الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خصف ]

                                                          خصف : خصف النعل يخصفها خصفا : ظاهر بعضها على بعض وخرزها ، وهي نعل خصيف ; وكل ما طورق بعضه على بعض ، فقد خصف . وفي الحديث : أنه كان يخصف نعله ، وفي آخر : وهو قاعد يخصف نعله أي : كان يخرزها ، من الخصف : الضم والجمع . وفي الحديث في ذكر علي خاصف النعل ، ومنه قول العباس يمدح النبي - صلى الله عليه وسلم :


                                                          من قبلها طبت في الظلال وفي مستودع ، حيث يخصف الورق



                                                          أي : في الجنة حيث خصف آدم وحواء - عليهما السلام - عليهما من ورق الجنة . والخصف والخصفة : قطعة مما تخصف به النعل . والمخصف : المثقب والإشفى ; قال أبو كبير يصف عقابا :


                                                          حتى انتهيت إلى فراش عزيزة     فتخاء ، روثة أنفها كالمخصف



                                                          وقوله : فما زالوا يخصفون أخفاف المطي بحوافر الخيل حتى لحقوهم ، يعني أنهم جعلوا آثار حوافر الخيل على آثار أخفاف الإبل ؛ فكأنهم طارقوها بها أي : خصفوها بها كما تخصف النعل . وخصف العريان على نفسه الشيء يخصفه : وصله وألزقه . وفي التنزيل العزيز : وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ; يقول : يلزقان بعضه على بعض ليسترا به عورتهما ; أي : يطابقان بعض الورق على بعض ، وكذلك الاختصاف . وفي قراءة الحسن : ( وطفقا يخصفان ) ، أدغم التاء في الصاد وحرك الخاء بالكسر لاجتماع الساكنين ، وبعضهم حول حركة التاء ففتحها ; حكاه الأخفش . الليث : الاختصاف أن يأخذ العريان ورقا عراضا فيخصف بعضها على بعض ويستتر بها . يقال : خصف واختصف يخصف ويختصف إذا فعل ذلك . وفي الحديث : ( إذا دخل أحدكم الحمام فعليه بالنشير ولا يخصف ) ; النشير : المئزر ، ولا يخصف أي : لا يضع يده على فرجه ، وتخصفه كذلك ، ورجل مخصف وخصاف : صانع لذلك ; عن السيرافي . والخصف : النعل ذات الطراق ، وكل طراق منها خصفة . والخصفة ، بالتحريك : جلة التمر التي تعمل من الخوص ، وقيل : هي البحرانية من الجلال خاصة ، وجمعها خصف وخصاف ; قال الأخطل يذكر قبيلة :


                                                          فطاروا شقاف الأنثيين ، فعامر     تبيع بنيها بالخصاف وبالتمر



                                                          أي : صاروا فرقتين بمنزلة الأنثيين وهما البيضتان . وكتيبة خصيف : وهو لون الحديد . ويقال : خصفت من ورائها بخيل أي : أردفت ؛ فلهذا لم تدخلها الهاء ؛ لأنها بمعنى مفعولة ، فلو كانت للون الحديد لقالوا خصيفة ؛ لأنها بمعنى فاعلة . وكل لونين اجتمعا ، فهو خصيف . ابن بري : يقال خصفت الإبل الخيل تبعتها ; قال مقاس العائذي :


                                                          أولى فأولى ، يا امرأ القيس ، بعدما     خصفن بآثار المطي الحوافرا



                                                          والخصيف : اللبن الحليب يصب عليه الرائب ؛ فإن جعل فيه التمر والسمن ؛ فهو العوبثاني ; وقال ناشرة بن مالك يرد على المخبل :


                                                          إذا ما الخصيف العوبثاني ساءنا     تركناه واخترنا السديف المسرهدا



                                                          والخصف : ثياب غلاظ جدا . قال الليث : بلغنا في الحديث أن تبعا كسا البيت المنسوج ، فانتفض البيت منه ومزقه عن نفسه ، ثم كساه الخصف فلم يقبلها ، ثم كساه الأنطاع فقبلها ; قيل : أراد بالخصف ههنا الثياب الغلاظ جدا تشبيها بالخصف المنسوج من الخوص ; قال الأزهري : الخصف الذي كسا تبع البيت لم يكن ثيابا غلاظا كما قال الليث ؛ إنما الخصف سفائف تسف من سعف النخل فيسوى منها شقق تلبس بيوت الأعراب ، وربما سويت جلالا للتمر ; ومنه الحديث : أنه كان يصلي فأقبل رجل في بصره سوء فمر ببئر عليها خصفة فوطئها فوقع فيها ; الخصفة ، بالتحريك : واحدة الخصف وهي الجلة التي يكنز فيها التمر ، وكأنها فعل بمعنى مفعول من الخصف ، وهو ضم الشيء إلى الشيء ؛ لأنه شيء منسوج من الخوص . وفي الحديث : كانت له خصفة يحجرها ويصلي فيها ; ومنه الحديث الآخر : أنه كان مضطجعا على خصفة ، وأهل البحرين يسمون جلال التمر خصفا . والخصف : الخزف . وخصفه الشيب إذا استوى البياض والسواد . ابن الأعرابي : خصفه الشيب تخصيفا وخوصه تخويصا ونقب فيه تنقيبا بمعنى واحد . وحبل أخصف وخصيف . فيه لونان من سواد وبياض ، وقيل : الأخصف والخصيف لون كلون الرماد . ورماد خصيف : فيه سواد وبياض وربما سمي الرماد بذلك . التهذيب : الخصيف من الحبال ما كان أبرق بقوة سوداء وأخرى بيضاء ، فهو خصيف وأخصف ; وقال العجاج :


                                                          حتى إذا ما ليله تكشفا     أبدى الصباح عن بريم أخصفا



                                                          وقال الطرماح :

                                                          [ ص: 82 ]

                                                          وخصيف لذي مناتج ظئري     ن من المرخ أتأمت ربده



                                                          شبه الرماد بالبو ، وظئراه أثفيتان أوقدت النار بينهما . والأخصف من الخيل والغنم : الأبيض الخاصرتين والجنبين ، وسائر لونه ما كان ، وقد يكون أخصف بجنب واحد ، وقيل : هو الذي ارتفع البلق من بطنه إلى جنبيه . والأخصف : الظليم لسواد فيه وبياض ، والنعامة خصفاء ، والخصفاء من الضأن : التي ابيضت خاصرتاها . وكتيبة خصيفة : لما فيها من صدإ الحديد وبياضه . والخصوف من النساء : التي تلد في التاسع ولا تدخل في العاشر ، وهي من مرابيع الإبل التي تنتج إذا أتت على مضربها تماما لا ينقص ; وقال ابن الأعرابي : هي التي تنتج عند تمام السنة ، والفعل من كل ذلك خصفت تخصف خصافا . قال أبو زيد : يقال للناقة إذا بلغت الشهر التاسع من يوم لقحت ثم ألقته : قد خصفت تخصف خصافا ، وهي خصوف . الجوهري : وخصفت الناقة تخصف خصفا إذا ألقت ولدها وقد بلغ الشهر التاسع ؛ فهي خصوف . ويقال : الخصوف هي التي تنتج بعد الحول من مضربها بشهر ، والجرور بشهرين . وخصفة : قبيلة من محارب . وخصفة بن قيس عيلان : أبو قبائل من العرب . وخصاف : فرس سمير بن ربيعة . وخصاف أيضا : فرس حمل بن بدر ، روى ابن الكلبي عن أبيه قال : كان مالك بن عمرو الغساني يقال له : فارس خصاف ، وكان من أجبن الناس ، قال : فغزا يوما فأقبل سهم حتى وقع عند حافر فرسه فتحرك ساعة ، فقال : إن لهذا السهم سببا ينجثه ، فاحتفر عنه فإذا هو قد وقع على نفق يربوع فأصاب رأسه فتحرك اليربوع ساعة ثم مات ، فقال : هذا في جوف حجر جاءه سهم فقتله وأنا ظاهر على فرسي ، ما المرء في شيء ولا اليربوع ! ثم شد عليهم فكان بعد ذلك من أشجع الناس ; قوله : ينجثه أي : يحركه . قال : وخصاف فرسه ، ويضرب المثل فيقال : أجرأ من فارس خصاف . وروى ابن الأعرابي : أن صاحب خصاف كان يلاقي جند كسرى فلا يجترئ عليهم ويظن أنهم لا يموتون كما تموت الناس ، فرمى رجلا منهم يوما بسهم فصرعه فمات ، فقال : إن هؤلاء يموتون كما نموت نحن ، فاجترأ عليهم فكان من أشجع الناس ; الجوهري : وخصاف مثل قطام اسم فرس ; وأنشد ابن بري :


                                                          تالله لو ألقى خصاف عشية     لكنت على الأملاك فارس أسأما



                                                          وفي المثل : هو أجرأ من خاصي خصاف ، وذلك أن بعض الملوك طلبه من صاحبه ليستفحله فمنعه إياه وخصاه . التهذيب : الليث : الإخصاف شدة العدو . وأخصف يخصف إذا أسرع في عدوه . قال أبو منصور : صحف الليث والصواب أحصف ، بالحاء ، إحصافا إذا أسرع في عدوه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية