الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حيس ]

                                                          حيس : الحيس : الخلط ، ومنه سمي الحيس . والحيس : الأقط يخلط بالتمر والسمن ، وحاسه يحيسه حيسا ؛ قال الراجز :


                                                          التمر والسمن معا ثم الأقط الحيس ، إلا أنه لم يختلط



                                                          وفي الحديث : أنه أولم على بعض نسائه بحيس ؛ قال : هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن ، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق والفتيت . وحيسه : خلطه واتخذه ؛ قال هني بن أحمر الكناني ، وقيل هو لزرافة الباهلي :


                                                          هل في القضية أن إذا استغنيتم     وأمنتم ، فأنا البعيد الأجنب ؟
                                                          وإذا الكتائب بالشدائد مرة     جحرتكم ، فأنا الحبيب الأقرب ؟
                                                          ولجندب سهل البلاد وعذبها     ولي الملاح وحزنهن المجدب !
                                                          وإذا تكون كريهة أدعى لها     وإذا يحاس الحيس يدعى جندب !
                                                          عجبا لتلك قضية ، وإقامتي     فيكم على تلك القضية أعجب !
                                                          هذا لعمركم الصغار بعينه     لا أم لي ، إن كان ذاك ، ولا أب



                                                          والحيس : التمر البرني والأقط يدقان ويعجنان بالسمن عجنا شديدا حتى يندر النوى منه نواة نواة ثم يسوى كالثريد ، وهي الوطبة أيضا ، إلا أن الحيس ربما جعل فيه السويق ، وأما الوطبة فلا . ومن أمثالهم : عاد الحيس يحاس ؛ ومعناه أن رجلا أمر بأمر فلم يحكمه ، فذمه آخر وقام ليحكمه فجاء بشر منه ، فقال الآمر : عاد الحيس يحاس أي : عاد الفاسد يفسد ؛ وقوله أنشد ابن الأعرابي :


                                                          عصت سجاح شبثا وقيسا     ولقيت من النكاح ويسا
                                                          قد حيس هذا الدين عندي حيسا



                                                          معنى حيس هذا الدين : خلط كما يخلط الحيس ، وقال مرة : فرغ منه كما يفرغ من الحيس . وقد شبهت العرب بالحيس ؛ ابن سيده : المحيوس الذي أحدقت به الإماء من كل وجه ، يشبه بالحيس وهو يخلط خلطا شديدا ، وقيل : إذا كانت أمه وجدته أمتين ، فهو محيوس ؛ قال أبو الهيثم : إذا كانت . . . أو جدتاه من قبل أبيه وأمه أمة ، فهو المحيوس . وفي حديث أهل البيت : لا يحبنا اللكع ولا المحيوس ؛ ابن الأثير : المحيوس الذي أبوه عبد وأمه أمة ؛ كأنه مأخوذ من الحيس . الجوهري : الحواسة الجماعة من الناس المختلطة ، والحواسات الإبل المجتمعة ؛ قال الفرزدق :


                                                          حواسات العشاء خبعثنات     إذا النكباء عارضت الشمالا



                                                          ويروى العشاء ، بفتح العين ، ويجعل الحواسة من الحوس ، وهو الأكل والدوس . وحواسات : أكولات ، وهذا البيت أورده ابن سيده في [ ص: 288 ] ترجمة حوس وقال : لا أدري معناه وأورده الأزهري بمعنى الذي لا يبرح مكانه حتى ينال حاجته . ويقال : حست أحيس حيسا ؛ وأنشد :


                                                          عن أكلي العلهز أكل الحيس



                                                          ورجل حيوس : قتال ، لغة في حئوس ؛ عن ابن الأعرابي ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية