الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 364 ] ثم دخلت سنة سبع وأربعين وخمسمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها توفي السلطان مسعود ، وقام بالأمر من بعده ابن أخيه ملكشاه بن محمود ، ثم جاء السلطان محمد فأخذ الملك ، واستقر له ، وقتل الأمير خاص بك ، وأخذ أمواله ، وألقاه للكلاب فاختبطت بغداد واضطربت الأمور ، وتغيرت القواعد ، وبلغ الخليفة أن واسطا قد تخبطت أيضا ، فركب إليها في الجيش في أبهة عظيمة ، وأصلح شأنها ، وكر على الكوفة والحلة ، ثم عاد إلى بغداد مؤيدا منصورا ; فزينت له البلد ، ولله الحمد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ملك عبد المؤمن صاحب بلاد المغرب بجاية ، وهي بلاد بني حماد ، فكان آخر ملوكهم يحيى بن عبد العزيز بن حماد ، ثم بعث جيشا إلى صنهاجة فحاصرها ، وأخذ أموالها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كانت وقعة عظيمة بين نور الدين محمود وبين الفرنج ، فكسرهم وقتل منهم خلقا كثيرا ، ولله الحمد والمنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها اقتتل سنجر وملك الغور علاء الدين الحسين بن الحسين أول [ ص: 365 ] ملوكهم ، فكسره سنجر وأسره ، فلما أحضره بين يديه قال له : ماذا كنت تصنع بي لو أسرتني ؟ فأخرج قيدا من فضة وقال : كنت أقيدك بهذا . فعفا عنه وأطلقه إلى بلاده ، فسار إلى غزنة فانتزعها من يد صاحبها بهرام شاه السبكتكيني ، واستخلف عليها أخاه سيف الدين فغدر به أهل البلد ، وسلموه إلى بهرام شاه فصلبه ، ومات بهرام شاه قريبا ، فسار إليها علاء الدين فهرب خسرو بن بهرام شاه عنها ، فدخلها علاء الدين فنهبها ثلاثة أيام ، وقتل من أهلها بشرا كثيرا ، وسخر أهلها ، فحملوا ترابا في مخال إلى محلة هناك بعيدة عن البلد ، فعمر من ذلك التراب قلعة معروفة إلى الآن ، وبذلك انقضت دولة بني سبكتكين عن بلاد غزنة وغيرها . وقد كان ابتداء أمرهم في سنة ست وستين وثلاثمائة ، وكانوا من خيار الملوك ، وأكثرهم جهادا في الكفرة ، وأكثرهم أموالا ونساء وعددا وعددا ، قد كسروا الأصنام ، وأبادوا الكفار ، وجمعوا من الأموال ما لم يجمع غيرهم من الملوك ، مع أن بلادهم من أطيب البلاد وأكثرها ريفا ومياها ففني جميعه ، وزال عنهم قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير [ آل عمران : 26 ] ثم ملك الغور والهند وخراسان ، واتسعت ممالكهم وعظم سلطانهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحكى ابن الجوزي في " المنتظم " أن في هذه السنة باض ديك بيضة [ ص: 366 ] واحدة ، ثم باض باز بيضتين ، وباضت نعامة ليس لها ذكر ، وهذا شيء عجيب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية