الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خشع ]

                                                          خشع : خشع يخشع خشوعا واختشع وتخشع : رمى ببصره نحو الأرض وغضه وخفض صوته . وقوم خشع : متخشعون . وخشع بصره : انكسر ، ولا يقال اختشع ; قال ذو الرمة :


                                                          تجلى السرى عن كل خرق كأنه صفيحة سيف ، طرفه غير خاشع



                                                          واختشع إذا طأطأ صدره وتواضع ، وقيل : الخشوع قريب من الخضوع إلا أن الخضوع في البدن ، وهو الإقرار بالاستخذاء ، والخشوع في البدن والصوت والبصر كقوله تعالى : خاشعة أبصارهم ، وخشعت الأصوات للرحمن ، وقرئ : خاشعا أبصارهم ; قال الزجاج : نصب خاشعا على الحال ، المعنى يخرجون من الأجداث خشعا ، قال : ومن قرأ خاشعا فعلى أن لك في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد نحو خاشعا أبصارهم ، ولك التوحيد والتأنيث لتأنيث الجماعة كقولك : خاشعة أبصارهم ؛ قال : ولك الجمع خشعا أبصارهم ، تقول : مررت بشبان حسن أوجههم وحسان أوجههم وحسنة أوجههم ; وأنشد :


                                                          وشباب حسن أوجههم     من إياد بن نزار بن معد



                                                          وقوله : وخشعت الأصوات للرحمن ; أي : سكنت ، وكل ساكن خاضع خاشع . وفي حديث جابر : أنه - صلى الله عليه وسلم - أقبل علينا فقال : أيكم يحب أن يعرض الله عنه ؟ قال : فخشعنا ; أي : خشينا وخضعنا ; قال ابن الأثير : والخشوع في الصوت والبصر كالخضوع في البدن . قال : وهكذا جاء في كتاب أبي موسى ، والذي جاء في كتاب مسلم فجشعنا ، بالجيم ، وشرحه الحميدي في غريبه فقال : الجشع الفزع والخوف . والتخشع : نحو التضرع . والخشوع : الخضوع . والخاشع : الراكع في بعض اللغات . والتخشع : تكلف الخشوع . والتخشع لله : الإخبات والتذلل . والخشعة : قف غلبت عليه السهولة . والخشعة ، مثال الصبرة : أكمة متواضعة . وفي الحديث : ( كانت الكعبة خشعة على الماء فدحيت الأرض من تحتها ) ; قال ابن الأثير : الخشعة أكمة لاطئة بالأرض ، والجمع خشع ، وقيل : هو ما غلبت عليه السهولة أي : ليس بحجر ولا طين ، ويروى حشفة ، بالحاء والفاء ، والعرب تقول للحثمة [ وللحثمة ] اللاطئة بالأرض هي الخشعة ، وجمعها خشع ; وقال أبو زبيد :


                                                          جازعات إليهم ، خشع الأو     داة قوتا ، تسقى ضياح المديد



                                                          ويروى : خشع الأوداة جمع خاشع . ابن الأعرابي : الخشعة الأكمة وهي الحثمة [ والحثمة ] والسروعة والقائدة . وأكمة خاشعة : ملتزقة لاطئة بالأرض . والخاشع من الأرض : الذي تثيره الرياح لسهولته فتمحو آثاره . وقال الزجاج : وقوله تعالى : ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة ، قال : الخاشعة المتغبرة المتهشمة ، وأراد المتهشمة النبات . وبلدة خاشعة أي : مغبرة لا منزل بها . وإذا يبست الأرض ولم تمطر قيل : قد خشعت . قال تعالى : ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت . والعرب تقول : رأينا أرض بني فلان خاشعة هامدة ما فيها خضراء . ويقال : مكان خاشع . وخشع سنام البعير إذا أنضي فذهب شحمه وتطأطأ شرفه . وجدار خاشع إذا تداعى واستوى مع الأرض ; قال النابغة :


                                                          ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع



                                                          وخشع خراشي صدره : رمى بزاقا لزجا . قال ابن دريد : وخشع الرجل خراشي صدره إذا رمى بها . ويقال : خشعت الشمس وخسفت وكسفت بمعنى واحد . وقال أبو صالح الكلابي : خشوع الكواكب إذا غارت وكادت تغيب في مغيبها ; وأنشد :


                                                          بدر تكاد له الكواكب تخشع



                                                          وقال أبو عدنان : خشعت الكواكب إذا دنت من المغيب ، وخضعت أيدي الكواكب أي : مالت لتغيب . والخشعة : الذي يبقر عنه بطن أمه . قال ابن بري : قال ابن خالويه : والخشعة ولد البقير ، والبقير : المرأة تموت وفي بطنها ولد حي فيبقر بطنها ويخرج ، وكان بكير بن عبد العزيز خشعة ; ورأيت في حاشية نسخة موثوق بها من أمالي الشيخ ابن بري قال الحطيئة يمدح خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر :


                                                          وقد علمت خيل ابن خشعة أنها     متى تلق يوما ذا جلاد تجالد



                                                          خشعة : أم خارجة وهي البقيرة كانت ماتت وهو في بطنها يرتكم ، فبقر بطنها فسميت البقيرة وسمي خارجة ؛ لأنهم أخرجوه من بطنها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية