الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خرص ] خرص : خرص يخرص ، بالضم ، خرصا وتخرص أي كذب . ورجل خراص : كذاب وفي التنزيل : قتل الخراصون ; قال الزجاج : الكذابون . وتخرص فلان على الباطل واخترصه أي [ ص: 46 ] افتعله ، قال : ويجوز أن يكون الخراصون الذين إنما يظنون الشيء ولا يحقونه فيعملون بما لا يعلمون . وقال الفراء : معناه لعن الكذابون الذين قالوا محمد شاعر ، وأشباه ذلك خرصوا بما لا علم لهم به . وأصل الخرص التظني فيما لا تستيقنه ، ومنه خرص النخل والكرم إذا حزرت التمر لأن الحزر إنما هو تقدير بظن لا إحاطة ، والاسم الخرص ، بالكسر ، ثم قيل للكذب خرص لما يدخله من الظنون الكاذبة . غيره : الخرص : حزر ما على النخل من الرطب تمرا . وقد خرصت النخل والكرم أخرصه خرصا إذا حزر ما عليها من الرطب تمرا ، ومن العنب زبيبا ، وهو من الظن لأن الحزر إنما هو تقدير بظن . وخرص العدد يخرصه ويخرصه خرصا وخرصا : حزره ، وقيل : الخرص المصدر والخرص ، بالكسر ، الاسم . يقال : كم خرص أرضك وكم خرص نخلك ؟ بكسر الخاء ، وفاعل ذلك الخارص . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث الخراص على نخيل خيبر عند إدراك ثمرها فيحزرونه رطبا كذا وتمرا كذا ، ثم يأخذهم بمكيلة ذلك من التمر الذي يجب له وللمساكين ، وإنما فعل ذلك - صلى الله عليه وسلم - لما فيه من الرفق لأصحاب الثمار فيما يأكلونه منه مع الاحتياط للفقراء في العشر ونصف العشر ولأهل الفيء في نصيبهم . وجاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه أمر بالخرص في النخل والكرم خاصة دون الزرع القائم ، وذلك أن ثمارها ظاهرة ، والخرص يطيف بها فيرى ما ظهر من الثمار وذلك ليس كالحب في أكمامه . ابن شميل : الخرص ، بكسر الخاء ، الحزر مثل علمت علما ; قال الأزهري : هذا جائز لأن الاسم يوضع موضع المصدر . وأما ما ورد في الحديث من قولهم : إنه كان يأكل العنب خرصا فهو أن يضعه في فيه ويخرج عرجونه عاريا منه ; هكذا جاء في رواية ، والمروي خرطا ، بالطاء . والخراص والخرص والخرص والخرص : سنان الرمح ، وقيل : هو ما على الجبة من السنان ، وقيل : هو الرمح نفسه ; قال حميد بن ثور :


                                                          يعض منها الظلف الدئيا عض الثقاف الخرص الخطيا



                                                          وهو مثل عسر وعسر ، وجمعه خرصان . قال ابن بري : هو حميد الأرقط ، قال : والذي في رجزه الدئيا وهي جمع دأية ; وشاهد الخرص بكسر الخاء قول بشر :


                                                          وأوجرنا عتيبة ذات خرص     كأن بنحره منها عبيرا



                                                          وقال آخر :


                                                          أوجرت جفرته خرصا فمال به     كما انثنى خضد من ناعم الضال



                                                          وقيل : هو رمح قصير يتخذ من خشب منحوت وهو الخريص ; عن ابن جني ، وأنشد لأبي دواد :


                                                          وتشاجرت أبطاله بالمشرفي وبالخريص



                                                          قال ابن بري : هذا البيت يروى أبطالنا وأبطاله وأبطالها ، فمن روى أبطالها فالهاء عائدة على الحرب وإن لم يتقدم لها ذكر لدلالة الكلام عليها ، ومن روى أبطاله فالهاء عائدة على المشهد في بيت قبله :


                                                          هلا سألت بمشهدي     يوما يتع بذي الفريص



                                                          ومن روى أبطالنا فمعناه مفهوم . وقيل : الخريص السنان والخرصان أصلها القضبان ; قال قيس بن الخطيم :


                                                          ترى قصد المران تلقى كأنه     تذرع خرصان بأيدي الشواطب



                                                          جعل الخرص رمحا وإنما هو نصف السنان الأعلى إلى موضع الجبة ، وأورد الجوهري هذا البيت شاهدا على قوله الخرص . والخرص : الجريد من النخل . الباهلي : الخرص الغصن والخرص القناة والخرص السنان ، ضم الخاء في جميعها . والمخارص : الأسنة ; قال بشر :


                                                          ينوي محاولة القيام وقد مضت     فيه مخارص كل لدن لهذم



                                                          ابن سيده : الخرص كل قضيب من شجرة . والخرص والخرص والخرص ; الأخيرة عن أبي عبيدة : كل قضيب رطب أو يابس كالخوط . والخرص أيضا : الجريدة ، والجمع من كل ذلك أخراص وخرصان . والخرص والخرص : العود يشار به العسل ، والجمع أخراص ; قال ساعدة بن جؤية الهذلي يصف مشتار العسل :


                                                          معه سقاء لا يفرط حمله     صفن وأخراص يلحن ومسأب



                                                          والمخارص : مشاور العسل . والمخارص أيضا : الخناجر ; قالت خويلة الرياضية ترثي أقاربها :


                                                          طرقتهم أم الدهيم فأصبحوا     أكلا لها بمخارص وقواضب



                                                          والخرص والخرص : القرط بحبة واحدة ، وقيل : هي الحلقة من الذهب والفضة ، والجمع خرصة ، والخرصة لغة فيها . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعظ النساء وحثهن على الصدقة فجعلت المرأة تلقي الخرص والخاتم . قال شمر : الخرص الحلقة الصغيرة من الحلي كهيئة القرط وغيرها ، والجمع الخرصان ; قال الشاعر :


                                                          عليهن لعس من ظباء تبالة     مذبذبة الخرصان باد نحورها



                                                          وفي الحديث : ( أيما امرأة جعلت في أذنها خرصا من ذهب جعل في أذنها مثله خرصا من النار ) ; الخرص والخرص ، بالضم والكسر : حلقة صغيرة من الحلي وهي من حلي الأذن ، قيل : كان هذا قبل النسخ فإنه قد ثبت إباحة الذهب للنساء ، وقيل : هو خاص بمن لم تؤد زكاة حليها . والخرص : الدرع لأنها حلق مثل الخرص الذي في الأذن . الأزهري : ويقال للدروع خرصان وخرصان ; وأنشد :


                                                          سم الصباح بخرصان مسومة     والمشرفية نهديها بأيدينا



                                                          قال بعضهم : أراد بالخرصان الدروع ، وتسويمها جعل حلق صفر [ ص: 47 ] فيها ، ورواه بعضهم : بخرصان مقومة جعلها رماحا . وفي حديث سعد بن معاذ : أن جرحه قد برأ فلم يبق منه إلا كالخرص أي في قلة أثر ما بقي من الجرح . والخريص : شبه حوض واسع ينبثق فيه الماء من النهر ثم يعود إليه والخريص ممتلئ ; قال عدي بن زيد :


                                                          والمشرف المصقول يسقى به     أخضر مطموثا بماء الخريص



                                                          أي ملموسا أو ممزوجا ; وهو في شعر عدي :


                                                          والمشرف المشمول يسقى به

                                                          قال : والمشرف إناء كانوا يشربون به وكان فيه كماء الخريص وهي السحاب ، ورواه ابن الأعرابي : كماء الخريص ، قال : وهو البارد في روايته ، ويروى المشمول ، قال : والمشمول الطيب . ويقال للرجل إذا كان كريما : إنه لمشمول . والمطموث : الممسوس . وماء خريص مثل خصر أي بارد ; قال الراجز :


                                                          مدامة صرف بماء خريص



                                                          قال ابن بري : صواب إنشاده : مدامة صرفا ، بالنصب ، لأن صدره :


                                                          والمشرف المشمول يسقى به     مدامة صرفا بماء خريص



                                                          والمشرف : المكان العالي . والمشمول : الذي أصابته الشمال ، وهي الريح الباردة ، وقيل : الخريص هو الماء المستنقع في أصول النخل أو الشجر ، وخريص البحر : خليج منه ، وقيل : خريص البحر والنهر ناحيتهما أو جانبهما . ابن الأعرابي : يقال افترق النهر على أربعة وعشرين خريصا ، يعني ناحية منه . والخريص : جزيرة البحر . ويقال : خرصة وخرصات إذا أصابها برد وجوع ; قال الحطيئة :


                                                          إذا ما غدت مقرورة خرصات



                                                          والخرص : جوع مع برد . ورجل خرص : جائع مقرور ، ولا يقال للجوع بلا برد خرص . ويقال للبرد بلا جوع : خصر . وخرص الرجل ، بالكسر ، خرصا فهو خرص وخارص أي جائع مقرور ; وأنشد ابن بري للبيد :


                                                          فأصبح طاويا خرصا خميصا     كنصل السيف حودث بالصقال



                                                          وفي حديث علي - رضي الله عنه - : كنت خرصا أي في جوع وبرد . والخرص : الدن لغة في الخرس ، وقد تقدم ذكره . والخراص : صاحب الدنان ، والسين لغة .

                                                          والأخراص : موضع ; قال أمية بن أبي عائذ الهذلي :


                                                          لمن الديار بعلي فالأخراص     فالسودتين فمجمع الأبواص



                                                          ويروى الأحراص ، بالحاء المهملة . والخرص والخرص : عويد محدد الرأس يغرز في عقد السقاء ; ومنه قولهم : ما يملك فلان خرصا ولا خرصا أي شيئا . التهذيب : الخرص العود ; قال الشاعر :


                                                          ومزاجها صهباء فت ختامها     فرد من الخرص القطاط المثقب



                                                          وقال الهذلي :


                                                          يمشي بيننا حانوت خمر     من الخرص الصراصرة القطاط



                                                          قال : وقال بعضهم الخرص أسقية مبردة تبرد الشراب ; قال الأزهري : هكذا رأيت ما كتبته في كتاب الليث ، فأما قوله الخرص عود فلا معنى له ، وكذلك قوله الخرص أسقية مبردة ، قال : والصواب عندي في البيت الخرس القطاط ، ومن الخرس الصراصرة ، بالسين ، وهم خدم عجم لا يفصحون فلذلك جعلهم خرسا ، وقوله يمشي بيننا حانوت خمر ، يريد صاحب حانوت خمر فاختصر الكلام . ابن الأعرابي : هو يخترص أي يجعل في الخرص ما يريد وهو الجراب ويكترص أي يجمع ويقلد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية