الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              [ ص: 293 ] سورة المدثر [ فيها أربع آيات ]

                                                                                                                                                                                                              الآية الأولى قوله تعالى : { يأيها المدثر } .

                                                                                                                                                                                                              فيها مسألتان :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى روى العدل في الصحيح ، واللفظ للبخاري قال يحيى بن أبي كثير : سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن ، فقال : { يأيها المدثر } . قلت : إنهم يقولون : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } . فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد الله عن ذلك ، وقلت له مثل الذي قلت ، فقال جابر : لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { جاورت بحراء ، فلما قضيت جواري هبطت فنوديت ، فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ، فرفعت رأسي فرأيت شيئا ، فأتيتخديجة ، فقلت : دثروني وصبوا علي ماء باردا . قال : فدثروني وصبوا علي ماء باردا ، فنزلت : { يأيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر } }

                                                                                                                                                                                                              وقال بعض المفسرين : إنه جرى على النبي صلى الله عليه وسلم من عقبة بن ربيعة أمر ، فرجع إلى منزله مغموما ، فتلفف واضطجع ، فنزلت : { يأيها المدثر } . وهذا باطل .

                                                                                                                                                                                                              وقيل : أراد يا من تدثر بالنبوة . وهذا مجاز بعيد ; لأنه لم يكن نبيا إلا بعد ، على أنها أول القرآن ، ولم يكن تمكن منه بعد أن كانت ثاني ما نزل . المسألة الثانية هذه ملاطفة من الكريم إلى الحبيب ; ناداه بحاله ، وعبر عنه بصفته . ومثله { قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : قم أبا تراب } ، إذ خرج مغاضبا لفاطمة ، ونام في المسجد فسقط رداؤه وأصابه ترابه . { وقوله لحذيفة يوم الخندق : قم يا نومان } .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية