الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ذفر ]

                                                          ذفر : الذفر - بالتحريك - والذفرة جميعا : شدة ذكاء الريح من طيب أو نتن ، وخص اللحياني بهما رائحة الإبطين المنتنين ؛ وقد ذفر - بالكسر - يذفر فهو ذفر وأذفر ، والأنثى ذفرة وذفراء ، وروضة [ ص: 34 ] ذفرة ومسك أذفر : بين الذفر ، وذفر ، أي : ذكي الريح ، وهو أجوده وأقرته . وفي صفة الحوض : وطينه مسك أذفر ، أي : طيب الريح . والذفر بالتحريك : يقع على الطيب والكريه ، ويفرق بينهما بما يضاف إليه ويوصف به ؛ ومنه صفة الجنة وترابها : مسك أذفر .

                                                          وقال ابن الأعرابي : الذفر النتن ، ولا يقال في شيء من الطيب ذفر إلا في المسك وحده . قال ابن سيده . وقد ذكرنا أن الدفر - بالدال المهملة - في النتن خاصة ، والذفر : الصنان وخبث الريح ، رجل ذفر وأذفر وامرأة ذفرة وذفراء ، أي : لهما صنان وخبث ريح . وكتيبة ذفراء ، أي : أنها سهكة من الحديد وصدئه ؛ وقال لبيد يصف كتيبة ذات دروع سهكت من صدأ الحديد :


                                                          فخمة ذفراء ترتى بالعرى قردمانيا وتركا كالبصل



                                                          عدى " ترتى " إلى مفعولين ؛ لأن فيه معنى تكسى ، ويروى دفراء ؛ وقال آخر :


                                                          ومئولق أنضجت كية رأسه     فتركته ذفرا كريح الجورب



                                                          وقال الراعي وذكر إبلا رعت العشب وزهره ، ووردت فصدرت عن الماء ، فكلما صدرت عن الماء نديت جلودها وفاحت منها رائحة طيبة ، فيقال لذلك فأرة الإبل ، فقال الراعي :


                                                          لها فأرة ذفراء كل عشية     كما فتق الكافور بالمسك فاتقه



                                                          وقال ابن أحمر :


                                                          بهجل من قسا ذفر الخزامى     تداعى الجربياء به حنينا



                                                          أي : ذكي ريح الخزامى : طيبها . والذفرى من الناس ومن جميع الدواب : من لدن المقذ إلى نصف القذال ، وقيل : هو العظم الشاخص خلف الأذن ، بعضهم يؤنثها وبعضهم ينونها إشعارا بالإلحاق ، قال سيبويه : وهي أقلهما . الليث : الذفرى من القفا هو الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن ، وهما ذفريان من كل شيء . الجوهري : يقال هذه ذفرى أسيلة ؛ لا تنون ؛ لأن ألفها للتأنيث ، وهي مأخوذة من ذفر العرق ؛ لأنها أول ما تعرق من البعير .

                                                          وفي الحديث : فمسح رأس البعير وذفراه ؛ ذفرى البعير : أصل أذنه ، والذفرى مؤنثة وألفها للتأنيث أو للإلحاق ، ومن العرب من يقول هذه ذفرى فيصرفها كأنهم يجعلون الألف فيها أصلية ، وكذلك يجمعونها على الذفارى ، وقال القتيبي : هما ذفريان ، والمقذان وهما أصول الأذنين وأول ما يعرق من البعير . وقال شمر : الذفرى عظم في أعلى العنق من الإنسان عن يمين النقرة وشمالها ، وقيل : الذفريان الحيدان اللذان عن يمين النقرة وشمالها . والذفر من الإبل : العظيم الذفرى ، والأنثى ذفرة ، وقيل : الذفرة النجيبة الغليظة الرقبة . أبو عمرو : الذفر العظيم من الإبل . أبو زيد : بعير ذفر - بالكسر مشدد الراء - ، أي : عظيم الذفرى ، وناقة ذفرة وحمار ذفر ، وذفر : صلب شديد - والكسر أعلى - . والذفر أيضا : العظيم الخلق . قال الجوهري : الذفر الشاب الطويل التام الجلد . واستذفر بالأمر : اشتد عزمه عليه وصلب له ؛ قال عدي بن الرقاع :


                                                          واستذفروا بنوى حذاء تقذفهم     إلى أقاصي نواهم ساعة انطلقوا



                                                          وذفر النبت : كثر ؛ عن أبي حنيفة ، وأنشد :


                                                          في وارس من النجيل قد ذفر

                                                          وقيل لأبي عمرو بن العلاء : الذفرى من الذفر ؟ قال : نعم ؛ والمعزى من المعز ؟ فقال : نعم ؛ بعضهم ينونه في النكرة ويجعل ألفه للإلحاق بدرهم وهجرع ؛ والجمع ذفريات وذفارى - بفتح الراء - وهذه الألف في تقدير الانقلاب عن الياء ، ومن ثم قال بعضهم : ذفار ؛ مثل صحار . والذفراء : بقلة ربعية دشتية تبقى خضراء حتى يصيبها البرد ، واحدتها ذفراءة ، وقيل : هي عشبة خبيثة الريح لا يكاد المال يأكلها ، وفي المحكم : لا يرعاها المال ؛ وقيل : هي شجرة يقال لها عطر الأمة ، وقال أبو حنيفة : هي ضرب من الحمض وقال مرة : الذفراء عشبة خضراء ترتفع مقدار الشبر مدورة الورق ذات أغصان ولا زهرة لها وريحها ريح الفساء تبخر الإبل وهي عليها حراص ، ولا تتبين تلك الذفرة في اللبن ، وهي مرة ، ومنابتها الغلظ ؛ وقد ذكرها أبو النجم في الرياض فقال :


                                                          تظل حفراه من التهدل     في روض ذفراء ورعل مخجل



                                                          والذفرة : نبتة تنبت وسط العشب ، وهي قليلة ليست بشيء تنبت في الجلد على عرق واحد ، لها ثمرة صفراء تشاكل الجعدة في ريحها . والذفراء : نبتة طيبة الرائحة . والذفراء : نبتة منتنة . وفي حديث مسيره إلى بدر : أنه جزع الصفراء ثم صب في ذفران ؛ وهو بكسر الفاء ، واد هناك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية