الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أيه ]

                                                          أيه : إيه : كلمة استزادة واستنطاق ، وهي مبنية على الكسر ، وقد تنون . تقول للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل : إيه ، بكسر الهاء . وفي الحديث : أنه أنشد شعر أمية بن أبي الصلت فقال عند كل بيت إيه ؛ قال ابن السكيت : فإن وصلت نونت فقلت إيه حدثنا ، وإذا قلت إيها بالنصب فإنما تأمره بالسكوت ، قال الليث : هيه وهيه ، بالكسر والفتح ، في موضع إيه وإيه . ابن سيده : وإيه كلمة زجر بمعنى حسبك ، وتنون فيقال إيها . وقال ثعلب : إيه حدث ؛ وأنشد لذي الرمة :


                                                          وقفنا فقلنا : إيه عن أم سالم ! وما بال تكليم الديار البلاقع ؟



                                                          أراد حدثنا عن أم سالم ، فترك التنوين في الوصل واكتفى بالوقف ؛ قال الأصمعي : أخطأ ذو الرمة إنما كلام العرب إيه ، قال يعقوب : أراد إيه فأجراه في الوصل مجراه في الوقف ، وذو الرمة أراد التنوين ، وإنما تركه للضرورة ؛ قال ابن سيده : والصحيح أن هذه الأصوات إذا عنيت بها المعرفة لم تنون ، وإذا عنيت بها النكرة نونت ، وإنما استزاد ذو الرمة هذا الطلل حديثا معروفا ، كأنه قال حدثنا الحديث أو خبرنا الخبر ، قال بعض النحويين : إذا نونت فقلت إيه فكأنك قلت استزادة ، كأنك قلت هات حديثا ما ، لأن التنوين تنكير ، وإذا قلت إيه فلم تنون فكأنك قلت الاستزادة ، فصار التنوين علم التنكير وتركه علم التعريف ؛ واستعار الحذلمي هذا للإبل فقال :


                                                          حتى إذا قالت له إيه إيه



                                                          وإن لم يكن لها نطق كأن لها صوتا ينحو هذا النحو . قال ابن بري : قال أبو بكر السراج في كتابه الأصول في باب ضرورة الشاعر حين أنشد هذا البيت : فقلنا إيه عن أم سالم ، قال : وهذا لا يعرف إلا منونا في شيء من اللغات ، يريد أنه لا يكون موصولا إلا منونا . أبو زيد : تقول في الأمر إيه افعل ، وفي النهي : إيها عني الآن وإيها كف . وفي حديث أصيل الخزاعي حين قدم عليه المدينة فقال له : كيف تركت مكة ؟ فقال : تركتها ، وقد أحجن ثمامها وأعذق إذخرها وأمشر سلمها ، فقال : إيها أصيل دع القلوب تقر أي كف واسكت . الأزهري : لم ينون ذو الرمة في قوله إيه عن أم سالم ، قال : لم ينون وقد وصل لأنه نوى الوقف ، قال : فإذا أسكته وكففته قلت إيها عنا ، فإذا أغريته بالشيء قلت ويها يا فلان ، فإذا تعجبت من طيب شيء قلت واها ما أطيبه ! وحكي أيضا عن الليث : إيه وإيه في الاستزادة والاستنطاق وإيه وإيها في الزجر ، كقولك إيه حسبك وإيها حسبك ؛ قال ابن الأثير : وقد ترد المنصوبة بمعنى التصديق والرضا بالشيء . ومنه حديث ابن الزبير لما قيل له يابن ذات النطاقين فقال : إيها والإله أي صدقت ورضيت بذلك ، ويروى : إيه ، بالكسر ، أي زدني من هذه المنقبة ، وحكى اللحياني عن الكسائي : إيه وهيه ، على البدل ، أي حدثنا . الجوهري : إذا أسكته وكففته قلت إيها عنا ؛ وأنشد ابن بري قول حاتم الطائي :


                                                          إيها ، فدى لكم أمي وما ولدت !     حاموا على مجدكم ، واكفوا من اتكلا



                                                          الجوهري : إذا أردت التبعيد قلت أيها ، بفتح الهمزة ، بمعنى هيهات ؛ وأنشد الفراء :


                                                          ومن دوني الأعيار والقنع كله     وكتمان أيها ما أشت وأبعدا



                                                          والتأييه : الصوت ، وقد أيهت به تأييها : يكون بالناس والإبل . وأيه بالرجل والفرس : صوت ، وهو أن يقول لها ياه ياه ؛ كذا حكاه أبو عبيد ، وياه ياه من غير مادة أيه . والتأييه : دعاء الإبل ؛ وأنشد ابن بري لرؤبة :


                                                          بحور لا مسقى ولا مؤيه



                                                          وأيهت بالجمال إذا صوت بها ودعوتها . وفي حديث أبي قيس الأودي : أن ملك الموت - عليه السلام - قال إني أؤيه بها كما يؤيه بالخيل فتجيبني ، يعني الأرواح . قال ابن الأثير : أيهت بفلان تأييها إذا دعوته وناديته كأنك قلت له يا أيها الرجل ؛ وفي ترجمة عضرس :


                                                          محرجة حصا كأن عيونها     إذا أيه القناص بالصيد عضرس



                                                          أيه القانص بالصيد : زجره . وأيهان : بمعنى هيهات كالتثنية ؛ حكاه ثعلب . يقال : أيهان ذلك أي بعيد ذلك . وقال أبو علي : معناه بعد ذلك فجعله اسم الفعل ، وهو الصحيح لأن معناه الأمر . وأيها ، بفتح الهمزة : بمعنى هيهات ، ومن العرب من يقول : أيهات بمعنى هيهات .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية