الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يخادعون الله .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس: كان عبد الله بن أبي ، ومعتب بن قشير ، والجد بن القيس; إذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا ، ونشهد أن صاحبكم صادق ، فإذا خلوا لم يكونوا كذلك ، فنزلت هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      فأما التفسير ، فالخديعة: الحيلة والمكر ، وسميت خديعة ، لأنها تكون في خفاء .

                                                                                                                                                                                                                                      والمخدع: بيت داخل البيت تختفي فيه المرأة ، ورجل خادع: إذا فعل الخديعة ، سواء حصل مقصوده أو لم يحصل ، فإذا حصل مقصوده قيل: قد خدع . وانخدع الرجل: استجاب للخادع ، سواء تعمد الاستجابة أو لم يقصدها ، والعرب تسمي الدهر خداعا ، لتلونه بما يخفيه من خير وشر .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي معنى خداعهم الله خمسة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنهم كانوا يخادعون المؤمنين ، فكأنهم خادعوا الله . روي عن ابن عباس; واختاره ابن قتيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنهم كانوا يخادعون نبي الله فأقام الله نبيه مقامه كما قال: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله [ الفتح: 10 ] ، قاله الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 30 ] والثالث: أن الخادع عند العرب: الفاسد . وأنشدوا:


                                                                                                                                                                                                                                      [أبيض اللون لذيذ طعمه ] طيب الريق إذا الريق خدع .



                                                                                                                                                                                                                                      أي: فسد . رواه محمد بن القاسم عن ثعلب عن ابن الأعرابي . قال ابن القاسم: فتأويل يخادعون الله: يفسدون ما يظهرون من الإيمان بما يضمرون من الكفر .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: أنهم كانوا يفعلون في دين الله ما لو فعلوه بينهم كان خداعا .

                                                                                                                                                                                                                                      والخامس: أنهم كانوا يخفون كفرهم ويظهرون الإيمان به .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية