الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النوع الرابع : دخول الحمام

                                                                                                                وفي " المقدمات " : يجوز دخول الحمام ، إذا كان خاليا لا كراهة ، وأما مستتر مع مستترين ، فعن ابن القاسم : تركه أحسن خشية الاطلاع على العورة إذ لا يكاد يسلم من ذلك ، وأما غير مستتر أو مع من لا يستتر فحرام ; لأن ستر العورة فرض ، وفاعل ذلك جرحة في حقه ، والنساء كالرجال ، قال : هذا هو الذي يقتضيه النظر ; لأن المرأة يجوز لها أن تنظر من المرأة ما يجوز للرجل أن ينظر من الرجل ، لقوله عليه السلام : " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة ، ولا يفض الرجل إلى الرجل في ثوب ، ولا تفض المرأة إلى المرأة في ثوب " ، في أبي داود ، فجعل عليه السلام المرأة مع المرأة كالرجل مع الرجل ، ولأن النساء يغسلن المرأة كما يغسل الرجال الرجل اتفاقا ، وقال ابن أبي زيد في " الرسالة " : لا تدخل المرأة الحمام إلا من علة ، لما روي أنه محرم عليهن ، ففي الحديث : " ستفتح لكم بلاد فيها الحمام ، لا يدخله الرجل إلا بمئزر ، ولا تدخله المرأة بمئزر ولا غيره " ، وعلى القول أيضا بأن جميع جسدها عورة للنساء ، لما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي عبيدة أنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء المشركين ، فانه عن ذلك أشد النهي ، فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن يرى عورتها غير أهل دينها ، قال وأرى أن دخولهن مكروه، وهو الذي [ ص: 269 ] تحمل عليه الأحاديث سدا لذريعة دخولهن بغير مئزر ، وورد نهيهن عاما ، وحمل على وقت لم يكن لهن حمام مفرد ، فقد قالت أم كلثوم : أمرتني عائشة - رضي الله عنها - فطليتها بالنورة ، ثم طليتها بالحنا ما بين قرنها إلى قدمها في الحمام من حصب أصابها ، فقلت لها : ألم تكوني تنهين النساء عن الحمامات ؟ فقالت : إني سقيمة .

                                                                                                                وفي " الجواهر " : لا خلاف في تحريم دخول الحمام مع من لا يستتر ، قال القاضي أبو بكر : فإن استتر دخل بعشرة شروط : أن لا يدخل إلا بنية التداوي ، أو بنية التطهير ; وأن يعتمد أوقات الخلوة ، أو قلة الناس ; وأن تكون سترته صفيقة ; وأن يطرح بصره إلى الأرض ويستقبل الحائط لئلا يرى محرما ; وأن يغير ما رأى من منكر برفق ، يقول : استر سترك الله ; وأن لا يمكن أحدا من عورته إن دلكه من سرته إلى ركبته إلا امرأته ، أو جاريته ; وأن يدخل بأجرة معلومة بشرط أو عادة ; وأن يصب الماء على قدر الحاجة ; التاسع : وإن لم يقدر على دخوله وحده اتفق مع قوم يحفظون أديانهم على كراهية ; العاشر : أن يتذكر عذاب جهنم ، فإن لم يمكنه ذلك كله فليجتهد في غض البصر .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية