الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خيط ]

                                                          خيط : الخيط : السلك ، والجمع أخياط وخيوط وخيوطة مثل فحل وفحول وفحولة ، زادوا الهاء لتأنيث الجمع ؛ وأنشد ابن بري لابن مقبل :


                                                          قريسا ومغشيا عليه كأنه خيوطة ماري لواهن فاتله



                                                          وخاط الثوب يخيطه خيطا وخياطة ، وهو مخيوط ومخيط ، وكان حده مخيوطا فلينوا الياء كما لينوها في خاط ، والتقى ساكنان : سكون الياء وسكون الواو ، فقالوا مخيط لالتقاء الساكنين ، ألقوا أحدهما ، وكذلك بر مكيل ، والأصل مكيول ، قال : فمن قال مخيوط أخرجه على التمام ، ومن قال مخيط بناه على النقص لنقصان الياء في خطت ، والياء في مخيط هي واو مفعول انقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، وإنما حرك ما قبلها لسكونها وسكون الواو بعد سقوط الياء ، وإنما كسر ليعلم أن الساقط ياء ، وناس يقولون إن الياء في مخيط هي الأصلية والذي حذف واو مفعول ليعرف الواوي من اليائي ، والقول هو الأول لأن الواو مزيدة للبناء فلا ينبغي لها أن تحذف ، والأصلي أحق بالحذف لاجتماع الساكنين أو علة توجب أن يحذف حرف ، وكذلك القول في كل مفعول من ذوات الثلاثة إذا كان من بنات الياء ، فإنه يجيء بالنقصان والتمام ، فإما من بنات الواو فلم يجئ على التمام إلا حرفان : مسك مدووف ، وثوب مصوون ، فإن هذين جاءا نادرين ، وفي النحويين من يقيس على ذلك فيقول قول مقوول ، وفرس مقوود ، قياسا مطردا ؛ وقول المتنخل الهذلي :


                                                          كأن على صحاصحه رياطا ‌     منشرة نزعن من الخياط



                                                          إما أن يكون أراد الخياطة فحذف الهاء ، وإما أن يكون لغة . وخيطه : كخاطه ؛ قال :


                                                          فهن بالأيدي مقيساته     مقدرات ومخيطاته



                                                          والخياط والمخيط : ما خيط به ، وهما أيضا الإبرة ؛ ومنه قوله تعالى : حتى يلج الجمل في سم الخياط ؛ أي في ثقب الإبرة والمخيط . قال سيبويه : المخيط ونظيره مما يعتمل به مكسور الأول ، كانت فيه الهاء أو لم تكن ، قال : ومثل خياط ومخيط سراد ومسرد وإزار ومئزر وقرام ومقرم . وفي الحديث : أدوا الخياط والمخيط ؛ أراد بالخياط هاهنا الخيط ، وبالمخيط ما يخاط به ، وفي التهذيب : هي الإبرة . أبو زيد : هب لي خياطا ونصاحا ، أي خيطا واحدا . ورجل خائط وخياط وخاط ؛ الأخير عن كراع . والخياطة : صناعة الخائط . وقوله تعالى : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ؛ يعني بياض الصبح وسواد الليل ، وهو على التشبيه بالخيط لدقته ، وقيل : الخيط الأسود الفجر المستطيل ، والخيط الأبيض الفجر المعترض ؛ قال أبو دواد الإيادي :


                                                          فلما أضاءت لنا سدفة     ولاح من الصبح خيط أنارا



                                                          قال أبو إسحاق : هما فجران ، أحدهما يبدو أسود معترضا وهو الخيط الأسود ، والآخر يبدو طالعا مستطيلا يملأ الأفق فهو الخيط الأبيض ، وحقيقته حتى يتبين لكم الليل من النهار ، وقول أبي دواد : أضاءت لنا سدفة ، هي هاهنا الظلمة ؛ ولاح من الصبح أي بدا وظهر ، وقيل : الخيط اللون ، واحتج بهذه الآية . قال أبو عبيد : يدل على صحة قوله ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفسير الخيطين : إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار ؛ قال أمية بن أبي الصلت :


                                                          الخيط الأبيض ضوء الصبح منفلق     والخيط الأسود لون الليل مركوم



                                                          ويروى : مكتوم . وفي الحديث : أن عدي بن حاتم أخذ حبلا أسود وحبلا أبيض وجعلهما تحت وساده لينظر إليهما عند الفجر ، وجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعلمه بذلك فقال : إنك لعريض القفا ، ليس [ ص: 190 ] المعنى ذلك ، ولكنه بياض الفجر من سواد الليل ، وفي النهاية : ولكنه يريد بياض النهار وظلمة الليل . وخيط الشيب رأسه وفي رأسه ولحيته : صار كالخيوط أو ظهر كالخيوط مثل وخط ، وتخيط رأسه كذلك ؛ قال بدر بن عامر الهذلي :


                                                          تالله لا أنسى منيحة واحد     حتى تخيط بالبياض قروني



                                                          قال ابن بري : قال ابن حبيب إذا اتصل الشيب في الرأس فقد خيط الرأس الشيب ، فجعل خيط متعديا ، قال : فتكون الرواية على هذا حتى تخيط بالبياض قروني ، وجعل البياض فيها كأنه شيء خيط بعضه إلى بعض ، قال : وأما من قال خيط في رأسه الشيب بمعنى بدا فإنه يريد تخيط ، بكسر الياء ، أي خيطت قروني ، وهي تخيط ، والمعنى أن الشيب صار في السواد كالخيوط ولم يتصل ، لأنه لو اتصل لكان نسجا ، قال : وقد روي البيت بالوجهين : أعني تخيط ، بفتح الياء ، وتخيط ، بكسرها ، والخاء مفتوحة في الوجهين . وخيط باطل : الضوء الذي يدخل من الكوة ، يقال : هو أدق من خيط باطل ؛ حكاه ثعلب ، وقيل : خيط باطل الذي يقال له لعاب الشمس ومخاط الشيطان ، وكان مروان بن الحكم يلقب بذلك لأنه كان طويلا مضطربا ؛ قال الشاعر :


                                                          لحى الله قوما ملكوا خيط باطل     على الناس يعطي من يشاء ويمنع



                                                          وقال ابن بري : خيط باطل هو الخيط الذي يخرج من فم العنكبوت . أحمد بن يحيى : يقال فلان أدق من خيط الباطل ، قال : وخيط الباطل هو الهباء المنثور الذي يدخل من الكوة عند حمي الشمس ، يضرب مثلا لمن يهون أمره . والخيطة : خيط يكون مع حبل مشتار العسل ، فإذا أراد الخلية ثم أراد الحبل جذبه بذلك الخيط وهو مربوط إليه ؛ قال أبو ذؤيب :


                                                          تدلى عليها بين سب وخيطة     بجرداء مثل الوكف يكبو غرابها



                                                          وأورد الجوهري هذا البيت مستشهدا به على الوتد . وقال أبو عمرو : الخيطة حبل لطيف يتخذ من السلب ؛ وأنشد في التهذيب :


                                                          تدلى عليها بين سب وخيطة     شديد الوصاة نابل وابن نابل



                                                          وقال : قال الأصمعي السب الحبل والخيطة الوتد . ابن سيده : الخيطة الوتد في كلام هذيل ، وقيل : الحبل . والخيط والخيط : جماعة النعام ، وقد يكون من البقر ، والجمع خيطان . والخيطى : كالخيط مثل سكرى ؛ قال لبيد :


                                                          وخيطا من خواضب مؤلفات     كأن رئالها ورق الإفال



                                                          وهذا البيت نسبه ابن بري لشبيل ، قال : ويجمع على خيطان وأخياط . الليث : نعامة خيطاء بينة الخيط ، وخيطها : طول قصبها وعنقها ، ويقال : هو ما فيها من اختلاط سواد في بياض لازم لها كالعيس في الإبل العراب ، وقيل : خيطها أنها تتقاطر وتتابع كالخيط الممدود . ويقال : خاط فلان بعيرا ببعير إذا قرن بينهما ؛ قال ركاص الدبيري :


                                                          بليد لم يخط حرفا بعنس     ولكن كان يختاط الخفاء



                                                          أي لم يقرن بعيرا ببعير ، أراد أنه ليس من أرباب النعم . والخفاء : الثوب الذي يتغطى به . والخيط والخيط : القطعة من الجراد ، والجمع خيطان أيضا . ونعامة خيطاء بينة الخيط : طويلة العنق . وخيط الرقبة : نخاعها . يقال : جاحش فلان عن خيط رقبته أي دافع عن دمه . وما آتيك إلا الخيطة أي الفينة . وخاط إليهم خيطة : مر عليهم مرة واحدة ، وقيل : خاط إليهم خيطة واختاط واختطى ، مقلوب : مر مرا لا يكاد ينقطع ؛ قال كراع : هو مأخوذ من الخطو ، مقلوب عنه ؛ قال ابن سيده : وهذا خطأ إذ لو كان كذلك لقالوا خاطه خوطة ولم يقولوا خيطة ، قال : وليس مثل كراع يؤمن على هذا . الليث : يقال خاط فلان خيطة واحدة إذا سار سيرة ولم يقطع السير ، وخاط الحية إذا انساب على الأرض ، ومخيط الحية : مزحفها ، والمخيط : الممر والمسلك ؛ قال ذو الرمة :


                                                          وبينهما ملقى زمام كأنه     مخيط شجاع آخر الليل ثائر



                                                          ويقال : خاط فلان إلى فلان أي مر إليه . وفي نوادر الأعراب : خاط فلان خيطا إذا مضى سريعا ، وتخوط تخوطا مثله ، وكذلك مخط في الأرض مخطا . ابن شميل : في البطن مقاطه ومخيطه ، قال : ومخيطه مجتمع الصفاق وهو ظاهر البطن .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية