الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 469 ] كتاب الشركة

                                                                                                                                            تحريت فيها مذهب الشافعي رحمة الله عليه .

                                                                                                                                            مسألة : قال المزني رضي الله عنه : " الشركة من وجوه منها الغنيمة أزال الله عز وجل ملك المشركين عن خيبر فملكها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وكانوا فيه شركاء فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أجزاء ثم أقرع بينها فأخرج منها خمس الله تبارك وتعالى لأهله وأربعة أخماسها لأهلها ( قال المزني ) وفي ذلك دليل على قسم الأموال والضرب عليها بالسهام ومنها المواريث ومنها الشركة في الهبات والصدقات في قوله ومنها التجارات وفي ذلك كله القسم إذا كان مما يقسم وطلبه الشريك ومنها الشركة في الصدقات المحرمات في قوله وهي الأحباس ولا وجه لقسمها في رقابها لارتفاع الملك عنها ، فإن تراضوا من السكنى سنة بسنة فلا بأس " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : والأصل في إحلال الشركة وإباحتها الكتاب والسنة .

                                                                                                                                            فأما الكتاب فقوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل [ الأنفال : 41 ] فجعل الله تعالى خمس الغنائم مشتركة بين أهل الخمس وجعل الباقي مشتركا بين الغانمين لأنه لما أضاف المال إليهم وبين الخمس لأهله علم أن الباقي لهم كما قال وورثه أبواه فلأمه الثلث [ النساء : 11 ] دل على أن الباقي بعد الثلث للأب ، وقال تعالى : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين [ النساء : 11 ] فجعل التركة شركة بين الورثة .

                                                                                                                                            وقال تعالى : إنما الصدقات للفقراء والمساكين [ التوبة : 60 ] الآية فجعل أهل السهام شركاء في الصدقات ، وقال تعالى : وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض [ ص : 24 ] يعني الشركاء .

                                                                                                                                            وأما السنة فروى الشافعي عن مسلم بن خالد عن عبد الله بن عثمان عن مجاهد عن السائب بن أبي السائب وكان يشارك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية قال : فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : مرحبا بأخي لا يداري ولا يماري [ ص: 470 ] ، ثم قال : كم يا سائب كنت تعمل في الجاهلية أعمالا لا تقبل منك وهي اليوم تقبل ، وكان ذا سلف وصدقة .

                                                                                                                                            وروى إبراهيم بن ميسرة عن مجاهد أن قيس بن السائب قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شريكي في الجاهلية وكان خير شريك لا يداري ولا يماري .

                                                                                                                                            وروى أبو حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله تعالى يقول : أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه ، فإن خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما .

                                                                                                                                            وروى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا .

                                                                                                                                            وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم شرك بين أصحابه في سهام خيبر وفي الأزواد في السفر ، واشترك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي في أزوادهم يخلطونها في سفرهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية