الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خزر ] خزر : الخزر بالتحريك : كسر العين بصرها خلقة ، وقيل : هو ضيق العين وصغرها ، وقيل : هو النظر الذي كأنه في أحد الشقين ، وقيل : هو أن يفتح عينه ويغمضها ، وقيل : الخزر هو حول إحدى العينين ، والأحول : الذي حولت عيناه جميعا ، وقيل : الأخزر الذي أقبلت حدقتاه إلى أنفه ، والأحول : الذي ارتفعت حدقتاه إلى حاجبيه ; وقد خزر خزرا ، وهو أخزر بين الخزر ، وقوم خزر ; ويقال : هو أن يكون الإنسان كأنه ينظر بمؤخرها ; قال حاتم :


                                                          ودعيت في أولى الندي ولم ينظر إلي بأعين خزر

                                                          وتخازر : نظر بمؤخر عينه . والتخازر : استعمال الخزر على ما استعمله سيبويه في بعض قوانين تفاعل ; قال :


                                                          إذا تخازرت وما بي من خزر



                                                          فقوله وما بي من خزر يدلك على أن التخازر هاهنا إظهار الخزر واستعماله . وتخازر الرجل إذا ضيق جفنه ليحدد النظر ، كقولك : تعامى وتجاهل . ابن الأعرابي : الشيخ يخزز عينيه ليجمع الضوء حتى كأنهما خيطتا والشاب إذا خزر عينيه فإنه يتداهى بذلك ; قال الشاعر :


                                                          يا ويح هذا الرأس كيف اهتزا     وحيص موقاه وقاد العنزا

                                                          ويقال للرجل إذا انحنى من الكبر : قاد العنز ، لأن قائدها ينحني . والخزر : جيل خزر العيون . وفي حديث حذيفة : كأني بهم خنس الأنوف خزر العيون . والخزرة : انقلاب الحدقة نحو اللحاظ وهو أقبح الحول ; ورجل خزري وقوم خزر . وخزره يخزره خزرا : نظره بلحاظ عينه ; وأنشد :


                                                          لا تخزر القوم شزرا عن معارضة



                                                          وعدو أخزر العين : ينظر عن معارضة ، كالأخزر العين . أبو عمرو : الخازر الداهية من الرجال . ابن الأعرابي : خزر إذا تداهى ، وخزر إذا هرب . والخنزير : من الوحش العادي معروف ، مأخوذ من الخزر لأن ذلك لازم له ; وقيل : هو رباعي ، وسنذكره في ترجمته . والخزيرة والخزير : اللحم الغاب يؤخذ فيقطع صغارا في القدر ثم يطبخ بالماء الكثير والملح ، فإذا أميت طبخا ذر عليه الدقيق فعصد به ثم أدم بأي أدام شيء ، ولا تكون الخزيرة إلا وفيها لحم ، فإذا لم يكن فيها لحم فهي عصيدة ، قال جرير :


                                                          وضع الخزير فقيل أين مجاشع     فشحا جحافله جراف هبلع

                                                          وقيل : الخزيرة مرقة ، وهي أن تصفى بلالة النخالة ثم تطبخ ، وقيل : الخزيرة والخزير الحسا من الدسم والدقيق ، وقيل : الحسا من الدسم ; قال :

                                                          [ ص: 59 ] فتدخل أيد في حناجر ، أقنعت ، لعادتها من الخزير المعرف أبو الهيثم : أنه كتب عن أعرابي قال : السخينة دقيق يلقى على ماء أو على لبن فيطبخ ثم يؤكل بتمر أو بحسا ، وهو الحساء ، قال : وهي السخونة أيضا ، وهي النفيتة والحدرقة والخزيرة ، والحريرة أرق منها . وفي حديث عتبان : أنه حبس النبي - صلى الله عليه وسلم - على خزيرة تصنع له ، وهو ما فسرناه ، وقيل : إذا كانت من لحم فهي خزيرة ، وقيل : إن كانت من دقيق فهي حريرة ، وإن كانت من نخالة فهي خزيرة . والخزرة ، مثل الهمزة ، وذكره ابن السكيت في باب فعلة : داء يأخذ في مستدق الظهر بفقرة القطن ; قال يصف دلوا :


                                                          داو بها ظهرك من توجاعه     من خزرات فيه وانقطاعه

                                                          وقال : بها يعني الدلو ، أمره أن ينزع بها على إبله ، وهذا لعب منه وهزء . والخيزرى والخوزرى والخيزلى والخوزلى : مشية فيها ظلع أو تفكك أو تبختر ; قال عروة بن الورد :


                                                          والناشئات الماشيات الخوزرى     كعنق الآرام أوفى أو صرى

                                                          معنى أوفى : أشرف ، وصرى : رفع رأسه . والخيزران : عود معروف . قال ابن سيده : الخيزران نبات لين القضبان أملس العيدان لا ينبت ببلاد العرب إنما ينبت ببلاد الروم ; ولذلك قال النابغة الجعدي :


                                                          أتاني نصرهم وهم بعيد     بلادهم بلاد الخيزران

                                                          وذلك أنه كان بالبادية وقومه الذين نصروه بالأرياف والحواضر ، وقيل : أراد أنهم بعيد منه كبعد بلاد الروم ، وقيل : كل عود لدن متثن خيزران ، وقيل : هو شجر ، وهو عروق القناة ، والجمع الخيازر . والخيزران : القصب ; قال الكميت يصف سحابا :


                                                          كأن المطافيل المواليه وسطه     يجاوبهن الخيزران المثقب

                                                          وقد جعله الراجز خيزورا فقال :


                                                          منطويا كالطبق الخيزور



                                                          والخيزران : الرماح لتثنيها ولينها ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          جهلت من سعد ومن شبانها     تخطر أيديها بخيزرانها

                                                          يعني رماحها . وأراد جماعة تخطر أو عصبة تخطر فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه . والخيزرانة : السكان ; قال النابغة يصف الفرات وقت مده :


                                                          يظل من خوفه الملاح معتصما     بالخيزرانة بعد الأين والنجد

                                                          أبو عبيد : الخيزران السكان ، وهو كوثل السفينة . وفي الحديث : أن الشيطان لما دخل سفينة نوح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - قال : اخرج يا عدو الله من جوفها ! فصعد على خيزران السفينة هو سكانها ، ويقال له خيزرانة ، وكل غصن متثن : خيزران ; ومنه شعر الفرزدق في علي بن الحسين زين العابدين - عليه السلام - :


                                                          في كفه خيزران ريحه عبق     من كف أروع في عرنينه شمم

                                                          المبرد : الخيزران المردي ; وأنشد في صفة الملاح :


                                                          والخيزرانة في يد الملاح

                                                          يعني المردي . قال المبرد : والخيزران كل غصن لين يتثنى . قال : ويقال للمردي خيزران إذا كان يتثنى ; وقال أبو زبيد ، فجعل المزمار خيزرانا لأنه من اليراع ، يصف الأسد :


                                                          كأن اهتزام الرعد خالط جوفه     إذا جن فيه الخيزران المثجر

                                                          والمثجر : المثقب المفجر ; يقول : كأن في جوفه المزامير . وقال أبو الهيثم : كل لين من كل خشبة خيزران . قال عمرو بن بحر : الخيزران لجام السفينة التي بها يقوم السكان ، وهو في الذنب . وخيزر : اسم . وخزارى : اسم موضع ; قال عمرو بن كلثوم :


                                                          ونحن غداة أوقد في خزارى     رفدنا فوق رفد الرافدينا

                                                          وخازر : كانت به وقعة بين إبراهيم بن الأشتر وبين عبيد الله بن زياد ، ويومئذ قتل ابن زياد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية