الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: الطلاق مرتان آية 229

                                          [2206] حدثنا هارون بن إسحاق ، ثنا عبدة بن سليمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، أن رجلا قال لامرأته: لا أطلقك أبدا، ولا أؤيدك أبدا وكيف ذلك؟ قال: أطلقك، حتى إذا دنا أجلك راجعتك فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت له، فأنزل الله تعالى: الطلاق مرتان قال هشام : ولم يكن لهم شيء ينتهون إليه من الطلاق.

                                          [2207] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: الطلاق مرتان قال: يطلق الرجل امرأته طاهرا من غير جماع، فإذا حاضت ثم طهرت، فقد تم القرء، ثم يطلق الثانية كما طلق الأولى، إن أحب أن يفعل، فإذا طلق ثم حاضت الثانية فهاتان تطليقتان وقرءان.

                                          قوله تعالى: فإمساك بمعروف

                                          [ ص: 419 ] قوله تعالى: فإمساك بمعروف

                                          [2208] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان قال: إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين، فليتق الله في التطليقة الثالثة، فإما أن يمسكها بمعروف، فيحسن صحابتها.

                                          قوله: أو تسريح بإحسان

                                          [2209] وبه عن ابن عباس ، قوله: أو تسريح بإحسان قال: أن يسرحها بإحسان، فلا يظلمها من حقها شيئا.

                                          [2210] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، أنبأ ابن وهب ، أخبرني سفيان الثوري ، حدثني إسماعيل بن سميع ، قال: سمعت أبا رزين ، يقول: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان أين الثالثة؟ قال: التسريح بإحسان.

                                          الوجه الثاني:

                                          [2211] حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: أو تسريح بإحسان أن يوفيها حقها ولا يؤذيها ولا يشتمها.

                                          [2212] حدثنا أبي ، ثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ، ثنا زيد بن أبي الزرقاء ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، قال: من خالع امرأته فأخذ منها شيئا أعطاها فلا أراه سرحها بإحسان.

                                          قوله: ولا يحل لكم

                                          [2213] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، ثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه، عن الربيع قوله: ولا يحل لكم يقول: لا يصلح له أن يأخذ منها أكثر مما ساق إليها.

                                          قوله تعالى: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا

                                          [2214] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، ثنا حجاج، عن ابن جريج ، وعثمان بن عطاء ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، في قوله: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ثم استثني فقال: فلا جناح عليهما فيما افتدت به

                                          [ ص: 420 ] [2215] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن إسماعيل بن أبي ضرار ، ثنا أبو تميلة ، عن الحسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، والحسن ، قالا: كان الرجل يأكل من مال امرأته نحلته الذي نحلها وغيره لا يرى أن عليه فيه جناحا، حتى أنزل الله تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا فلا يصلح لهم بعد هذه الآية، أخذ شيء من أموالهن إلا بحقها.

                                          قوله: إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله

                                          [2216] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا إسماعيل بن علية ، عن ابن جريج ، قال: كان طاووس يقول: لا يحل الفداء إلا كما قال الله: إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ولم يكن يقول قول السفهاء. لا يحل حتى تقول: لا أغتسل لك من جنابة، ولكنه كان يقول: ألا يقيما حدود الله فيما افترض لكل واحد منهما على صاحبه في العشرة والصحبة.

                                          [2217] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله إلا أن يكون النشوز وسوء الخلق من قبلها، فتدعوك إلى أن تفتدي منك، فلا جناح عليك فيما افتدت به.

                                          [2218] حدثنا عصام بن رواد ، ثنا آدم، ثنا إسرائيل ، عن جابر ، عن مجاهد إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله قال: إلا أن يخافا ألا يطيعا الله.

                                          [2219] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، أنبأ ابن وهب ، أخبرنا الليث بن سعد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله قال: إذا خافت المرأة ألا تؤدي حق زوجها، وخاف الرجل ألا يؤدي حقها، فلا جناح في الفدية.

                                          [ ص: 421 ] قوله تعالى: فإن خفتم

                                          [2220] أخبرنا موسى بن هارون الطوسي فيما كتب إلي، ثنا الحسين بن محمد المروذي ، ثنا شيبان ، عن قتادة فإن خفتم يعني: الولاة.

                                          قوله: ألا يقيما حدود الله

                                          [2221] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به هو تركها إقامة حدود الله، استخفافا بحق زوجها وسوء خلقها، فتقول له: والله لا أبر لك قسما، ولا أطأ لك مضجعا، ولا أطيع لك أمرا، فإذا فعلت ذلك، فقد حل له منها الفدية ولا يأخذ أكثر مما أعطاها شيئا، ويخلي سبيلها إن كانت الإساءة من قبلها.

                                          [2222] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا عقبة ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر فإن خفتم ألا يقيما حدود الله قال: لا يطيعا الله.

                                          قوله: فلا جناح عليهما فيما افتدت به

                                          [2223] حدثنا أبي ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن رجاء بن حيوة ، عن قبيصة بن ذؤيب ، أنه تلا هذه الآية فلا جناح عليهما فيما افتدت به قال: إن شاء أخذ أكثر مما أعطاها.

                                          [2224] حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، ثنا وكيع ، عن يزيد بن إبراهيم ، عن الحسن فلا جناح عليهما فيما افتدت به قال: ذلك في الخلع، إذا قالت: والله لا أغتسل لك من جنابة.

                                          والوجه الثاني:

                                          [2225] حدثنا محمد بن عزيز الأيلي ، ثنا سلامة ، عن عقيل ، قال: وسألت محمدا : هل يصلح للرجل أن يقبل من امرأته الفدية في الخلع أكثر مما أعطاها ؟ أو ترجع إليه إن رضيا من غير أن يرد إليها شيئا مما كانت اختلعت به منه؟ قال محمد يعني الزهري : لم أسمع في هذا سنة ولكن نرى والله أعلم ألا يأخذ إلا ما أعطاها فإن الله تبارك وتعالى قال: فلا جناح عليهما فيما افتدت به

                                          [ ص: 422 ] قوله تعالى: تلك حدود الله

                                          قد تقدم تفسيره. آية 187

                                          قوله: فلا تعتدوها

                                          [2226] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك تلك حدود الله فلا تعتدوها قال: تلك طاعة الله فلا تعتدوها، يقول: من طلق على غير هذا فقد ظلم نفسه.

                                          الوجه الثاني:

                                          [2227] أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قراءة، أنبأ ابن وهب ، أخبرنا يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، أنه قال: لا نرى طلاق الصبي يجوز قبل أن يحتلم. قال: وإن طلق امرأته قبل أن يدخل بها فإنه بلغنا أنه من السنة ألا تقام حدود الله إلا على من احتلم، أو بلغ الحلم. والطلاق من حدود الله فلا تعتدوها فلا نرى أمرا أوثق من الاعتصام بالسنن.

                                          قوله: ومن يتعد حدود الله

                                          [2228] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو خالد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله: ومن يتعد حدود الله قال: قسمة الله التي قسمها في الفرائض.

                                          قوله: فأولئك هم الظالمون

                                          [2229] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك يعني قوله: ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون يقول: من طلق على غير هذا فقد ظلم نفسه.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية