الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خفق ]

                                                          خفق : الخفق : اضطراب الشيء العريض . يقال : راياتهم تخفق وتختفق ، وتسمى الأعلام الخوافق والخافقات . ابن سيده : خفق الفؤاد والبرق والسيف والراية والريح ونحوها يخفق ويخفق خفقا وخفوقا وخفقانا وأخفق واختفق ، كله : اضطرب ، وكذلك القلب والسراب إذا اضطربا . التهذيب : خفقت الريح خفقانا ، وهو حفيفها أي : دوي جريها ; قال الشاعر :


                                                          كأن هويها خفقان ريح خريق ، بين أعلام طوال



                                                          وأخفق بثوبه : لمع به . والخفقة : ما يصيب القلب فيخفق له ، وفؤاد مخفوق . التهذيب : الخفقان اضطراب القلب وهي خفة تأخذ القلب ، تقول : رجل مخفوق . وخفق برأسه من النعاس : أماله ، وقيل : هو إذا نعس نعسة ثم تنبه . وفي الحديث : كانت رءوسهم تخفق خفقة أو خفقتين . ويقال : سير الليل الخفقتان وهما أوله وآخره ، وسير النهار البردان أي : غدوة وعشية . وقال ابن هانئ في كتابه : خفق خفوقا إذا نام . وفي الحديث : كانوا ينتظرون العشاء حتى تخفق رءوسهم ; أي : ينامون حتى تسقط أذقانهم على صدورهم وهم قعود ، وقيل : هو من الخفوق الاضطراب . ويقال : خفق فلان خفقة إذا نام نومة خفيفة . وخفق الرجل أي : حرك رأسه وهو ناعس . وخفق الآل خفقا : اضطرب ; فأما قول رؤبة :


                                                          وقاتم الأعماق خاوي المخترق     مشتبه الأعلام لماع الخفق



                                                          فإنه حرك للضرورة كما قال :


                                                          فلم ينظر به الحشك



                                                          وأرض خفاقة : يخفق فيها السراب . التهذيب : السراب الخفوق والخافق الكثير الاضطراب . والخفقة : المفازة ذات الآل ; قال العجاج :


                                                          وخفقة ليس بها طوئي

                                                          يعني ليس بها أحد . وخفق الشيء : غاب ، وقيل لعبيدة السلماني : ما يوجب الغسل ؟ فقال : الخفق والخلاط ; يريد بالخفق مغيب الذكر في الفرج ; التفسير للأزهري ، من خفق النجم إذا انحط في المغرب ، وقيل : هو من الخفق الضرب . وخفق النجم يخفق وأخفق : غاب ; قال الشماخ :


                                                          عيرانة كفقود الرحل ناجية     إذا النجوم تولت بعد إخفاق



                                                          وقيل : هو إذا تلألأ وأضاء ; وأنشد الأزهري :


                                                          وأطعن بالقوم شطر الملو     ك حتى إذا خفق المجدح



                                                          وخفق النجم والقمر : انحط في المغرب ، وكذلك الشمس ; عن ابن الأعرابي : وأخفق إذا تولى للمغيب . يقال : وردت خفوق النجم أي : وقت خفوق الثريا ، تجعله ظرفا وهو مصدر . ورأيت فلانا خافق العين أي : خاشع العين غائرها ، وكذلك ماكل العين ومرنق العين . وخفق الليل : سقط عن الأفق ; عن ابن الأعرابي . وخفق السهم : أسرع . وريح خيفق : سريعة . وفرس خيفق وناقة خيفق : سريعة جدا ، وقيل : هي الطويلة القوائم مع إخطاف ، وقد يكون للذكر ، والتأنيث عليه أغلب ، وقيل : فرس خيفق مخطفة البطن قليلة اللحم . الكلابي : امرأة خيفق وهي الطويلة الرفغين الدقيقة العظام البعيدة الخطو . وفرس خيفق أي : سريعة جدا . وظليم خيفق : سريع ، وهو الخنفقيق في الناقة والفرس والظليم ، وهو مشي في اضطراب . وقال أبو عبيدة : فرس خفق والأنثى خفقة مثل خرب وخربة ، وإن شئت قلت : خفق والأنثى خفقة ، مثل رطب ورطبة ، والجمع خفقات وخفقات وخفاق ، وهي بمنزلة الأقب ، وربما كان الخفوق من خلقة الفرس ، وربما كان من الضمور والجهد ، وربما أفرد وربما أضيف ; وأنشد في الإفراد :


                                                          ومكفت فضل سابغة دلاص [ ص: 115 ]     على خيفانة خفق حشاها



                                                          وأنشد في الإضافة :


                                                          بشنج موتر الأنساء     حابي الضلوع خفق الأحشاء



                                                          ويقال : فرس خفق الحشا . والخيفق : فرس سعد بن مشهب . وامرأة خنفق : سريعة جريئة . والخنفق والخنفقيق : الداهية ; يقال : داهية خنفقيق ، وهو أيضا الخفيفة من النساء الجريئة ، والنون زائدة ، جعلها من خفق الريح . والخنفقيق : حكاية أصوات حوافر الخيل . والخنفقيق : الناقص الخلق ; قال شييم بن خويلد :


                                                          قلت لسيدنا : يا حكي     م ، إنك لم تأس أسوا رفيقا
                                                          أعنت عديا على شأوها     تعادي فريقا وتنفي فريقا
                                                          أطعت اليمين عناد الشمال     تنحي بحد المواسي الحلوقا
                                                          زحرت بها ليلة كلها     فجئت بها مؤيدا خنفقيقا



                                                          وهذا أورده الجوهري :


                                                          وقد طلقت ليلة كلها     فجاءت به مؤدنا خنفقيقا



                                                          قال ابن بري : والصواب :


                                                          زحرت بها ليلة كلها



                                                          كما تقدم ; وقوله : يا حكيم ، هزء منه أي : أنت الذي تزعم أنك حكيم وتخطئ هذا الخطأ ، وقوله : أطعت اليمين عناد الشمال ، مثل ضربه ، يريد فعلت فعلا أمكنت به أعداءنا منا كما أعلمتك أن العرب تأتي أعداءها من ميامنهم ; يقول : فجئتنا بداهية من الأمر وجئت به مؤيدا خنفقيقا : أي : ناقصا مقصرا . وخفقه بالسيف والسوط والدرة يخفقه ويخفقه خفقا : ضربه بها ضربا خفيفا . والمخفقة : الشيء يضرب به نحو سير أو درة . التهذيب : والمخفقة والخفقة ، جزم ، هو الشيء الذي يضرب به نحو سير أو درة . ابن سيده : والمخفقة سوط من خشب . وسيف مخفق : عريض . قال الأزهري : والمخفق من أسماء السيف العريض . الليث : الخفق ضربك الشيء بالدرة أو بشيء عريض ، والمخفقة الدرة التي يضرب بها . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : فضربهما بالمخفقة ; هي الدرة . وأخفق الرجل : طلب حاجة فلم يظفر بها كالرجل إذا غزا ولم يغنم ، أو كالصائد إذا رجع ولم يصطد ، وطلب حاجة فأخفق . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( أيما سرية غزت فأخفقت كان لها أجرها مرتين ) ; قال أبو عبيد : الإخفاق أن يغزو فلا يغنم شيئا ; ومنه قول عنترة يصف فرسا له :


                                                          فيخفق مرة ويصيد أخرى     ويفجع ذا الضغائن بالأريب



                                                          يقول : يغزو على هذا الفرس فيغنم مرة ولا يغنم أخرى ; قال أبو عبيد : وكذلك كل طالب حاجة إذا لم يقضها فقد أخفق إخفاقا ، وأصل ذلك في الغنيمة . قال ابن الأثير : أصله من الخفق التحرك أي : صادفت الغنيمة خافقة غير ثابتة مستقرة . الليث : أخفق القوم فني زادهم ، وأخفق الرجل قل ماله . والخفق : صوت النعل وما أشبهها من الأصوات . وفي الحديث ذكر منكر ونكير : إنه ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه ، يعني الميت يسمع صوت نعالهم على الأرض إذا مشوا . ورجل خفاق القدم : عريض باطن القدم ، وخفق الأرض بنعله . وكل ضرب بشيء عريض خفق ; وقوله :


                                                          مهفهف الكشحين خفاق القدم



                                                          قال ابن الأعرابي : معناه أنه خفيف على الأرض ليس بثقيل ولا بطيء ، وقيل : خفاق القدم إذا كان صدر قدميه عريضا ; قال أبو زغبة الخزرجي :


                                                          قد لفها الليل بسواق حطم     خدلج الساقين خفاق القدم



                                                          وقيل : هذا الرجز للحطم القيسي . وامرأة خفاقة الحشى أي : خميصة ; وقوله :


                                                          ألا يا هضيم الكشح خفاقة الحشى     من الغيد أعناقا أولاك العواتق



                                                          إنما عنى بأنها ضامرة البطن خميصة ، وإذا ضمرت خفقت ، والخفقة : المفازة الملساء ذات الآل . والخافق : المكان الخالي من الأنيس ، وقد خفق إذا خلا ; قال الراعي :


                                                          عويت عواء الكلب لما لقيتنا     بثهلان من خوف الفروج الخوافق



                                                          وخفق في البلاد خفوقا : ذهب . والخافقان : قطرا الهواء . والخافقان : أفق المشرق والمغرب ; قال ابن السكيت : لأن الليل والنهار يخفقان فيهما ، وفي التهذيب : يخفقان بينهما ; قال أبو الهيثم : الخافقان المشرق والمغرب ، وذلك أن المغرب يقال له الخافق وهو الغائب ، فغلبوا المغرب على المشرق فقالوا الخافقان كما قالوا الأبوان . شمر : الخافقان طرفا السماء والأرض ; قال رؤبة :


                                                          واللهب لهب الخافقين يهذمه



                                                          وقال ابن الأعرابي : يهذمه يأكله .


                                                          كلاهما في فلك يستلحمه



                                                          أي : يركبه ; وقال خالد بن جنبة : الخافقان منتهى الأرض والسماء . يقال : ألحق الله فلانا بالخافق ، قال : والخافقان هواءان محيطان بجانبي الأرض . قال : وخوافق السماء الجهات التي تخرج منها الرياح الأربع . وفي الحديث : أن ميكائيل منكباه يحكان الخافقين يعني طرفي السماء ، وفي النهاية : منكبا إسرافيل يحكان الخافقين ، قال : وهما طرفا السماء والأرض ; وقيل : المغرب والمشرق . والخفاقة : الاست . وخفقت الدابة تخفق إذا ضرطت ، فهي خفوق . والمخفوق : المجنون ; وأنشد :


                                                          مخفوقة تزوجت مخفوقا



                                                          [ ص: 116 ] وروى الأزهري بإسناده عن حذيفة بن أسيد قال : يخرج الدجال في خفقة من الدين وسوداب الدين ، وفي رواية جابر : وإدبار من العلم ; أراد أن خروج الدجال يكون عند ضعف الدين وقلة أهله وظهور أهل الباطل على أهل الحق وفشو الشر وأهله ، وهو من خفق الليل إذا ذهب أكثره ، أو خفق إذا اضطرب ، أو خفق إذا نعس . قال أبو عبيد : الخفقة في حديث الدجال النعسة ههنا ، يعني أن الدين ناعس وسنان في ضعفه ، من قولك : خفق خفقة إذا نام نومة خفيفة . ومن أمثال العرب : ظلم ظلم الخيفقان ، وقيل : كان اسمه سيارا خرج يريد الشحر هاربا من عوف بن إكليل بن سيار ، وكان قتل أخاه عويفا ، فلقيه ابن عم له ومعه ناقتان وزاد ، فقال له : أين تريد ؟ قال : الشحر لئلا يقدر علي عوف فقد قتلت أخاه عويفا ، فقال : خذ إحدى الناقتين ، وشاطره زاده ؛ فلما ولى عطف عليه فقتله فسمي صريع الظلم ; وفيه يقول القائل :


                                                          أعلمه الرماية كل يوم     فلما اشتد ساعده رماني
                                                          تعالى الله ! هذا الجور حقا     ولا ظلم كظلم الخيفقان



                                                          والخفقان : اضطراب الجناح . وخفق الطائر أي : طار ، وأخفق إذا ضرب بجناحيه ; قال الراجز :


                                                          كأنها إخفاق طير لم يطر



                                                          وفلاة خيفق أي : واسعة يخفق فيها السراب ; قال الزفيان :


                                                          أنى ألم طيف ليلى يطرق     ودون مسراها فلاة فيهق
                                                          تيه مروراة وفيف خيفق



                                                          الأصمعي : المخفق الأرض التي تستوي فيكون فيها السراب مضطربا . ومخفق : اسم موضع ; قال رؤبة :


                                                          ولامعا مخفق فعيهمه



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية