الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        تفارق الفاسدة الصحيحة في أمور . أحدها : إذا أدى المسمى في الفاسدة ، وعتق ، رجع على السيد بما أدى ، ورجع السيد عليه بقيمته يوم العتق .

                                                                                                                                                                        وفي قول ضعيف : يرجع بقيمة يوم العقد ، فإن هلك المسمى في يد السيد ، رجع العتيق بثلثه أو قيمته ، فإن كان الواجب [ ص: 234 ] على السيد من جنس القيمة ، بأن كان غالب نقد البلد ، فهو على أقوال التقاص ، وسنذكرها إن شاء الله تعالى . وإذا حصل التقاص وفضل لأحدهما شيء رجع به ، وإنما يثبت التراجع إذا كان المسمى مالا ، فإن كان خمرا أو نحوه ، لم يرجع العتيق على السيد بشيء ، ويرجع السيد عليه بالقيمة .

                                                                                                                                                                        الثاني : للسيد فسخ الكتابة الفاسدة ، بخلاف الصحيحة ، ثم إن شاء فسخ بنفسه ، وإن شاء رفع الأمر إلى القاضي ، ليحكم بإبطالها أو يفسخها . قال الروياني : وهو كما لو وجد المشتري المبيع معيبا ، له أن يفسخ بنفسه ، وله أن يرفع الأمر إلى القاضي ليفسخ ، ولا يبطلها القاضي بغير طلب السيد .

                                                                                                                                                                        وقال ابن سلمة : لا سبيل إلى إبطال الفاسدة بالقول ؛ لأن العتق فيها يحصل بالتعليق ، والتعليق لا يصح إبطاله ، والصحيح الأول ، فإذا فسخها ، أو حكم الحاكم بإبطالها ، ثم أدى المسمى لم يعتق ؛ لأنه إن كان تعليقا ، فهو في ضمن معاوضته ، فإذا ارتفعت المعاوضة ، ارتفع ما تضمنته من التعليق ، وليشهد السيد على الفسخ ، فإن أدى المسمى ، وقال : أديته قبل الفسخ ، وقال السيد : بل بعده ، صدق العبد ؛ لأن الأصل عدم الفسخ وعلى السيد البينة .

                                                                                                                                                                        الثالث : إذا أعتق المكاتب كتابة فاسدة لا عن جهة الكتابة أو باعه ، أو وهبه كان فسخا للكتابة .

                                                                                                                                                                        ولو أعتقه عن كفارة أجزأه نص عليه في " الأم " قال الشيخ أبو علي : إذا عتق لا عن جهة الكتابة ، لا يتبعه الكسب والولد ، بخلاف الكتابة الصحيحة ؛ لأن المكاتب هناك استحق العتق على السيد بعقد لازم ، واستحق استتباع الولد [ ص: 235 ] والكسب ، فليس للسيد إبطاله ، وهناك لا استحقاق على السيد ، فجعل فاسخا . قال : وعرضت هذا على القفال ، فاستحسنه ، وأقرني عليه ، ولم ير غيره .

                                                                                                                                                                        وحكى الإمام وجها أنه لا يجزئ عن الكفارة ، ولا يتبعه الولد والكسب ، والصحيح الأول .

                                                                                                                                                                        الرابع : تبطل الكتابة الفاسدة بموت السيد ، ولا يعتق بالأداء إلى الوارث بعد الموت بخلاف الصحيحة ، فإن قال : إن أديت إلى وارثي كذا بعد موتي ، فأنت حر ، عتق بالأداء إليه .

                                                                                                                                                                        الخامس : لا يجب الإيتاء في الفاسدة .

                                                                                                                                                                        السادس : لو كاتب أمة كتابة فاسدة ، وعجزت عن الأداء ، فأرقها ، أو فسخ الكتابة قبل عجزها ، لم يجب الاستبراء ، بخلاف الصحيحة .

                                                                                                                                                                        السابع : لو عجل النجوم في الكتابة الفاسدة ، فهل يعتق كالصحيحة ، أم لا ؛ لأن الصفة لم توجد على وجهها ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : أصحهما الثاني . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        الثامن : من يلزم السيد فطرة المكاتب كتابة فاسدة .

                                                                                                                                                                        التاسع : هل يصرف سهم المكاتبين إلى المكاتب كتابة فاسدة ؟ وجهان الأصح المنصوص : المنع .

                                                                                                                                                                        العاشر : المسافرة ممنوعة في الفاسدة على المذهب ، جائزة في الصحيحة على المذهب ، كما سبق وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية