الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
قال في الإقناع والمنتهى وغيرهما : وتشميت العاطس إذا حمد فرض كفاية كرد السلام إن كانوا جماعة وإلا ففرض عين . وفي صحيح البخاري { إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب } وذلك لأن العطاس يدل على خفة بدن ونشاط ، والتثاؤب غالبا لثقل البدن وامتلائه واسترخائه فيميل إلى الكسل ، فأضافه إلى الشيطان ; لأنه يرضيه ، ومن تسببه لدعائه إلى الشهوات ، يعني يشير إلى ما رواه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم أنه صلى الله عليه وسلم قال { إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا تثاءب أحدكم [ ص: 443 ] فليرده ما استطاع ولا يقل : هاه هاه فإن ذلك من الشيطان يضحك منه } ورواه البخاري بلفظ { إذا تثاءب أحدكم في الصلاة } .

وروى النسائي وهو حسن كما في الآداب لابن مفلح { العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان فإن لم يحمد الله لم يشمته } وهذا مفهوم من قول الناظم لتحميده فإنه جعل علة التشميت الحمد فإذا لم يحمد لم يشمت .

وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال { عطس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر ، فقال له الرجل : يا رسول الله شمت فلانا ولم تشمتني ، فقال : إن هذا حمد الله تبارك وتعالى وإنك لم تحمد } . وقال عليه الصلاة والسلام { إذا عطس أحدكم فحمد الله تعالى فشمتوه ، فإن لم يحمد الله تعالى فلا تشمتوه } رواه مسلم .

وقال يحيى بن أبي كثير عن بعضهم حق على الرجل إذا عطس أن يحمد الله تعالى وأن يرفع صوته وأن يسمع من عنده ، وحق عليهم أن يشمتوه . انتهى .

فإن شمت من لم يحمد كره . فإن عطس وهو بعيد عنه فسمع العطاس ولم يسمع قوله الحمد لله ولم يعلم أحمد الله أم لا قال يرحمك الله إن كنت حمدت الله .

قال مكحول : كنت إلى جنب ابن عمر فعطس رجل من ناحية المسجد فقال يرحمك الله إن كنت حمدت الله . فإن عطس فحمد ولم يشمته أحد فسمعه من بعد عنه شرع له أن يشمته حتى يسمعه .

وقد أخرج ابن عبد البر بسند جيد عن أبي داود صاحب السنن أنه كان في سفينة فسمع عاطسا على الشط حمد ، فاكترى قاربا بدرهم حتى جاء إلى العاطس فشمته ثم رجع ، فسئل عن ذلك فقال : لعله يكون مجاب الدعوة . فلما رقدوا سمعوا قائلا يقول : يا أهل السفينة إن أبا داود اشترى الجنة من الله بدرهم . ذكر ذلك ابن حجر في شرح البخاري .

التالي السابق


الخدمات العلمية