الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

أسرار التكرار في القرآن

الكرماني - محمود بن حمزة الكرماني

سورة النمل

355 - قوله تبارك وتعالى : فلما جاءها نودي ، وفي القصص " 30 " ، و " طه " : " فلما أتاها نودي " ؛ لأنه قال في هذه السورة : سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس ، فكرر آتيكم ، فاستثقل الجمع بينهما وبين فلما أتاها ، فعدل إلى قوله : فلما جاءها بعد أن كانا بمعنى واحد .

وأما في السورتين فلم يكن إلا لعلي آتيكم ، و فلما أتاها .

356 - قوله : وألق عصاك ، وفي القصص : وأن ألق عصاك ؛ لأن في هذه السورة : نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم وألق عصاك ، فحيل بينهما بهذه الجملة ، فاستغنى عن إعادة " أن " .

وفي القصص : أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين وأن ألق عصاك فلم يكن بينهما جملة أخرى عطف بها على الأول ، فحسن إدخال " أن " .

357 - قوله : لا تخف ، وفي القصص : أقبل ولا تخف ؛ خصت هذه السورة بقوله : " لا تخف " ؛ لأنه [ ص: 192 ] بني على ذكر الخوف كلام يليق به ، وهو قوله : إني لا يخاف لدي المرسلون .

وفي القصص اقتصر على قوله : " لا تخف " ولم يبن عليه كلام ، فزيد قبله : أقبل ليكون في مقابلة مدبرا ، أي : أقبل آمنا غير مدبر ولا تخف . فخصت هذه السورة به .

358 - قوله : وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ، وفي القصص : اسلك يدك . خصت هذه السورة بـ " أدخل " ؛ لأنه أبلغ من قوله : اسلك ؛ لأن اسلك يأتي لازما ومتعديا ، وأدخل متعد لا غير ، ولأن في هذه السورة : في تسع آيات أي : مع تسع آيات مرسلا إلى فرعون .

وخصت القصص بقوله : اسلك موافقة لقوله : واضمم ، ثم قال : فذانك برهانان من ربك ، فكان دون الأول ، فخص بالأدنى والأقرب من اللفظين .

359 - قوله : إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين ، وفي القصص : إلى فرعون وملئه ؛ لأن الملأ أشراف القوم ، وكانوا في هذه السورة موصوفين بما وصفهم الله به من قوله : فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها ، فلم يسمهم ملأ ، بل سماهم قوما . وفي القصص لم يكونوا موصوفين بتلك الصفات فسماهم ملأ ، وعقبه : وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ، وما يتعلق بقصة موسى سوى هذه الكلمات قد سبق .

360 - قوله : وأنجينا الذين آمنوا ، وفي " حم " [ ص: 193 ] ( فصلت ) : ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون . نجينا وأنجينا بمعنى واحد ، وخصت هذه السورة بأنجينا لموافقته لما بعده وهو : فأنجيناه وأهله ، وبعده : وأمطرنا ، وأنزل . . . فأنبتنا كله على لفظ أفعل .

وخص " حم " ( فصلت ) بنجينا ؛ لموافقته ما قبله وزينا ، وبعده : قيضنا لهم ، وكله على لفظ فعلنا .

361 - قوله : وأنزل لكم قد سبق .

362 - قوله : " أإله مع الله " في خمس آيات ، وختم الأولى بقوله : بل هم قوم يعدلون . ثم قال : بل أكثرهم لا يعلمون ، ثم قال : قليلا ما تذكرون ، ثم قال : تعالى الله عما يشركون ، ثم قال : إن كنتم صادقين ، أي : عدلوا إلى الذنوب ، وأول الذنوب : العدل عن الحق ، ثم لم يعلموا ، لو علموا ما عدلوا ، ثم لم يذكروا فيعلموا بالنظر والاستدلال ، فأشركوا عن غير حجة وبرهان ، قل لهم يا محمد : هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين .

363 - قوله : ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ، وفي الزمر : فصعق . خصت هذه السورة بقوله : ففزع موافقة لقوله : وهم من فزع يومئذ آمنون ، وخصت الزمر بقوله : فصعق موافقة لقوله : وإنهم ميتون ؛ لأن معناه : مات .

التالي السابق


الخدمات العلمية