الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3375 ) مسألة ; قال : ( وغلة الدار ، وخدمة العبد ، وحمل الشاة وغيرها ، وثمرة الشجرة المرهونة ، من الرهن ) [ ص: 253 ] أراد بغلة الدار أجرها . وكذلك خدمة العبد . وجملة ذلك أن نماء الرهن جميعه وغلاته تكون رهنا في يد من الرهن في يده كالأصل . وإذا احتيج إلى بيعه في وفاء الدين ، بيع مع الأصل ، سواء في ذلك المتصل ، كالسمن والتعلم ، والمنفصل كالكسب والأجرة والولد والثمرة واللبن والصوف والشعر . وبنحو هذا قال النخعي والشعبي ، وقال الثوري وأصحاب الرأي : في النماء يتبع ، وفي الكسب لا يتبع ; لأن الكسب في حكم الكتابة والاستيلاد والتدبير ، فلا يتبع في الرهن ، كأعيان مال الراهن . وقال مالك : يتبع الولد في الرهن خاصة ، دون سائر النماء ; لأن الولد يتبع الأصل في الحقوق الثابتة ، كولد أم الولد . وقال الشافعي ، وأبو ثور وابن المنذر : لا يدخل في الرهن شيء من النماء المنفصل ، ولا من الكسب ; لأنه حق تعلق بالأصل ، يستوفى من ثمنه ، فلا يسري إلى غيره ، كحق الجناية . قال الشافعي : ولو رهنه ماشيا مخاضا ، فنتجت ، فالنتاج خارج من الرهن . وخالفه أبو ثور وابن المنذر . ومن حجتهم أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم { الرهن من راهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه } والنماء غنم ، فيكون للراهن . ولأنها عين من أعيان ملك الراهن ، لم يعقد عليها عقد رهن فلم تكن رهنا ، كسائر ماله . ولنا ، أنه حكم يثبت في العين بعقد المالك ، فيدخل فيه النماء والمنافع ، كالملك بالبيع وغيره ، ولأن ، النماء نماء حادث من عين الرهن ، فيدخل فيه ، كالمتصل ، ولأنه حق مستقر في الأم ، ثبت برضى المالك ، فيسري إلى الولد ، كالتدبير والاستيلاد . لنا على مالك أنه نماء حادث من عين الرهن ، فسرى إليه حكم الرهن كالولد . وعلى أبي حنيفة ; أنه عقد يستتبع النماء ، فاستتبع الكسب كالشراء . فأما الحديث . فنقول به ، وأن غنمه ونماءه وكسبه للراهن ، لكن يتعلق به حق الرهن ، كالأصل ، فإنه للراهن ، والحق متعلق به ، والفرق بينه وبين سائر مال الراهن ، أنه تبع ، فثبت له حكم أصله . وأما حق الجناية ، فإنه ثبت بغير رضى المالك ، فلم يتعد ما ثبت فيه ، ولأنه جزاء عدوان ، فاختص الجاني كالقصاص ، ولأن السراية في الرهن لا تفضي إلى استيفاء أكثر من دينه ، فلا يكثر الضرر فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية