الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أوه ]

                                                          أوه : الآهة : الحصبة . حكى اللحياني عن أبي خالد في قول الناس آهة وماهة : فالآهة ما ذكرناه ، والماهة الجدري . قال ابن سيده : ألف آهة واو لأن العين واوا أكثر منها ياء . وآوه وأوه ، وآووه بالمد واوين ، وأوه بكسر الهاء خفيفة ، وأوه وآه ، كلها : كلمة معناها التحزن . وأوه من فلان إذا اشتد عليك فقده ، وأنشد الفراء في أوه :


                                                          فأوه لذكراها ! إذا ما ذكرتها ومن بعد أرض بيننا وسماء



                                                          ويروى : فأو لذكراها ، وهو مذكور في موضعه ، ويروى : فآه لذكراها ؛ قال ابن بري : ومثل هذا البيت :


                                                          فأوه على زيارة أم عمرو !     فكيف مع العدا ، ومع الوشاة ؟



                                                          وقولهم عند الشكاية : أوه من كذا ، ساكنة الواو ، إنما هو توجع وربما قلبوا الواو ألفا فقالوا : آه من كذا ! وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء ، قالوا : أوه من كذا ، وربما حذفوا الهاء مع التشديد فقالوا : أو من كذا ، بلا مد . وبعضهم يقول : آوه بالمد والتشديد وفتح الواو ساكنة الهاء ، لتطويل الصوت بالشكاية . ، وقد ورد الحديث بأوه في حديث أبي سعيد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك : أوه عين الربا . قال ابن الأثير : أوه كلمة يقولها الرجل عند الشكاية والتوجع ، وهي ساكنة الواو مكسورة الهاء ، قال : وبعضهم يفتح الواو مع التشديد فيقول أوه . وفي الحديث : أوه لفراخ محمد من خليفة يستخلف . قال الجوهري : وربما أدخلوا فيه التاء فقالوا أوتاه ، يمد ولا يمد . وقد أوه الرجل تأويها وتأوه تأوها إذا قال أوه ، والاسم منه الآهة ، بالمد ، وأوه تأويها . ومنه الدعاء على الإنسان : آهة له وأوة له ، مشددة الواو ، قال : وقولهم آهة وأميهة هو التوجع . الأزهري : آه هو حكاية المتأهه في صوته ، وقد يفعله الإنسان شفقة وجزعا ؛ وأنشد :


                                                          آه من تياك آها !     تركت قلبي متاها



                                                          ، وقال ابن الأنباري : آه من عذاب الله وآه من عذاب الله وأهة من عذاب الله وأوه من عذاب الله ، بالتشديد والقصر . ابن المظفر : أوه وأهه إذا توجع الحزين الكئيب فقال آه أو هاه عند التوجع ، وأخرج نفسه بهذا الصوت ليتفرج عنه بعض ما به . قال ابن سيده : وقد تأوه آها وآهة . وتكون هاه في موضع آه من التوجع ؛ قال المثقب العبدي :


                                                          إذا ما قمت أرحلها بليل     تأوه آهة الرجل الحزين



                                                          قال ابن سيده : وعندي أنه وضع الاسم موضع المصدر أي تأوه تأوه الرجل ، قيل : ويروى تهوه هاهة الرجل الحزين . قال : وبيان القطع أحسن ، ويروى أهة من قولهم أه أي توجع ، قال العجاج :


                                                          وإن تشكيت أذى القروح     بأهة كأهة المجروح



                                                          ورجل أواه : كثير الحزن ، وقيل : هو الدعاء إلى الخير ، وقيل : الفقيه ، وقيل : المؤمن ، بلغة الحبشة ، وقيل : الرحيم الرقيق . وفي [ ص: 201 ] التنزيل العزيز : إن إبراهيم لحليم أواه منيب ، وقيل : الأواه هنا المتأوه شفقا وفرقا ، وقيل : المتضرع يقينا أي إيقانا بالإجابة ولزوما للطاعة ؛ هذا قول الزجاج ، وقيل : الأواه المسبح ، وقيل : هو الكثير الثناء . ويقال : الأواه الدعاء . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الأواه الدعاء . وقيل : الكثير البكاء . وفي الحديث : اللهم اجعلني مخبتا أواها منيبا ؛ الأواه : المتأوه المتضرع . الأزهري : أبو عمرو ظبية موءوهة ومأووهة ، وذلك أن الغزال إذا نجا من الكلب أو السهم وقف وقفة ثم قال : أوه ، ثم عدا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية