الصانع . التهذيب : والحوة في الشفاه شبيه باللعس واللمى ؛ قال ذو الرمة : [ ص: 281 ]

                                                          لمياء في شفتيها حوة لعس     وفي اللثات وفي أنيابها شنب



                                                          وفي حديث أبي عمرو النخعي : ولدت جديا أسفع أحوى ، أي : أسود ليس بشديد السواد . واحواوت الأرض : اخضرت . قال ابن جني : وتقديره افعالت كاحمارت ، والكوفيون يصححون ويدغمون ولا يعلون فيقولون : احواوت الأرض واحووت ؛ قال ابن سيده : والدليل على فساد مذهبهم قول العرب احووى على مثال ارعوى ولم يقولوا احوو . وجميم أحوى : يضرب إلى السواد من شدة خضرته ، وهو أنعم ما يكون من النبات . قال ابن الأعرابي : هو مما يبالغون به . الفراء في قوله تعالى : والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى قال : إذا صار النبت يبيسا فهو غثاء ، والأحوى الذي قد اسود من القدم والعتق ، وقد يكون معناه أيضا أخرج المرعى أحوى أي : أخضر فجعله غثاء بعد خضرته فيكون مؤخرا معناه التقديم . والأحوى : الأسود من الخضرة ، كما قال : مدهامتان . النضر : الأحوى من الخيل هو الأحمر السراة . وفي الحديث : خير الخيل الحو ؛ جمع أحوى وهو الكميت الذي يعلوه سواد . والحوة : الكمتة . أبو عبيدة : الأحوى هو أصفى من الأحم ، وهما يتدانيان حتى يكون الأحوى محلفا يحلف عليه أنه أحم . ويقال : احواوى يحواوي احويواء . الجوهري : احووى الفرس يحووي احوواء ، قال : وبعض العرب يقول حوي يحوى حوة ؛ حكاه عن الأصمعي في كتاب الفرس . قال ابن بري في بعض النسخ : احووى ، بالتشديد ، وهو غلط ، قال : وقد أجمعوا على أنه لم يجئ في كلامهم فعل في آخره ثلاثة أحرف من جنس واحد إلا حرف واحد وهو ابيضض ؛ وأنشدوا :


                                                          فالزمي الخص واخفضي تبيضضي



                                                          أبو خيرة : الحو من النمل نمل حمر يقال لها نمل سليمان . والأحوى : فرس قتيبة بن ضرار . والحواء : نبت يشبه لون الذئب ، واحدته حواءة . وقال أبو حنيفة : الحواءة بقلة لازقة بالأرض ، وهي سهلية ويسمو من وسطها قضيب عليه ورق أدق من ورق الأصل ، وفي رأسه برعومة طويلة فيها بزرها . والحواءة : الرجل اللازم بيته ، شبه بهذه النبتة . ابن شميل : هما حواءان أحدهما حواء الذعاليق وهو حواء البقر وهو من أحرار البقول ، والآخر حواء الكلاب وهو من الذكور ينبت في الرمث خشنا ؛ وقال :


                                                          كما تبسم للحواءة الجمل



                                                          وذلك لأنه لا يقدر على قلعها حتى يكشر عن أنيابه للزوقها بالأرض . الجوهري : وبعير أحوى إذا خالط خضرته سواد وصفرة . قال : وتصغير أحوى أحيو في لغة من قال أسيود ، واختلفوا في لغة من أدغم فقال عيسى بن عمر أحيي : فصرف ، وقال سيبويه : هذا خطأ ، ولو جاز هذا لصرف أصم لأنه أخف من أحوى ولقالوا أصيم فصرفوا ، وقال أبو عمرو بن العلاء فيه أحيو ، قال سيبويه : ولو جاز هذا لقلت في عطاء عطي وقيل : أحي وهو القياس والصواب . وحوة الوادي : جانبه . وحواء : زوج آدم ، عليهما السلام ، والحواء : اسم فرس علقمة بن شهاب . وحو : زجر للمعز وقد حوحى بها . والحو والحي : الحق . واللو واللي : الباطل . ولا يعرف الحو من اللو أي : لا يعرف الكلام البين من الخفي ، وقيل : لا يعرف الحق من الباطل . أبو عمرو : الحوة الكلمة من الحق . والحوة : موضع ببلاد كلب ؛ قال ابن الرقاع :


                                                          أو ظبية من ظباء الحوة ابتقلت     مذانبا ، فجرت نبتا وحجرانا



                                                          قال ابن بري : الذي في شعر ابن الرقاع فجرت ، والحجران جمع حاجر مثل حائر وحوران ، وهو مثل الغدير يمسك الماء . والحواء ، مثل المكاء : نبت يشبه لون الذئب ، الواحدة حواءة ؛ قال ابن بري : شاهده قول الشاعر :


                                                          وكأنما شجر الأراك لمهرة     حواءة نبتت بدار قرار



                                                          وحوي خبت : طائر ؛ وأنشد :


                                                          حوي خبت أين بت الليله ؟     بت قريبا أحتذي نعيله



                                                          وقال آخر :


                                                          كأنك في الرجال حوي خبت     يزقي في حويات بقاع



                                                          وحوى الشيء يحويه حيا وحواية واحتواه واحتوى عليه : جمعه وأحرزه . واحتوى على الشيء : ألمأ عليه . وفي الحديث : أن امرأة قالت : إن ابني هذا كان بطني له حواء ؛ الحواء : اسم المكان الذي يحوي الشيء أي : يجمعه ويضمه . وفي الحديث : أن رجلا قال : يا رسول الله ، هل علي في مالي شيء إذا أديت زكاته ؟ قال : فأين ما تحاوت عليك الفضول ؟ هي تفاعلت من حويت الشيء إذا جمعته ؛ يقول : لا تدع المواساة من فضل مالك ، والفضول جمع فضل المال عن الحوائج ، ويروى : تحاوأت ، بالهمز ، وهو شاذ مثل لبأت بالحج . والحية : من الهوام معروفة ، تكون للذكر والأنثى بلفظ واحد ، وسنذكرها في ترجمة حيا ، وهو رأي الفارسي ؛ قال ابن سيده : وذكرتها هنا لأن أبا حاتم ذهب إلى أنها من حوى قال لتحويها في لوائها . ورجل حواء وحاو : يجمع الحيات ، قال : وهذا يعضد قول أبي حاتم أيضا . وحوى الحية : انطواؤها ؛ وأنشد ابن بري لأبي عنقاء الفزاري :


                                                          طوى نفسه طي الحرير ، كأنه     حوى حية في ربوة ، فهو هاجع



                                                          وأرض محواة : كثيرة الحيات . قال الأزهري : اجتمعوا على ذلك . والحوية : كساء يحوى حول سنام البعير ثم يركب . الجوهري : الحوية كساء محشو حول سنام البعير وهي السوية . قال عمير بن وهب الجمحي يوم بدر وحنين لما نظر إلى أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وحزرهم وأخبر عنهم : رأيت الحوايا عليها المنايا نواضح يثرب تحمل الموت الناقع . والحوية لا تكون إلا للجمال ، والسوية قد تكون [ ص: 282 ] لغيرها ، وهي الحوايا . ابن الأعرابي : العرب تقول المنايا على الحوايا أي : قد تأتي المنية الشجاع وهو على سرجه . وفي حديث صفية : كانت تحوي وراءه بعباءة أو كساء ؛ التحوية : أن تدير كساء حول سنام البعير ثم تركبه ، والاسم الحوية . والحوية : مركب يهيأ للمرأة لتركبه ، وحوى حوية عملها ؛ والحوية : استدارة كل شيء . وتحوى الشيء : استدار . الأزهري : الحوي استدارة كل شيء كحوي الحية وكحوي بعض النجوم إذا رأيتها على نسق واحد مستديرة . ابن الأعرابي : الحوي المالك بعد استحقاق ، والحوي العليل ، والدوي الأحمق ، مشددات كلها . الأزهري : والحوي أيضا الحوض الصغير يسويه الرجل لبعيره يسقيه فيه ، وهو المركو يقال : قد احتويت حويا . والحوايا : التي تكون في القيعان فهي حفائر ملتوية يملؤها ماء السماء فيبقى فيها دهرا طويلا ، لأن طين أسفلها علك صلب يمسك الماء ، واحدتها حوية ، وتسميها العرب الأمعاء تشبيها بحوايا البطن يستنقع فيها الماء . وقال أبو عمرو : الحوايا المساطح ، وهو أن يعمدوا إلى الصفا فيحوون له ترابا وحجارة تحبس عليهم الماء ، واحدتها حوية . قال ابن بري : الحوايا آبار تحفر ببلاد كلب في أرض صلبة يحبس فيها ماء السيول يشربونه طول سنتهم ؛ عن ابن خالويه . قال ابن سيده : والحوية صفاة يحاط عليها بالحجارة أو التراب فيجتمع فيها الماء . والحوية والحاوية والحاوياء : ما تحوى من الأمعاء ، وهي بنات اللبن ، وقيل : هي الدوارة منها ، والجمع حوايا ، تكون فعائل إن كانت جمع حوية ، وفواعل إن كانت جمع حاوية أو حاوياء . الفراء في قوله تعالى : أو الحوايا أو ما اختلط بعظم هي المباعر وبنات اللبن . ابن الأعرابي : الحوية والحاوية واحدة وهي الدوارة التي في بطن الشاة . ابن السكيت : الحاويات بنات اللبن ، يقال : حاوية وحاويات وحاوياء ، ممدود . أبو الهيثم : حاوية وحوايا مثل زاوية وزوايا ، ومنهم من يقول : حوية وحوايا مثل الحوية التي توضع على ظهر البعير ويركب فوقها ، ومنهم من يقول لواحدتها حاوياء ، وجمعها حوايا ؛ قال جرير :


                                                          تضغو الخنانيص ، والغول التي أكلت     في حاوياء دروم الليل مجعار



                                                          الجوهري : حوية البطن وحاوية البطن وحاوياء البطن كله بمعنى ؛ قال جرير :


                                                          كأن نقيق الحب في حاويائه     نقيق الأفاعي ، أو نقيق العقارب



                                                          وأنشد ابن بري لعلي ، كرم الله وجهه :


                                                          أضربهم ولا أرى معاويه     الجاحظ العين ، العظيم الحاويه



                                                          وقال آخر :


                                                          وملح الوشيقة في الحاويه



                                                          يعني اللبن . وجمع الحوية حوايا وهي الأمعاء ، وجمع الحاوياء حواو على فواعل ، وكذلك جمع الحاوية ؛ قال ابن بري : حواو لا يجوز عند سيبويه لأنه يجب قلب الواو التي بعد ألف الجمع همزة ، لكون الألف قد اكتنفها واوان ، وعلى هذا قالوا في جمع شاوية : شوايا ولم يقولوا شواو ، والصحيح أن يقال في جمع حاوية وحاوياء حوايا ، ويكون وزنها فواعل ومن قال في الواحدة حوية ، فوزن حوايا فعائل كصفية وصفايا ، والله أعلم . الليث : الحواء أخبية يدانى بعضها من بعض ، تقول : هم أهل حواء واحد ، والعرب تقول لمجتمع بيوت الحي محتوى ومحوى وحواء ، والجمع أحوية ومحاو ؛ وقال :


                                                          ودهماء تستوفي الجزور كأنها     بأفنية المحوى ، حصان مقيد



                                                          ابن سيده : والحواء والمحوى كلاهما جماعة بيوت الناس إذا تدانت ، والجمع الأحوية ، وهي من الوبر . وفي حديث قيلة : فوألنا إلى حواء ضخم ، الحواء : بيوت مجتمعة من الناس على ماء ، ووألنا أي : لجأنا ؛ ومنه الحديث الآخر : ويطلب في الحواء العظيم الكاتب فما يوجد . والتحوية : الانقباض ؛ قال ابن سيده : هذه عبارة اللحياني قال : وقيل للكلبة : ما تصنعين مع الليلة المطيرة ؟ فقالت : أحوي نفسي وأجعل نفسي عند استي ؛ قال : وعندي أن التحوي الانقباض ، والتحوية القبض . والحوية : طائر صغير ؛ عن كراع . وتحوى أي : تجمع واستدار . يقال : تحوت الحية . والحواة : الصوت كالخواة ، والخاء أعلى . وحوي : اسم ؛ أنشدثعلب لبعض اللصوص :


                                                          تقول وقد نكبتها عن بلادها :     أتفعل هذا يا حوي على عمد ؟



                                                          وفي حديث أنس : ( شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي حتى حكم وحاء ) هما حيان من اليمن من وراء رمل يبرين ؛ قال أبو موسى : يجوز أن يكون حا من الحوة ، وقد حذفت لامه ، ويجوز أن يكون من حوى يحوي ، ويجوز أن يكون مقصورا . لا ممدودا . قال ابن سيده : والحاء حرف هجاء ، قال : وحكى صاحب العين حييت حاء ، فإذا كان هذا فهو من باب عييت ، قال : وهذا عندي من صاحب العين صنعة لا عربية ، قال : وإنما قضيت على الألف أنها واو لأن هذه الحروف وإن كانت صوتا في موضوعاتها فقد لحقت ملحق الأسماء وصارت كمال ، وإبدال الألف من الواو عينا أكثر من إبدالها من الياء ، قال : هذا مذهب سيبويه وإذا كانت العين واوا كانت الهمزة ياء لأن باب لويت أكثر من باب قوة ، أعني أنه أن تكون الكلمة من حروف مختلفة أولى من أن تكون من حروف متفقة ، لأن باب ضرب أكثر من باب رددت ، قال : ولم أقض أنها همزة لأن حا وهمزة على النسق معدوم . وحكى ثعلب عن معاذ الهراء أنه سمع العرب تقول : هذه قصيدة حاوية أي : على الحاء ، ومنهم من يقول حائية ، فهذا يقوي أن الألف الأخيرة همزة وضعية ، وقد قدمنا عدم حا وهمزة على نسق . وحم ، قال ثعلب : معناه لا ينصرون ، قال : والمعنى يا منصور اقصد بهذا لهم أو يا الله . قال سيبويه : حم لا ينصرف جعلته اسما للسورة أو أضفت إليه ، لأنهم أنزلوه بمنزلة اسم أعجمي نحو هابيل وقابيل ؛ وأنشد :

                                                          [ ص: 283 ]

                                                          وجدنا لكم ، في آل حميم ، آية     تأولها منا تقي ومعرب



                                                          قال ابن سيده : هكذا أنشده سيبويه ، ولم يجعل هنا حا مع ميم كاسمين ضم أحدهما إلى صاحبه ، إذ لو جعلهما كذلك لمد حا ، فقال حاء ميم ليصير كحضرموت . وحيوة : اسم رجل ، قال ابن سيده : وإنما ذكرتها هاهنا لأنه ليس في الكلام ح ي و ، وإنما هي عندي مقلوبة من ح و ي ، إما مصدر حويت حية مقلوب ، وإما مقلوب عن الحية التي هي الهامة فيمن جعل الحية من ح و ي ، وإنما صحت الواو لنقلها إلى العلمية ، وسهل لهم ذلك القلب ، إذ لو أعلوا بعد القلب والقلب علة لتوالى إعلالان ، وقد تكون فيعلة من حوى يحوي ثم قلبت الواو ياء للكسرة فاجتمعت ثلاث ياءات ، فحذفت الأخيرة فبقي حية ، ثم أخرجت على الأصل فقيل حيوة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية